بقلم :عدنان بن عفيف مات ، لم يمت ، وقَّع ، لم يوقِّع ، رحل ، لم يرحل ، غادر ، لم يغادر .. !! كثيراً ماترددت هذه الكلمات على مسامع البشر في مجمل أصقاع العالم ، حتى أنها تنافست على إحتلال الصدارة مع ( زنقة زنقة .. دار دار ) ، وجميعها تتعلق بشخص الرئيس اليمني علي صالح ، الذي أثار وما زال دهشة الكثير من المتابعين ، حيث أصبح وضعه أكثر غرابة من وضع الرئيسين ، الليبي الراحل معمر القذافي والعراقي الشهيد صدام حسين يرحمه الله ..!! والملفت المثير في وضع الرئيس اليمني أنه استطاع ليس فقط إذلال شعبه ، بل إذعان العالم كله لفخامته الأسطورية النادرة ، حيث لم يحدث إطلاقاً أن انتصر عليه خصومه من الأفراد والدول على حدِّ سواء وإلاَّ لما كانت نهايته السياسية بهذا الختام كما يريد هو ، لا كما ينبغي أن يكون ، ولا كما يتوقع له ، كل من اكتوى بقسوة نظامه أثناء فترة حكمه ، التي تفاقمت فيها هجرة الإنسان وسرقة الأرض ..!! فترة حكمه التي إختتمها في مخاطبته للشباب ( المساكين ) بخطبة الوداع بعبارة : ( ياشباب إرجعوا إلى مساكنكم ) ..!!؟ وهذا يقود الفكر للتشكيك في مواقف كثير من الإيديولوجيات المركبَّة المتعاملة مع الرجل ، حتى أصبحت سيرته فاضحة لحقائقها وكاشفة لأقنعتها الزائفة ، بما في ذلك مكونات الهامش السياسي الذي أوجدته ضرورات المرحلة ، وفتحه صالح نفسه ، وتحكَّم في قيادته وإسكات قياداته وإخضاعهم لتحقيق مطالبه ، دون التفريق بين الدم والدموع ، لأنها جميعها رخيصة ، ولا ترقى إلى مستوى القيمة الفعلية للإنسان اليمني المغلوب على أمره ، بحيث يصبح الوطن وثرواته والإنسان وفطراته من أملاك الرئيس الخاصة التي يغدقها متى شاء ويجفف منابعها أنَّى أراد ..!! وليست مبالغة إذا قلنا أن الغالبية من أحرار العالم يتّفقون على أن مايحدث في اليمن منذ (33 عاماً ) مجرد فصول دراماتيكية لمسرحية طويلة ، هزلية تراجيدية في آنٍ واحد ، ويبقى الإختلاف فقط على شخص صالح ذاته أيضاً ، وماهو دوره الحقيقي من حيث كونه البطل أم المخرج ، لأنه حتماً لم يكن الضحيَّة ولن يكون الكومبارس ، فيما مضى وماهو آت ، وهذا من مسلَّمات السياسة ..!! وبصراحة تزيد الدهشة ويتفاقم الإستغراب ، وينقشع سقف التوقعات ، وتتدفق الحقائق لدرجة الإيمان والإعتقاد المطلق ، أن حضرموت يجب أن تكون للحضارم أولاً ، وتعز لأحرارها أولاً ، وعدن لأهلها أولاً ، وصنعاء لعشاقها أولاً ..إلخ ، وأن الولاء لزيد وعمرو وشمال وجنوب ليس إلاَّ مضيعة للوقت . وأن دموع الرئيس باسندوة ليست إلاَّ شهادة شكر وتقدير للأرض التي إحتضنته منذ إكتوبر 1965 ، وللرئيس صالح الذي أوصله إلى هذا المنصب ، وولاَّه على مقاليد كثير من الأمور ..!! كل هذا بإختصار يذكِّر ويفيد بمقولة نبي الله عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام " دَعْ ما لِقَيْصَرْ لِقَيْصَرْ و ما لِلّه لِلّه ".. !! وهذا من أهم المحفزّات وأصعب الدروس التاريخية الداعية إلى ضرورة الالتفات الى ما يهم من الأمر ، خصوصاً إذا غاظ الحاكم الظالم من الصادقين في الإسهام بتغيير الواقع ، عبر ميزان العدالة وترجيح كفة الحق وأهله على كفف الباطل والظلم والطغيان ..!! فاصلة :إذا علمت أن إلحاحك على طلب العفو والحصانة والسماح من أهل الأرض قد جاء متأخراً ، فأعلم أيضاً أن دعوات المظلومين عليك قد كانت سبَّاقة إلى باب السماء ، وليس بينها وبين الله حجاب ..!! * شاعر وإعلامي [email protected]