- بقلم: لؤي يحيى عبد الرحمن الارياني - يرفع انفه عاليا وكأنه يحاول استنشاق شيئا ما ويغمض عينه نصف إغماضة.. يرفع رأسه وكأنه يتأمل بدقة نقطة صغيرة في سقف السيارة مبديا على وجهه علامات التقزز والقرف الشديد.. يجلس لوحده في المقعد الخلفي للسيارة وهو يصيح في هاتفه المتنقل دون توقف بينما يتزاحم المرافقون في الخانة بعضهم فوق بعض متأبطين أسلحتهم في حالة تأهب تام، كما لو كانوا في حراسة مفاعل نووي.. يقود السائق السيارة بأسلوب يشي بطريقة تفكير الركاب لا يوجد احد في الكون إلا أنا، فيتصرف وكأنه لوحده في الشارع. يقودها بسرعة عالية وسط الزحام وعندما تقترب منه أي سيارة يزأر بمكينة سيارته مصدرا حنة قوية مخيفة.. ينتقل من يسار الطريق إلى يمينه بكل أريحية فهو يتوقع أن تختفي السيارات الأخرى ولا ترتطم بسيارته نظرا لخطورة الراكب الذي معه.. يقف في وسط الشارع لينزل احد المرافقين لشراء ماء للراكب الخطير فيرتكب سائق السيارة التي خلفه إحدى الكبائر ويزمر له لكي ينبهه كي يبتعد من وسط الطريق فيكون الرد بتوجيه المرافقين لفوهات مدافعهم في وجهه مع بهرارة تغني عن ألف كلمة. وفي مكتبه كان جالسا على كرسي مكتبه الفخم..كان يتذكر في جذل كيف كانت أيامه مليئة بالمشاكل والديون وكيف كانت أجهزة الرقابة في الدولة تضيق عليه الخناق فلم يعد يستطيع أن "يفيد ويستفيد" وكيف أصبح الآن لديه حرية كبيرة في التصرف.. تذكر أبنائه الذي فشل في توفير وظيفة لهم فتلقتهم ساحات البلطجة والصياعة وكيف أصبحوا الآن من موظفي الدولة المهمين..تذكر بيته القديم المتهالك وابتسم وهو يرى تصميم القصر الجديد الذي شرع في بنائه.. تذكر أيام الفقر وتذكر في فرح رحلته إلى باريس في الصيف الماضي تذكر زوجته القديمة وعلى الفور اخرج محفظته ليطالع صورة العروسة الجديدة الصغيرة والفاتنة. لم يمضي على تعينه سوى سنتين وقد أصبح من أغنى رجال البلد ومنذ أن عين تكبر على الجميع وانكر كل الصداقات وتنصل من كل الوعود التي قطعها بتحسين الأوضاع بل وتذكر بفخر كيف "قلب صورة" على كل من طالبه بأي تصحيح ومسح بكرامته الأرض تذكر كيف انقلبت حياته وانفتحت له أبواب السعد من بعد ما كان عائشا بين الطين والأوساخ مفتقدا لاحترام الناس وتقديرهم وكيف حدث كل هذا بين ليلة وضحاها عندما جاء احدهم ليقول له وهو في سوق القات ...ألف ألف مبروك يا صاحب المعالي! لا تقف حدود الهنجمة والشخصية وقلة الحياء عند حدود بعض الشيوخ والمتمشيخين ومرافقيهم ومرافقي المرافقين..بل أن الهنجمة والتكبر على عباد الله في بلادنا تمتد إلى ابعد من هذا ..فالكبر والتعالي على الناس"كما يعتقد بعض مرضى النفوس"شرط أساسي لنيل بعض الوظائف والدرجات العليا..وهم يهنجمون أول ما يهنجمون على الناس الذين لم يولوا الوظائف إلا كي يخدموهم ولكنهم ينقلبوا فورا لكي يصبحوا سادة على الناس ويصبح الناس خدمهم ..ينطلقون في نشاط عريض طويل وسفريات وزيارات وغداء عمل وعشاء عمل وسهرة...عمل أيضا ، ولكنها كلها نشاطات لا تصب ولو قليلا في مصلحة الناس. يصرفون لهم السيارات الفخمة ولكنهم للأسف يصدمون الناس بها في الشوارع فيقلوهم ..يعينون لهم المرافقين للحماية ولكنهم للأسف يتبلطجون على الناس بهم فيذلوهم..يصرفون لهم بدل السفر الضخم ليفيدوا البلد في سفرياتهم إلى أوروبا ولكن "نشاطهم المحموم" لا ينتج عنه أي فائدة لليمنيين تجعلهم يدعون بالخير لهم ولكن هناك في أوروبا من يدعوا لهم كثيرا بالخير من العراة الحفاة الذين أصابوا خيرا كثيرا من جودهم وكرمهم ونشاطهم المحموم !!..وعندما يعودوا ويجلسوا على مكاتبهم الفخمة ويدخل مواطن طيب ليعرض معاملة ما..