احتفل شعبنا اليمني العظيم يوم الأحد المنصرم بالعيد الواحد والأربعين للاستقلال الوطني المجيد الذي تحقق لشعبنا اليمني في ال 03 من نوفمبر عام 7691م بعد مائة وثمانية وعشرين عاماً وعشرة أشهر وأحد عشر يوماً من الاحتلال البريطاني للجزء الجنوبي من الوطن الذي وطأت أقدام جنوده ساحل صيرة بمدينة كريتر بمحافظة عدن في 91 يناير 9381م رغم المقاومة الباسلة التي أبداها سكان عدن والذي كان يبلغ عددهم آنذاك خمسمائة شخص ورغم عددهم القليل إلا أنهم صمدوا في مواجهة ما يربو عن ألفي جندي بريطاني مسلح بأحدث الأسلحة.. وطوال فترة الاحتلال لم تهدأ المقاومة للوجود الاستعماري البريطاني من قبل اليمنيين رغم قيام سلطات الاحتلال بانتهاج سياسة «فرق تسد» وعملت على دعم قيام كيانات صغيرة تحت مسمى سلطنات ومشيخات بلغت اثنتين وعشرين مشيخة وسلطنة كل واحدة منها دولة بذاتها لها نظامها الخاص وجيش وعلم خاص بها وعمل الاستعمار على تكبيل هذه السلطنات والمشيخات باتفاقيات تحت مسمى «المحميات الشرقية والغربية». بقيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام 2691م التي قضت على الحكم الإمامي الكهنوتي وأعلنت النظام الجمهوري بدأ عهد جديد للشعب كله على امتداد خارطة الوطن الواحد فقد أكدت في هدفها الأول على «التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل» حيث مهدت الطريق لانطلاق شرارة ثورة 41 أكتوبر عام 3691م من قمم جبال ردفان الشماء بقيادة الشهيد البطل راجح غالب لبوزة والذي كان قد هب مع عدد من المقاتلين من أبناء ردفان والضالع للدفاع عن ثورة ال 62 من سبتمبر التي واجهت هجمة شرسة للقضاء عليها منذ لحظة انطلاقها،حيث شارك في معارك الدفاع عن النظام الجمهوري الوليد في جبال المحابشة وقرر العودة إلى منطقته في ردفان بمحافظة الضالع مع المجاميع التي كانت معه لقيادة الثورة ضد الاستعمار الذي كان قد وقف ضد ثورة 62 سبتمبر منذ اللحظة الأولى لانطلاقها لشعوره بأن شرارتها ستمتد لتحرر كل أرجاء الوطن اليمني من الظلم والاستبداد الإمامي والسلاطيني والاستعماري البغيض. كان يوم الرابع من أكتوبر 3691م هو اليوم الذي بدأ فيه العد التنازلي لبقاء الاستعمار البريطاني على أرض وطننا الحبيب فقاد الشهيد لبوزة ورفاقه أول معارك الثورة ضد قوات الاحتلال البريطاني وكان أول شهدائها.. تعاملت سلطات الاحتلال مع الثورة على أنها مجرد تمرد قبلي سرعان ما سوف يتم قمعه كبقية الانتفاضات التي كانت تتم طوال السنوات السابقة منذ أن وطأت أقدام المستعمرين أرض الوطن، ولكن الأيام أثبتت أن الثورة تزداد عنفواناً وشعلتها تزداد توهجاً وشرارتها تزداد انتشاراً حتى وصلت إلى مدينة عدن مقر الإدارة الاستعمارية والتي كانت محصنة بسياج كبير من القوات والعتاد العسكري التي يصعب اختراقها واستطاع الثوار اختراق كل التحصينات والقيام بالعمليات الفدائية التي زلزلت الأرض تحت أقدام المستعمرين وحولت حياتهم إلى جحيم لايطاق.. وبعد أربع سنوات من الكفاح المسلح وحرب التحرير الذي اشترك فيها كل أبناء الشعب اليمني قررت حكومة الامبراطورية التي كانت لاتغيب عنها الشمس أن ترحل من أرض اليمن لتغرب شمسها عن عدن وكل شبر من الجزء الجنوبي والشرقي من الوطن فكان يوم ال 03 من نوفمبر 7691م هو انتصار الشعب اليمني على أكبر امبراطورية في العالم آنذاك ومثل رحيلها من عدن بداية لزوال مستعمراتها في كثير من البلدان التي كانت تمثلها. لم يقتصر نصر الثورة على إعلان الاستقلال وحسب بل كان أيضاً نصراً على التجزئة والكيانات الصغيرة حيث تم توحيد كل السلطنات والمشيخات في كيان واحد أسمي آنذاك «جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية» لتبدأ مرحلة تاريخية جديدة في حياة شعبنا اليمني والعمل صوب تحقيق أغلى أهداف الثورة اليمنيه 62 سبتمبر و41 أكتوبر والمتمثل بإعادة وحدة الوطن اليمني أرضاً وإنساناً وهو ما تم تحقيقه في 22 مايو 0991م. بفضل تلك الجهود الوطنية المخلصة والصادقة التي بذلت من قبل كل المناضلين الوحدويين وفي مقدمتهم فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح الذي كرس كل جهوده لتحقيق هذا المنجز التاريخي العظيم ونال شرف رفع علم اليمن الواحد والدفاع عن الوحدة حينما تعرضت لمؤامرات القضاء عليها عام 4991م. إن انتصار ال 03 من نوفمبر 7691هو انتصار للشعب اليمني وللأمة العربية جمعاء، فقد مثل رداً قوياً على النكسة التي أصيبت بها الأمة في الخامس من حزيران يونيو 7691م جراء العدوان الإسرائيلي واحتلال كل أراضي فلسطين وشبه جزيرة سيناء بمصر وهضبة الجولان في سوريا وجنوب لبنان ومثل أيضاً بارقة أمل للشعوب العربية لمواصلة النضال لتحرير كل الأراضي من دنس الاستعمار الأجنبي.