عاتبني العديد من الزملاء الصحفيين على عدم حضوري بل ومقاطعتي الدائمة لانتخابات نقيب ومجلس نقابة الصحافيين اليمنيين "بيتنا الأول" منذ عودتي من المهجر عام 2003م وحتى اليوم، وكنت في كل مرة أتحجج لهم بأن الإحراج من الزملاء المرشحين هو العامل الأول في عدم حضوري وإنني احترمهم واجلهم جميعا وعلاقتي بهم جيدة ولا أريد أن تأتي مناسبة كهذه فتلغي ذلك الاحترام الذي أضنه متبادلا بيننا، ولأنني احترم كلمتي ولا يمكن أن أعد احدهم بترشيحه ثم أعطي صوتي لمنافسه. لكني ونظرا لزيادة ضغط الزملاء لاسيما الراغبين بترشيح أنفسهم للمجلس القادم والذين يقومون بزيارات مكوكية على الزملاء والصحف، سأبوح بالسبب الرئيسي الذي يجعلني أقاطع تلك الانتخابات باستمرار، بل وأثبط غيري في الذهاب إليها عن قناعة تامة بأنها أشبه بمسرحية هزلية لاتقدم ولاتؤخر في واقعنا الصحفي شيئا. نقابة الصحافيين كغيرها من النقابات ومنظمات المجتمع المدني –إن لم تكن أهمها- خاضعة للتجاذب السياسي من قبل الحاكم والمعارضة، وهذا ينسحب على أداء عملها منذ اليوم الأول إلى نهاية الفترة المحددة، وبالتالي ينسحب على جميع الفعاليات والأنشطة "الهزيلة" والخدمات "غير الموجودة" التي تقيمها أو تقوم بها النقابة بل وعلى تصريحات النقيب وأعضاء المجلس الأفاضل. لو عملنا مقارنة بسيطة بين نقابتنا "الموقرة" وبين بقية جمعيات ونوادي ونقابات الصحفيين في الوطن العربي فقط، فضلا عن النقابات والمنظمات الصحفية الدولية فإننا سنجد أننا استطعنا وبفضل العلاقات الواسعة لنقيبنا الفاضل ووجاهته الكبيرة وقربه من رئيس الجمهورية أن نحصل وبعد نضال مرير على مبنى "بلا معنى" كمقر للنقابة، ومع ذلك عند مقارنته بمبنى نقابة الصحفيين المصريين مثلا وضخامته وموقعه المميز وسط البلد سنجد أن الفرق كبير جدا كالفرق بين عمل المبنيين وخدماتهما، مع الإشارة إلى أن مبنى نقابتنا الذي لايزيد قيمته عن أسطول سيارات اصغر وكيل وزارة أو مدير عام مدعوم ومسنود و"هبار" من إياهم، كان هدفا "ساميا" وحلما راود جميع الزملاء الذين تداولوا على مجلس النقابة وكرسي النقيب منذ إنشاء النقابة إلى أن تحقق على يد نقيبنا الحالي الأستاذ نصر طه مصطفى رعاه الله. نادي دبي للصحافة الذي تشرفت بالانتساب إليه عام 2001م عندما كنت اعمل في صحيفة الوحدة الإماراتية في أبو ظبي وكنت اقضي "الويك إند" بصورة أسبوعية في دبي "مقر النادي" رغم مرتبي الصغير آنذاك، إلا أن حرصي على الذهاب إلى دبي أسبوعيا يعود إلى أنني كنت لا اخسر كثيرا بفضل وجود نادي دبي الذي كنت أصل إليه "كأنه منزلي" وأتمتع بكافة خدماته الاليكترونية كالهاتف والفاكس والانترنت والطباعة والنسخ والتسجيل والاستماع، وخدماته الترفيهية إذ يمتلك صالة العاب توفر كافة الألعاب الرياضية والترفيهية التي يرغب المرء في ممارستها، إضافة إلى الأغذية الخفيفة والمشروبات الباردة والساخنة وكلها مجانا، أضف إلى ذلك قراءة ومطالعة الصحف المحلية والدولية التي تصل إلى النادي بانتظام عن طريق الاشتراكات التي يوفرها النادي لمنتسبيه. وإذا كنا سنعقد المقارنات فيفضل "حامي حامي" كما يُقال فهل نقابة الصحفيين اليمنيين توفر شيئا من هذا، حتى جهازا واحدا للانترنت غير موجود فيها، فضلا عن استخدام الهاتف أو الفاكس أو أي شيء آخر، والحديث عن هذه الأشياء ليس من باب الترف بل ضرورة مُلحة للصحفي اليمني الذي لايملك المال الكثير لشراء جهاز خاص في المنزل أو الاشتراك في خدمة الانترنت مثلا. هناك من سيقول