افتتحت مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة صباح اليوم بصنعاء ندوة ( البحث العلمي ومشكلاته) التي تسعى من خلالها الى بلورة رؤى واقعية وعملية لمنظور البحث العلمي اليمني وآفاقه المستقبلية، وما يناط بجامعات اليمن من مسئوليات إزائه. وفي كلمة ألقاها عبد الواسع هايل سعيد في افتتاح أعمال الندوة أشار الى: أنه من الصعب أن نجد مجالا واحدا من مجالات المعرفة الإنسانية إلاّ وتم تناوله بالبحث وفق مناهج متعددة أثرت في الحصيلة النهائية التي أنتجها العلم على مر العصور ، ولهذا ينال البحث العلمي اهتماماً معرفيا خاصاً في تاريخ العلم المعاصر يكاد يفوق أي اهتمام آخر من مجالات المعرفة. واستطرد :لسنا بحاجة الى سرد وتعداد الكم الهائل من المجالات المعرفية التي اختص بها وانصرف إليها، فذلك يكاد يحسب على كل ألوان طيف المعرفة الإنسانية. وأضاف: أن مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة قد وضعت في مقدمة أهدافها الإسهام المباشر في البحث العلمي وتنشيطه شريطة أن يؤدي البحث الى زيادة المعرفة وأن يكون ذا فائدة عملية لليمن والأخذ به عبر أشكال وتعبيرات فعلها المختلفة بصورة مباشرة. ودعا الى التصدي وعدم السماح للحقائق المزعجة عن واقع مشكلات البحث العلمي، والوقوف أمام الاختيار الواقعي والمسئول للامساك بحلقات للفعل ينهض بالجميع الى مضمار المستقبل من منظار العلم والبحث العلمي. وكان عبد الواسع هايل سعيد افتتح صباح اليوم الاثنين بصنعاء أعمال ندوة "البحث العلمي ومشكلاته في الجمهورية اليمنية بحضور نائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي- خالد طميم – رئيس جامعة صنعاء وعدد آخر من الأكاديميين من عدد من الجامعات اليمنية والعالمية. وفي كلمة الجامعات اليمنية أشار الأستاذ الدكتور خالد طميم- رئيس جامعة صنعاء- إلى ضرورة اهتمام الجامعات بقضية البحث العلمي واعتماد موازنات خاصة بهذا الغرض، إلى جانب تقييم أداء الجامعات والمناهج، واضطلاع الجامعات بدورها في مجال التعليم والبحث العلمي على حد سواء، وأضاف طميم أن على الجامعات اليمنية مهمة كبيرة في هذا الجانب خاصة وأنها تمتلك كوادر مؤهلة وكفؤة، تحتاج مزيداً من الدعم وتهيئة الظروف لمشاركاتها في المؤتمرات الخارجية وصولا إلى إنتاج بحث علمي ناضج وقادر على الإسهام الفاعل في عملية التراكم المعرفي. كما أكد طميم على دور مؤسسة السعيد الرائد موضحا عمق الشراكة بين الجامعات اليمنية ومؤسسات القطاع الخاص، ومن بينها مؤسسة السعيد التي عليها بذل مزيد من التواصل مع الجامعات اليمنية ومراكز البحث العلمي، مشددا على ضرورة العناية والاهتمام بالجوانب البحثية التطبيقية وربطها بحاجة المجتمع. كما ألقى الدكتور محمد مطهر- نائب وزير التعليم العالي والبحث العلمي- كلمة راعي الندوة الدكتور/ صالح باصرة أشار فيها إلى العلاقة الوثيقة بين البحث العلمي وإنتاجية المجتمع في شتى المجالات، منوها بدور وزارة التعليم العالي في مجال البحث العلمي وإنشائها للمجلس الأعلى للبحث العلمي في الجمهورية اليمنية وعملها على وضع الخطط لتقييم واقع البحث العلمي إضافة إلى وضع مسودة استراتيجية خاصة لزيادة الاهتمام بالعلوم والتكنولوجيا في اليمن. وأضاف الدكتور مطهر أن خطط الوزارة بهذا الصدد أخذت طريقها إلى حيز التنفيذ، مشيرا إلى أن مهمة البحث العلمي ليست خاصة بوزارة التعليم العالي فقط، خاصة مع وجود الجامعات بإمكاناتها وقدراتها الحالية حيث يمكنها تخصيص جزء من رسوم التعليم الموازي لغرض تنشيط البحث العلمي. مشددا على أن الدعم المادي ليس هو العائق الوحيد أمام البحث العلمي وأن هناك عوامل أخرى يجب تلافيها مع أهمية تضافر الجهود في الحكومة لتنشيط هذا الجانب وتفعيل التكامل بين المؤسسات البحثية والقطاع الخاص. مشكلات البحث العلمي وقد بدأت