بقلم/صلاح بوعابس على ما يبدو أن القائمين على قناة اليمن الفضائية وأخواتها مشغولون بمتابعة الحوافز والنثريات وبدلات السفر أكثر من الانشغال بالهمّ والشأن الإعلامي الوطني وخاصة منه ما يعتمل في المحافظات. هذا القول لا أعني به جرحاً أو تحاملاً على فضائية قناة اليمن ولا على أخواتها أو تقليل من الشأن القائمين عليها, فهناك الكثير من الدلائل والشواهد تؤكد (غيبوبة) هذه الشاشة وتقصيرها في أن تكون منبراً إعلامياً شاملاً يمثّل الوطن بكل تنوعاته وشخوصه ومستوعباً ما يعتمل في أرجائه من مناشط الحياة المختلفة, وهذا العجز يعكس نفسه على من يتحمل إدارة هذه القنوات, وخاصة تجاهلهم للشأن المحلي في المحافظات, وكأن عقلية الشمولية والمركزية "المفرطة" لا زالت مغروسة ومعشعشة في أذهانهم وبحيث أصبحت تقيدهم عن المبادرة والتجديد والإبداع وتكبّلهم بسياج من التبلّد والرتابة, فلا اهتمام إلا بالنقل "المشمئز" للاحتفالات وزيارات المسؤولين ووقائع العروض العسكرية وحملات التطعيم! وما عداها فهو رجس من أعمال الشيطان!. ونحسب أن قيادات هذا القنوات تدرك جيداً أنه في ظل تعدد وسائط وتقنيات التواصل والاتصال لن يكون لشاشتهم متسع في عيون المشاهد المحلي الذي يستطيع بزر الريموت أن يتنقل بين العشرات بل المئات من قنوات التلفزة وسينفتح على نوافذ أخرى تجذبه وتلبي اهتمامه ورغباته حتى وإن لم تهتم بأموره وتتابع شأنه. هذا «التجاهل» و«العزلة» – التي صنعتها سياسات عقيمة وعقليات متحجرة لا ترى إلا موطئ قدمها ولا تولّ وجهها إلا لصنعاء وما حولها أو فندق موفمبيك – فرضت واقعاً أليماً بكل المقاييس وأثقلت من إذكاء حالة الاغتراب التي يلمسها السياسيون ويفقهها المتابعون وقد يصعب معالجته وفرمتته ومحوه والتخلص من تداعياته سنوات عديدة. استدلال: قبل أيام ودّعت حضرموت والوطن عموماً الباحث والمؤرخ الشيخ عبدالرحمن الملاحي هذه الشخصية الحضرمية البارزة التي تعد من المرجعيات الثقافية التي أثرت الحياة واجتهدت فرفدت المكتبة بالعديد من الدراسات والأبحاث وخلدت اسهامات وبصمات متعددة في مجالات مختلفة، تربوية وثقافية واجتماعية وعطاءات كثيرة في خدمة التراث والتاريخ والتدوين ونشر العلم والمعرفة , فمر هذا الحدث مرور الكرام في فضائية اليمن – وأخواتها – عدا بث برقيات التعازي – وعلى استحياء – وكنا نحسب أن تقدم هذه القنوات في فقراتها أو نشراتها الإخبارية موجزاً يسيراً أو عرضاً لمادة تلفزيونية لدقائق عن سيرة هذا الشيخ الجليل والتذكير بمناقبه بوصفه علماً وقامة وطنية أفنت حياتها في حمل مشاعل التنوير والتعليم والبحث والتأليف والدراسة وجمع التراث والحفاظ على الموروث الثقافي والشعبي والبحري, إذ أن تلك المبادرة – المنتظرة – ستكون بمثابة إسقاط للواجب واعتراف بالأدوار والاسهامات والعطاءات التي خلدتها هذه الشخصية الوطنية الفذة, ولكن شيئاً من هذا لم يحدث للأسف الشديد.. وقس على ذلك سابقاتها من مجريات الأحداث وفقدان الأعلام! فمن يصحّي قناة اليمن وأخواتها .. ومتى؟!