(رمتني بدائها وانسلت) هكذا قالت العرب قديما واصفة حال من يلقي عيبه على الناس ويتهمهم, هذا ما لخصتُه من خلال تلك القصاصة الموسومة ( حضرموت وسلفية ما بعد السلطان ) لبارفيد, ولا أعرف بارفيد هذا, ولكن من مقاله كشف كنهه, إصلاحي حضرمي, ولست بمن يقف عند الأشخاص كثيرا, بقدر ما يستهويني المسطور. وما سطرته يد بارفيد عبارة عن حالة غثيان أصابت إخواننا الإصلاحيين, جراء ردة الفعل الأخيرة ضد تصرفاتهم التي تتسم بالغباء وعدم تقدير الأمور والظروف والأحوال, فهم يريدون أن يقنعوننا بمولودهم الثوري الذي أصابه الكساح مبكرا ( مجلس شباب الثورة), وعبثا يحاولون علاجه وتطبيبه. لا غرابة أبدا من كمية القيء التي قاءها بارفيد في رقعته تلك, وأراد بها محو دسيسة وخسيسة مجلسهم المدلل, لن تنسينا ترقيعات بارفيد تلك, فجيعة عدن التي أشعل فتيل نارها ربيب الإصلاح المعتوه, وكعادتهم وهو ما يتقنونه جيدا وبارعون فيه -واسأل به خبيرا- التنصل ورمي التهم على الآخرين, ولا أحد أقرب لذلك من السلفيين, لأن الإصلاحيين يعلمون جيدا أن السلفيين أكثر تعقلا وتوازنا منهم, وأكثر محافظة على المصلحة العامة للأمة منهم, فلهذا فهم يأمنون من جانبهم, ويعلمون أنهم كم تحملوا من التطاول والحمق الإصلاحي, وكم غضوا الطرف عن تجاوزاتهم ورمي التهم عليهم, لأن المنهج السلفي يقوم على مراعاة المصالح وجلبها ودفع المفاسد ودرئها, وهي قاعدة قد نسيتها وتجاهلتها عجائز الإصلاح السياسية, وتركوها خلفهم ظهريا, وليس اللوم على الإصلاح بقدر ما هو على السلفيين الذين رضوا بأن يقوموا بدور المرقع لمثالب وحماقات تلك العجائز. لن تكون هذه آخر مفاجئات الإصلاحيين, لازال في جعبتهم الكثير, لأن سياستهم شبت على العنتريات الجوفاء هنا وهناك غير المدروسة ولا المحسوبة, وهي تفتقد تماما لميزان المصلحة والمفسدة الشرعية, ومراعاة مصالح الأمة. وما ذكره بارفيد كلاما مرقّعا, دفعته الحمية الإصلاحية, ودافعه الانتصار لحماقات عجائزهم في صنعاء, لم يأتي بجديد سوى التهكم بحديث المصطفى –صلى الله عليه وسلم- وكفى بها من طامة ورزية, ولكنها عادة إصلاحية أخزمية نعرفها منهم. لقد لعبت السياسة بعقولهم حتى سوغت لهم كل ما كان ممنوعا وخطا أحمرا, وارتفع سقفهم كثيرا حتى باتوا بلا سقف شرعي يضبط حركتهم, وبلا قاعدة شرعية يقفوا عليها, وصدقت فيهم مقولة صاحب كتاب ( سر المعبد) وهو قيادي إخواني منشق عنهم :( جماعة ظلت طريقها بالسياسة زعمت أنها تريد أن تصلح السياسة بالدين فأفسدت دينها بالسياسة) وانصح أخي بارفيد بقراءته ففيه ما تشيب له الرؤوس. أظن أنكم أكثر منا بحثا عن البوصلة, ومنذ زمن لم تهتدوا إليها, لهذا جاءت مواقفكم وسياسياتكم تعكس حالة الإفلاس الشرعي, وخاصة عندما أقصيتم العلماء الشرعيين, وتربع على موضع القرار فيكم تيار العقلانية والحداثة. هذا حديث النبي –صلى الله عليه وسلم- لعلك لم تُطعَّم منه غير عبارة ( جلد ظهرك وأخذ مالك) بدون فقه وتفهّم, أو ربما لم تعلم أنه حديث نبوي, وخُيّل لك أنها إحدى عبارات مفكري الغرب: عن حذيفةَ، قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! أَيَكونُ بعد هذا الخيرِ شَرٌّ، كما كان قبلَه شَرٌّ ؟ قال : نعم، قلتُ : فما العِصْمَةُ ؟ ! قال : السَّيْفُ، قلتُ : وهل بعد السيفِ بَقِيَّةٌ ؟ ! قال : نعم، تكونُ إمارةٌ على أَقْذَاءٍ، وهُدْنَةٌ على دَخَنٍ، قلت : ثم ماذا ؟ ! قال : ثم تَنْشَأُ دُعاةُ الضلالِ، فإن كان للهِ في الأرضِ خليفةٌ جَلَد ظَهْرَكَ، وأخذ مالَكَ ؛ فأَطِعْهُ ؛ وإلا فَمْتُ وأنت عاضٌّ على جِذْلِ شجرةٍ، قلتُ : ثم ماذا ؟ ! قال : ثم يَخْرُجُ الدَّجَّالُ بعد ذلك معه نهرٌ ونارٌ، فمن وقع في نارِهِ ؛ وجب أَجْرُهُ، وحُطَّ وِزْرُهُ، ومن وقع في نهرِهِ ؛ وجب وِزْرُهُ، وحُطَّ أَجْرُهُ، قال : ثم ماذا ؟ ! قال : ثم يُنْتَجُ المُهْرُ، فلا يُرْكَبُ حتى تقومَ الساعةُ) صححه المحدث الألباني في تخريجيه لمشكاة المصابيح. أوصيك بأن ترجع لبطون كتب الشروح لتعرف كلام علماء الحديث فيه وليست خزعبلات قادتكم, قبل أن تتهكم به وتسخر منه, والعيب ليس عليك فربما أنك لم تفتح كتابا قط من كتب الشروح, بل حتى لا تعرف اسم كتاب واحد من كتب الشروح, ولكن العيب على من غرس فيكم تعظيم الخشب المسندة تلك, أكثر من تعظيمكم لأحاديث المصطفى –صلى الله عليه وسلم. وإن شر البلية ما يضحك أن ترمي السلفية بما أنتم به خبراء ومتمرسون عليه حتى أصبح ديدنكم وعادة ودين لكم, فنحن صراحة لا نجيد فن التحالفات والصفقات المشبوهة بقدر ما تجيدونها, ولعلك على اطلاع واسع أكثر مني بقومك وربعك, فالسلطان الذي تعيرنا به وأننا نلعق حذاءه, لم يكن هو من أقام للسلفيين حزبا, وسانده ودعمه حتى وقف على قدميه, لم يطلب السلطان منا يوما أن نشكل حزبا ونسميه (الإصلاح) يكون وجها آخر له, ويختار له رئيسا من رؤساء مخابراته, لعلك أدركت ألان من يلق حذاء من؟؟ عزيزي بارفيد -بالمكشوف- أنتم خرجتم من عباءة المؤتمر, وبمباركة من سلطانه, ومن خبثه أن جعل اسم حزبكم مشتق من اسمه. فالفرق بينكم هو حرف الألف فقط. لهذا لم يكن مستغربا أن تعلنوه مرشحا لكم بعد تسع سنوات من مولدكم, في انتخابات 99, وربما منحتَ صوتك له وصفقتَ وهتفتَ باسمه, كما فعل قادتكم حينها, لأن حذاءه حينها كان لامعا نظيفا ل (للعق) واليوم صار كريها ونتنا. لم يكن السلفيون يوما ما جسر عبور له كما كنتم, ويضيق المقام عن ذكر المكاسب التي جناها السلطان من ورقتكم التي رمى بها فيما بعد في أقرب سلة قمامة. السلفيون كان موقفهم من الحزب الاشتراكي ثابتا وإلى هذه اللحظة لم يتغير, حتى لما حاربتموه مع السلطان في 94, ثم دخلتم معه في شراكة ومع الناصريين والرافضة في 2003, لازال الموقف السلفي ثابتا لم يتغير, وقد دخل الاشتراكي العناية المركزة بعد 94 ولكن من أخرجه منها وأعاد له الحياة والروح للأسف هو ( أنتم). كفرتموه بالأمس واليوم صالحتموه وأدنيتموه وشاركتموه وصرتم (حبايب) (ويا سلام على الثوابت والضوابط), ورغم خبث وكيد الاشتراكي إلا أنه ذاق الأمرين من سياسة المكر والإقصاء والتحايل من قبلكم. بماذا تفخر عزيزي بارفيد؛ بالتحالفات المشبوهة أم المزايدات, أم الإقصاء والتعالي, أم السطو على مساجد السلفيين بحيل وسبل حقيرة ورخيصة, يقولون ( لاتنكش الطين يامسكين). لايزال خطاب التعالي يفوح من بين ثنايا عباراتك, وكأنكم أنتم من يحفظ التيار السلفي من بين يديه ومن خلفه, وهي ثقافة مسكونون بها, نفخ كيرها الشيطان في ريعكم, فصدقتم أنكم كذلك, وظننتم أنكم على شيء, بينما الحال يقول:( كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد), لقد ذكرتني بقصة الذبابة التي قالت للشجرة تثبتي فإني عازمة على الطيران, توعدت وحذرت السلفيين من غضب الإصلاح ومن نقده, وما علمت أنكم من مواليد 90 بشهادة ميلاد مؤتمرية, بينما المنهج السلفي ضارب جذوره في البلاد. أعلم انه يضيق صدركم بما نقول, ولكن اعلموا أنكم لستم في أرض فلاة, ولستم من لا يسأل عما يفعل, ومثلما أن للإنسان رقيب وعتيد, هناك أيضا من البشر من يراقب ويرصد ويتابع, وبالتالي لابد لكل فعل رد فعل, أتمنى لو تحدث بعض المراجعات, وإن كنت أستبعد ذلك لمعرفتي بمدى الغرور الذي يركبكم ويعشش في رأس قادتكم, ولكن هي نصيحة, وإلا فيؤسفنا أن نقول: ( مخطئ من ظن أن للثعلب دينا).