الندوة بورقة مقدمة من الأستاذ الدكتور ناصر عبدالله العولقي- أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة صنعاء رئيس لجنة صندوق السعيد لدعم البحث العلمي- أشار فيها إلى مفهوم البحث العلمي وأهميته كمصدر للمعرفة والتجديد والتطور العلمي والتقني، مشيرا إلى دور الجامعات والمعاهد العليا في تنميته والارتقاء به إلى جانب الشركات الخاصة والمراكز البحثية التابعة للمنظمات الدولية، وتطرق العولقي إلى إنجازات البحث العلمي المرتبط بالتنمية، مركزا على دوره في التنمية الزراعية، موضحا علاقة البحث العلمي بالمجتمع، ونوعية البحوث العلمية مع تخصيص الحديث عن الحالة اليمنية من حيث الكادر البحثي والتمويل والدعم المادي والمؤسسات البحثية والدراسات العليا. وأشار العولقي في ختام ورقته إلى التحديات التي يواجهها البحث العلمي سواء في اليمن أو غيرها من البلدان ومنها نقص التمويل والدعم المادي، وهجرة الأدمغة العلمية وصعوبة نشر نتائج البحوث العلمية وقلة الدوريات، إضافة إلى الازدواجية في الأبحاث وتكرارها نتيجة للعمل الفردي وغياب التنسيق، واتساع الفجوة بين مصممي الخطط التنموية ومنفذيها. مشيرا إلى ظهور اتجاه جديد يبحث عن مصادر تمويل للمؤسسات البحثية من خلال فكرة الجامعة المنتجة لمواجهة نقص التمويل المالي للبحوث العلمية. معوقات البحث العلمي أما الأستاذ الدكتور/ داود عبدالملك الحدابي- رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا- فقد أشار في ورقته إلى عدد من معوقات البحث العلمي في اليمن ، وواقعه عربيا ومستوى الإنفاق عليه مقارنة بالدول الأخرى مع معرفة مساهمة القطاع الحكومي والخاص في تمويله وخلصت ورقة الحدابي إلى عدد من التوصيات استنادا إلى دراسة معمقة للموضوع حيث أفرزت معوقات تتعلق بتمويل البحث العلمي، ومعوقات تتصل بالتشريعات والسياسات في البحث العلمي، ومعوقات تتصل بمؤسسات البحث العلمي، وإدارته ومناخه وإعداد الباحثين ، واقترحت دراسة الحدابي دراسة وتقويم أداء المؤسسات والمراكز البحثية في اليمن، وتحديد أولويات البحث العلمي في المجالات التنموية المختلفة يشترك في تحديدها جميع القطاعات التنموية في البلاد، مع دراسة تقويمية دورية لأداء البحث العلمي في اليمن. واقع البحث العلمي في الجامعات أما الورقة المقدمة من الأستاذ الدكتور توفيق سفيان- نائب رئيس جامعة صنعاء للدراسات العليا والبحث العلمي- فتطرقت إلى واقع البحث العلمي في الجامعات اليمنية، معرّفة للبحث العلمي ومحددة وظائفه وموضحة واقعه في اليمن ومعوقاته وأوصت الورقة بضرورة وضع استراتيجية للبحث العلمي على مستوى اليمن شاملة كل القطاعات، مع تخصيص نسبة معينة من الناتج القومي المحلي للبحث العلمي وتشجيع التفرغ العلمي وتهيئة البيئة العلمية وتوفير مستلزمات البحث العلمي ووضع اللوائح والتشريعات لحماية الملكية الفكرية، وتشجيع الاتصال والتواصل بين الباحثين والعلماء في الوطن العربي كمرحلة أولى، وتشجيع عقد المؤتمرات والندوات الداخلية والمشاركة في الأنشطة المماثلة على المستوى العربي والعالمي، ومعالجة مشكلات البحث العلمي بصورة جادة من قبل المؤسسات ذات العلاقة وقد أشارت الورقة إلى أن البحث العلمي في بلادنا غير موجه والأبحاث غير معمقة وغير متواصلة، وغير مرتبطة بأهداف التنمية وغير شاملة لكل القطاعات. مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة من جانبه قدم الأستاذ فيصل سعيد فارع مقاربة حول دور مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة في البحث العلمي، بدءا بإنشاء جائزة المرحوم الحاج هائل سعيد أنعم للعلوم والآداب مرورا بصندوق السعيد لدعم البحث العلمي، ومكتبة السعيد ومركز السعيد للتراث المعرفي والإبداعي وصولا إلى منتدى السعيد الثقافي ومعرض تعز الدولي للكتاب وتقنية المعلومات، إلى