مادخل نقيب وأعضاء مجلس النقابة في هذا، أقول طالما وهم رضوا ورشحوا وسعوا لتحمل المسؤولية فلماذا لايقومون بدورهم في البحث عن توفير هذه الخدمات أسوة بنظرائهم في النقابات العربية الأخرى، لماذا لايذهبون إلى معالي وزير المواصلات مثلا ومطالبته بتقديم خط انترنت واحد "ADSL" بسرعة عالية، مع توفير مجموعة أجهزة من مشروع الرئيس الصالح أو التوجه إلى أي شركة كبرى متخصصة في مجال أجهزة الحاسوب والتفاوض معها حول منح النقابة مجموعة من الأجهزة على أن تضمن النقابة إعلانا أسبوعيا في كذا صحيفة لمدة محدودة، وتقوم بالتعاون مع بعض الصحف بتخصيص كرت إعلاني للشركة الفلانية التي قدمت الأجهزة وكرت آخر للشركة الأخرى التي قدمت الاستراحة وجهزتها وموّلتها أسبوعيا بالمشروبات مثلا وهكذا، ونحن مستعدون "كمالكي صحف وناشرين" للتعاون مع نقابتنا في نشر أي شيء تراه مناسبا من إعلانات خاصة وعامة مقابل أن يعم نفعها الجميع، إضافة إلى نشر أخبار تلك المنح وإعلانات شكر باسم النقابة والصحفيين لتلك الشركات وكله مجانا "بس هي تتحرك". لماذا لاتقوم النقابة بمطالبة رئيس الجمهورية بمنح الصحفيين مساحة ارض أسوة بمدرسي الجامعة أو منتسبي طيران اليمنية أو وزارة الإشغال أو أي شريحة أخرى، ويتم توزيعها على الصحفيين، أو يذهب النقيب وأعضاء المجلس إلى احد البنوك التجارية أو الحكومية لعرض هذه الأرض عليهم والاتفاق على بناء أبراج سكنية "أفقية" يتم توزيع شققها على الصحفيين، وهذا المشروع ناجح 100% على اعتبار أن المسجلين في كشوفات النقابة لا يزيد عددهم عن 1300 صحفي تقريبا، واعتقد لو تمت إجراءات غربلة حقيقية سينزل هذا الرقم إلى اقل من النصف وبالتالي ستوزع لهم شققا سكنية بالتقسيط المريح كما تعمل نقابة الصحفيين بمصر التي يدفع المنتسب لها قسطا شهريا لا يُساوي 10% من مرتبه ولمدة عشرين عاما مقابل شقة يتم تمليكها إياه وتصبح حقه وحق أبنائه من بعده، ويتفرغ هو للعمل الصحفي والإبداع بعيدا عن دوشة المؤجرين ومشاكلهم التي لا تنتهي. أخيرا يمكن لأي زميل صحفي أن يدخل على الموقع الاليكتروني لنقابة الصحفيين المصريين ويرى إلى أين وصل الصحفي المصري "رغم كثرتهم" وماهي الخدمات التي تقدمها نقابته له من أراضٍ سكنية ومشروعات استثمارية وقرى خاصة ومدن للصحفيين وشقق سكنية وأجهزة اليكترونية وحتى أسعار اللحمة أصبح الصحفي المصري له سعر خاص فيها، ومقارنتها بالخدمات التي تقدمها نقابتنا والتي لا توجد أصلا فلا ادري ماهي الخدمة التي قدمتها نقابة الصحفيين اليمنيين منذ إنشائها وحتى اليوم لأي صحفي غير بيانات الشجب والتنديد والاستنكار في حال تعرض احد الأعضاء للضرب من عسكري أو الشتم والإهانة من مسؤول أو طلب من المحكمة. نقابات الصحفيين في جميع أنحاء العالم العربي والأجنبي تتخذ طابعاً خدماتياً لأعضائها، ويمكن أن نضرب مثالا على ذلك بنقابتي الصحفيين في كل من مصر والأردن نظرا لتقارب الظروف بيننا وبينهم، حيث اقترحت نقابة الصحفيين المصريين قبل أيام مشروعاً سكنياً لتوفير 3500 شقة سكنية للصحفيين في محافظة 6 أكتوبر. ويعد هذا المشروع امتداداً لسياسة النقابة الخدمية والتي بدأت منذ الستينات بإنشاء مدينة سكنية للإعلاميين بمنطقة العجوزة تلتها مدينة أخرى بشارع أحمد عرابي، إضافة إلى مدينة تحت الإنشاء بمنطقة التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، وأقامت قرية سياحية لمصيف الصحفيين في الساحل الشمالي أطلقوا عليها قرية "حسن فتحي" عند الكيلو 77 طريق