يكون الرد بصيحة متكبرة بأنه مشغول بأمور الدولة العليا؟؟؟ تلك "الشخاصة" على الوجه والهنجمة والكبرة الفارغة ليس لها إلا احد تفسيرين، الأول وهو تعبير يمني دقيق يصف الحالة بأنه "بيشم زغنه كور".. والتفسير الثاني وهو من علم النفس والذي يقول انه تصرف ينم عن عقد النقص..فالأخ المهنجم يظن انه بهذا التصرف سيقال عنه انه ذو منجزات عظيمة وأعمال مشرفة فمثلا في أي بلد يقول فيه رئيس الجمهورية في مناسبة عامة أمام كل الناس أن الوزير الفلاني فاشل ووزارته فاشلة تكون النتيجة الفورية أن كان يحترم نفسه أن يقدم استقالته فورا ولكن للأسف في بلادنا لم يزده هذا إلا هنجمه يغطي بها قصوره.. فلم يسع الرئيس سوى أن يعزله !! والاهم أن هذه "الشخاصة" في اعتقاده تردع أي "مشعب" عن أن يقول عنه انه والعياذ بالله ذمته واسعة شوية. وأعيد هنا سؤالي المنطقي الذي طرحته سابقا.. في بلد يساوي فيه راتب الموظف قيمة أربعة روتي واثنين زبادي في اليوم لمدة الشهر من أين لبعض السادة المسئولين كل ما يملكونه؟؟ حتى لو قلنا أن مرتب أكبرها كبير منهم مائة ألف أي ما يساوي عشرة علب زبادي وعشرين رغيف خبز في اليوم على مدى الشهر فالسؤال لا يزال قائم..وصدقوني أن ثلاجاتهم تحوي أكثر بكثير من الزبادي؟؟إذا هل يهنجم الأخ المسئول ويرسم تعبيرات التقزز على وجهه كي يزرع فيك الشعور انك كمواطن اقل بكثير من أن تسال سيادته وباليمني القح ...منين لك كل هذا؟؟ نصاب كلنا بالقرف والغثيان من التعالي والتكبر من أناس يفترض أنهم وظفوا لخدمتنا ..نرى ونتعجب كيف أن كل منهم أصبح يظن نفسه عقلا لا يوجد في البلاد مثله وكل الآخرين لا يفهمون شيء ..ونرى بعضهم وهو يصيح في من في مكتبه من المراجعين..صدق إنكم أبو يمن ..شعب احمد. وكل تلك العبارات التي تعبر عن احتقاره لليمنيين الذين يجلسون أمامه وكأن سيادته أتى من بلادهم في فرنسا إلى اليمن بالخطاء حينما ضلت بغلة جدته الطريق..وليسمحوا لنا أصحاب العقول الجبارة والأفكار العملاقة والمنجزات الضخمة أن نقول لهم ..لقد اكتفينا بالفعل..شبعنا من علامات التقزز والنظرة من فوق إلى تحت ورفع النخر.. فاستحوا أو انتحوا. وان كان موضوع الحياء هذا غير وارد بالمرة لديكم.. فاعتدلوا أو اعتزلوا..دولتنا وحكومتنا تمتليء بالمسئولين الشرفاء المتواضعين الذي تمتليء بهم المصالح الحكومية ولإحقاق الحق فهناك الكثير من المسئولين الأكثر من رائعين نفتخر بهم ونريدهم أن يكونوا هم القدوة لغيرهم من المسئولين ..لدينا وزراء متواضعين ومنتجين ولدينا مسئولين عمليين وغير مرتشيين وهؤلاء من نريدهم أن يبقوا مسئولين..أما الذين "يشمون زغنهم كور" وهم في الغالب مجرد لصوص فنتمنى من كل قلوبنا أن يدعوا إلى حلقة طويلة من البرنامج الأكثر من رائع "خليك في البيت" لأنهم لا يستحقون سوى الجلوس في البيت آو الشارع. وعلى فكرة أحب أن ااكد لكم أن كل هؤلاء المهنجمين يصبحون أودع من قط وليد وألطف وردة من حب صافي وارحم من قط مبلول تحت المطر عندما يعزلون أو عندما يقابلون من هم أعلى شأنا منهم..وسبحان من له العزة والدوام. أتمنى من كل قلبي أن أكون قد عبرت ولو قليلا عن ما في قلوب الناس..وان أكون قد عبرت عن كل غضبنا وكل رجائنا بأن يقطع دابر كل لص مهنجم نعرف انه مجرد لص وضيع مهما هنجم ومهما لبس من بذلات وربطات عنق وفي الأخير انتهز الفرصة لكي ابعث تحياتي لكل من سيحضرون الاجتماعات المؤتمرات والندوات وورش العمل في أوروبا وأمريكا وعلى سواحل الكاريبي وانصحهم أن لا ينسوا الصن بلك ولا يفوتوا متعة البنجي جنبنق...ومن كل قلبي ..هابي فكيشون !!!. [email protected]