قد دخل موسم الامتحانات على بعض اخواننا الطلبة والطالبات في المراحل الاساسية و الاعدادية والثانوية والجامعية وبعضهم انتهت امتحاناتهم وبعضهم ينتظر ، نسأل الله لهم التوفيق والنجاح ، لذلك أحببت أن أقف معكم وقفة تأمل في امتحان الدنيا ونقارنه بين امتحان الآخرة . في أيام الامتحانات تعيش الأسرة حالة من الإستنفار والهلع على مستقبل الأبناء والبنات لأنهم يمرون بمرحلة عبور من سنة دراسية الى أخرى ، ربما يتعرض بعدها الطالب أو الطالبة مرحلة من الأفراح أو الأتراح ، والرسوب أو النجاح ، فينبغي أخذ العبرة والعظة لأن كل شي في هذه الدنيا يذكرنا بالآخرة قال تعالى (أَفَرَأَيْتُم مّا تَحْرُثُونَ * أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزّارِعُونَ * لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكّهُونَ * إِنّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * أَفَرَأَيْتُمُ الْمَآءَ الّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ * لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ * أَفَرَأَيْتُمُ النّارَ الّتِي تُورُونَ * أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لّلْمُقْوِينَ ) . امتحان الدنيا له منهج معروف مواد معروفة لدى المؤسسة التعليمية ، وامتحان الآخرة له منهجه ومواده مثل القرآن الكريم ، فمن أراد الفوز فعليه بتطبيقه في سائر حياته . امتحان الدنيا له أسئلة محددة ، وأما امتحان الآخرة ليس له أسئلة محددة بل يشمل كل صغيرة وكبيرة ، غير أن هناك أسئلة مكشوفة جاءت في حديث جبريل عليه السلام في صحيح البخاري عن الإسلام و الايمان والإحسان و وقت الساعة ، وكلها تدل على تحقيقها معا قبل انتهاء فترة الدنيا وقيام الساعة للفوز في الدار الآخر ة . وامتحان الدنيا له مراقبين يقومون بمراقبة عملية سير الامتحانات والطلبة ورصد حالات الغش أو الخداع ، وامتحانات الآخرة الرقيب علينا هو الله سبحانه وتعالى ، و ملائكته من يقومون برصد الحسنات والسيئات . وهناك قاعات لامتحان الدنيا ، وكذلك امتحانات الاخرة قاعات الأول في الدنيا والمصحح الانسان ( وهديناه النجدين ) ، والثانية في القبر وهي أول مراحل لآخرة وتسمى بحياة البرزخ ، والأسئلة هي : من ربك ، ونبيك ودينك ؟، والمصحح الملائكة . والقاعة الثالثة في الاخرة عند الوقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى وهي أعظم المواقف وأشدها ،نسأل الله العفو والعافية ، وعند ظهور النتيجة يتحسر الانسان .وأخيرا توزيع الشهادات والناجح ( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمْ اقْرَءُوا كِتَابِيه …) ، والراسب (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ ) والتقدير في الدنيا ممتاز أو جيد جدا ، أو جيد أو مقبول أو ضعيف .والتقدير في الاخرة : 1- السابقون المقربون 2- أصحاب الميمنة 3- أصحاب الشمال والمكذبون .وأختبار الدنيا ممكن أن يعوض الطالب في حالة فشله في مرحلة من المراحل أو فصل من افصول الدراسية ، أما اختبار الآخرة فلا اعادة أو تعويض . فينبغي أخي الطالب وولي أمره أن نتأمل هذه المقارنة ، ونهتم بامتحان الآخرة كما نهتم بامتحان الدنيا ونعد له العدة و الاهتمام ، لكي نفوز بجنة عرضها السماوات والأرض ، وفق الله أبناءنا و إخواننا الطلبة في امتحاناتهم وجعلهم دخرا لأهاليهم ومجتمعاتهم .