الإسكندرية. أما بالنسبة للعلاج والتأمين الصحي فوصلت مساهمات النقابة بالنسبة للصحفيين وأسرهم في العلاج إلى أكثر من 15 مليون جنيه سنوياً مقابل اشتراك لا يتجاوز 150 جنيهاً سنوياً للصحفي "5500 ريال فقط" ، ويشمل الصحفي وزوجته وأولاده نسبة 30% من تكاليف العلاج سنوياً كحد أقصى 5000 جنيه يمكن زيادتها إلى 7500 جنيه سنوياً "275 ألف ريال" بموافقة مجلس النقابة. كما خصصت النقابة صندوقاً آخر برأسمال 5 ملايين جنيه "183 مليون ريال" للحالات الإنسانية ومنها الكوارث وتشمل انهيارات المنازل وأيضاً الحالات الطبية الحرجة مثل زراعة الكبد والسرطان وغيرها. كما تساهم النقابة بمبلغ 1800 جنيه "66 ألف ريال" لتوفير حاسوب شخصي لكل صحفي في النقابة، كما تسهم النقابة بنسبة 30% من الفاتورة السنوية للهاتف الثابت للصحفي من خلال اتفاق بين النقابة والاتصالات، كما يسمح للصحفي بركوب القطارات والحافلات بين المحافظات بتذكرة مخفضة بنسبة 50% فضلاً عن توفير خدمة الانترنت بسرعة الDSL وخطوط هواتف الجوال على الشركات الثلاث بأسعار خاصة ومخفضة للصحفيين وأسرهم. أما نقابة الصحفيين الأردنيين التي تعد واحدة من أقدم النقابات الصحفية في الدول العربية إذ يبلغ عمرها 55 عاما, فتقدم العديد من الخدمات لمنتسبيها أهمها الخدمات العلاجية للصحفيين وعائلاتهم، كما حققت عدة امتيازات لأعضائها وأقامت لهم العديد من المشاريع الإسكانية، حيث قامت بتوزيع قطع أراضي حصلت عليها بمكرمة ملكية على كافة منتسبيه لغايات السكن بلغت مساحتها 600 دونم, فيما حصل كافة أعضاء النقابة "القدامى" على شقق سكنية قدمت لهم مجانا. ومن الامتيازات التي يحصل عليها الصحفيون الأردنيون التخفيض على تذاكر الخطوط الملكية الأردنية بنسبة50% والأولوية في تركيب الهواتف والتخفيض في بعض الفنادق والمطاعم السياحية كما تقدم لأعضائها المساعدات المادية في بعض الحالات وعند الضرورة, كما يحصلون على أجهزة حاسوب محمول بالإقساط وبأسعار الكلفة فقط. كذلك تمنح أبناء الصحفيين منحاً تعليمية في الجامعات الرسمية تصل إلى 10 منح سنويا تخصص بالتنافس بين أعلى المعدلات في الثانوية العامة ومنحاً أخرى في الجامعات الخاصة, وخصومات في المدارس الخاصة تصل إلى 40% سنويا لكافة أبناء أعضاء النقابة، فضلا على قروض مالية من البنوك بفائدة رمزية وبحد أعلى 7 آلاف دولار, و8 آلاف دولار من صندوق توفير البريد, إضافة إلى اتفاقية جديدة يتم التفاوض حولها مع إحدى الجهات لتأمين قروض للصحفيين دون فائدة. وتصرف لكل صحفي مبلغ 14 ألف دولار بعد مضي 25 عاما على انتسابه لنقابة الصحفيين الأردنيين, على دفعتين إن رغب أو كاملة بعد تقاعده من المهنة وتصرف أيضا لأسرته بعد وفاته، كما تستعد حاليا لافتتاح نادٍ ترفيهي خاص بالصحفيين وأسرهم يشمل مطعماً ونادياً صحياً وبرك سباحة. سردت هذه الامتيازات كنوع من المطالبة غير المباشرة لمن يريد أن يترشح لمنصب النقيب القادم أن يعمل على جلب بعضها ولتكن ضمن برنامجه الانتخابي، كما أريد أن انوه إلى أنني عندما أتحدث عن نقابتنا الموقرة فلا يعني الانتقاص من جهود الزملاء أعضاء مجلس النقابة الحالي، بل انني أتحدث عن النقابة ومنجزاتها منذ إنشائها، وأرد اللوم على الوضع "السياسي" القائم وغير المواتي لهؤلاء الزملاء أن يعملوا شيئا، لان هناك من لايريد أن يعمل بل ويسعى لتخريب أي عمل جاد أو إنجاز يتم على يد زملائه الأفاضل ومخرب غلب ألف عمار "كما يقال". * رئيس تحرير صحيفة إيلاف [email protected]