على أنغام أحداثٍ عام كامل بعضها مؤلمة وحزينة وأخرى مفرحة وسعيدة تبعث في نفوسنا نور الأمل وتداعب فينا لواعج التفاؤل في غدٍ أفضل نحو الاستقرار الشامل للأوضاع العامة ومع إنسجامنا في آخر معزوفة من سيمفونية سنة مضت نتنفس هوائها في ساعاتها الأخيرة نودع بها عام 2012م ونطوي آخر صفحة من مجلد ذكرياته, بوصفٍ موجز عن أحداث السنة الماضية, وتجسيداً لما أفرزته تحديات عام واحد من ثورات الربيع العربي تلتها حكومات شرعية أستورثت حكمها وإدارة شؤونها من الأنظمة السابقة والدكتاتوريات التي هزت ودكت عروشها ثورات شبابية سلمية ألهبت نيرانها عقوداً من الإنحراف عن المسار الصحيح للدول المدنية والديمقراطية لتتحول إلى أنظمة مستبدة إنتهجت ثقافة تكميم الأفواه ومصادرة الحقوق والحريات والتنكيل والسجن والتعذيب والقتل سكبت في نفوس الشعوب سيلاً عارماً وهمّاً متفاقماً وكبتاً متراكماً ظل حبيس الصدور حتى فجرتها صرخة محمد البوعزيزي قبل نحو عامين في تونس بشرارة إشعاله النار في نفسه قهراً على حالة الإمتهان والجور من أنظمة لم ترحم شعوبها ولو في الحد الأدنى لطلب لقمة العيش وإفتراش الشارع في أبسط سبل العمل الشريف. * ومن تونس تندلع براكين تطيح بحكام جائرين في دول عربية أخرى أستحوذوا لأنفسهم ولعائلاتهم بالسلطة والثروة وتركوا الشعوب تجوع وتعاني الأمرين, مرارة الفقر ومرارة القهر, تنجح هذه الثورات بمباركة سماوية وتوفيق من الله عز وجل, لتأتي بعدها أنظمة أستمدت شرعيتها من إرادة شعوبها رسمت خطواتها الفعلية في السلطة طيلة العام الماضي, ونتاج طبيعي لمخاض عسير لهذه الثورات في صراع مستميث من أجل البقاء داخل أسوار أوطان تنعم برغد الحرية وفي كنف العدالة الإجتماعية تحت مبدأ حكم الدولة الرشيدة والتداول السلمي للسلطة وحرية التعبير وتحسين الوضع المعيشي وإيجاد فرص عمل للشباب, هذه هي أهداف الثورات التي من أجلها سفكت الدماء وقدمت قوافل الشهداء, ونحن نودع عام فائت بإيجابياته وسلبياته تحت معيار المفاضلة بين ماهو أفضل فيما حققناه وماهو سيء تجاوزناه لتقييم النسب المئوية لإستكمال نتائج عملنا خلال حولاٌ كاملاً بأيامه ال360 أكتملت به المشهد خلال سنة مابعد الثورة السلمية وتوضحت للمراقب إتساع أفقٌ على مدى بصيرة الناظر العادي وترقباً لما ستفضي عنه أحداثٍ تنبري فيها شمس التفاؤل وتنير لنا دروب الخير والعطاء والشراكة وتنمية مستدامة في نواحي متعددة لنحقق المتطلبات الأساسية للحياة الكريمة والعيش الرغيد. * عام جديد 2013م,, نستقبله في بلادنا في أول أيامه في غمرة اللهث والتسابق المحموم في ميراثون يشترك في مضماره جميع القوى وألوان الطيف الاجتماعي ومختلف الشرائح لشعب متطلع يحمل بين جنباته آمالاً كبيرة يصبوا لتحقيقها على ميدان الحياة العامة سنة بعد سنة, لعلنا في هذه السنة الجديدة ننجح في تلبية كل مقاضينا وكلٍ على قدر حاجته وفي مسعاه بأملٍ يملئ حياتنا إشراقاً وبهاءاً, ترتسم بصماتنا بوضوح على أولى صفحات عام أطل بوجهاً باسماً ليفتح لنا مشهداً جديداً لمشاهد درامية تدوّن بصبغة التاريخ الميلادي حتى نواكب شعوب العالم بحساب تاريخي مشترك, وعيون الساسة الدوليين في ترقب مستمر لما يعتمل في بلادنا من تحضيرات حثيثة لإنعقاد المؤتمر الوطني للحوار الشامل بين كل القوى والأطراف السياسية لحلحلت كل القضايا التي أزمت المرحلة الإنتقالية وتداعياتها على حياة الملايين, والخروج برؤية وطنية واضحة وإنهاء فصلاً آخر في السنة الجديدة حتى ندلف في البند التالي من بنود المبادرة الخليجية. * وفي هذه الليلة من رأس السنة وإحتفال العالم بإغلاق دفتر ذكريات لأحداث سنة منصرمة ووضعها في أرشيف الماضي, يهل علينا العام الجديد خلسة ونحن نستذكر قول الشاعر: "الزمن ماتغيّر بس.. أهل الزمن ويلاه متغيرين", أناس يولدون وأناسٌ يرحلون, ومع ذلك تستمر عجلة الحياه, ويحذونا الأمل في كل ماهو جديد نتغير معه ونغير به طرق وأساليب تعاملاتنا, ومما لا غبار عليه أن الخير موجود والشر موجود وهذه معادلة إلهية وسنة الله في خلقه, نؤمن بها ونستشف منها العبر والعظات, ونتعلم كيف ننمي الخير في دواخلنا ونزرعه من خلال نصائحنا لأنفسنا وللآخرين ونقاوم الشر وننبذه ونطرده من نزعاتنا وأنانيتنا وحقدنا وكل فعلٍ مذموم, ونحاربه بكل ما أوتينا من قوة حتى نجفف منابعه في ذواتنا وفي نفسيات وعقول غيرنا غير مكترثين بميزان القوة والضعف,, وأكيد ثم أكيد طبعاً,, إننا سننجح دوماً بإتباعنا مسارٍ مرسوم ببوصلة الحق والباطل نحدد بها الإتجاه الصحيح ونحدث تغييراً قوياً في عالمنا وواقعنا, " فلا الحق مهزوم ولا الباطل يدوم ", وعلى هذا المنوال والدنيا بأسرها تستقبل عامها الجديد 2013م, فعيوننا تدمع حزناً وقلوبنا تتفطر ألماً مع قلق متنامي في شعورنا بأسف بالغ نحذّق يومياً في شاشات التلفاز لنتابع بشغف كبير لربيع عربي لم تتضح ملامحه ومئات القتلى يستشهدون يومياً من أخواننا في سوريا الشقيقة وقلوبنا مكلومه على بلوغ موتاهم رحمة الله عليهم جميعا وأسكنهم جناته قرابة 50ألف شهيداً وأضعاف العدد من الجرحى والمفقودين والسجناء بلا شك أنهم يستقبلون عامهم الجديد على ترنيمات البنادق وأصوات المدافع والدبابات يقابله تصريحات للدبلوماسية الأممية في تخادل غير مسبوق للمجتمع الدولي تجاه نصرتهم لينالوا حقهم المشروع. * وأخيراً مثلما بدأنا ,, أهلاً وسهلاً بالعام الميلادي الجديد 2013م أملٌ جديد وتفاؤلٌ جديد.. وكل عام والجميع بألف خير,,,