جانب شراكة المؤسسة مع المنظمات الدولية والإقليمية. وقد خلص الأستاذ/ فيصل سعيد فارع في ختام ورقته إلى عدد من التوصيات من بينها تخصيص جزء من الدخل القومي لدعم البحث العلمي وتمويله في الجامعات والمراكز البحثية بشكل كافٍ، مع وضع البحث العلمي ضمن أولويات واستراتيجيات خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية. كما قدّم الأستاذ الدكتور/ عبدالكريم ناشر ورقة عن دور مؤسسة البحث العلمي اليمنية في البحث العلمي في اليمن مستعرضا أهدافها ونشاطها. البحوث الزراعية "واقع وآفاق تطوير البحث العلمي في اليمن.. البحوث الزراعية نموذجا" كان عنوان ورقة لكل من الدكتور إسماعيل عبدالله محرم والدكتور خليل منصور الشرجبي، حيث أكدت على أن وجود السياسات والاستراتيجيات الوطنية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والبحث العلمي سوف تساعد على وضع اللبنات الأولى على الطريق الصحيح. كما وضعت الورقة عددا من التصورات المستقبلية من بينها تعزيز مصداقية البحث العلمي وأهميته في التنمية والتوعية، وبناء علاقات تعاون بين مؤسسات ومجتمع البحث العلمي في كل القطاعات، مع بلورة سياسات واستراتيجيات وطنية للبحث العلمي تحدد الاتجاهات العامة والأولويات الملحة والضرورية ومجالات أنشطة البحث إلى جانب تحويل الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي إلى برامج عمل تشمل توفير الموارد المادية والبشرية، إضافة إلى تعزيز البناء المؤسسي والتنظيمي المطلوب للبحث العلمي عبر استحداث الأطر الداعمة للبحث العلمي. البحث التربوي والاجتماعي بدوره قدم الأستاذ الدكتور محمد عبدالله الصوفي- رئيس جامعة تعز- ورقة عن واقع البحوث الاجتماعية والتربوية في اليمن، مشيرا إلى تدني مستوى الوعي بأهمية البحث العلمي وقلة الإنفاق عليه وغياب سياسة عامة للتنسيق بين مؤسساته، إلى جانب عدم التوسع في برامج الدراسات العليا وربطها بخطط التنمية وضعف الحوافز المادية للباحثين، واقترح الصوفي عددا من الحلول في مقدمتها تخصيص ميزانية للبحث العلمي ضمن موازنة الدولة وضمن موازنة كل مؤسسة أو جامعة، ووضع خطة بحثية على المستوى الوطني تنسجم والمتطلبات المستقبلية، ورسم خطة إعلامية علمية للتبصير بأهمية البحث العلمي في اليمن، وتكوين صلات بين المؤسسات اليمنية البحثية إلى غير ذلك من المقترحات. توصيات الندوة بعد قراءة أوراق العمل والمناقشات والمداخلات أشاد المشاركون بالجهود العلمية البحثية التي تبذلها مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة وجائزة المرحوم هائل سعيد أنعم للعلوم والآداب ودعوا إلى التعاون الفعال مع هذه المؤسسة. كما دعوا الحكومة والجهات المسؤولة في الدولة ممثلة في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومؤسسات البحث العلمي الرسمية ووزارة المالية إلى دعم البحث العلمي من خلال مراكز الأبحاث والجامعات ومؤسسات البحث العلمي ووضع الميزانيات السخية الكفيلة بتأسيس البنى التحتية للبحث العلمي. كما دعا المشاركون مؤسسات القطاع الخاص والقطاع المدني إلى الإسهام في دعم البحث العلمي واستحداث مؤسسات بحثية متخصصة. وقد أوصت الندوة بما يلي: - إنشاء مؤسسة مركزية للبحث العلمي مهمتها الإشراف المباشر على خطط البحث العلمي ورسم السياسات العامة. - دعوة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لتخصيص جزء من موازنة البعثات الخارجية لتمويل البحث العلمي والدراسات العليا في الداخل. - تخصيص ميزانية للبحث العلمي ضمن موازنة الدولة، وكذا ضمن موازنة كل مؤسسة أو جامعة لها علاقة بالبحث العلمي وضع خطة بحثية على المستوى الوطني تنسجم والمتطلبات المستقبلية. - رسم خطة إعلامية علمية للتبصير بأهمية البحث العلمي في اليمن من أجل لفت انتباه المؤسسات الأهلية الصناعية والزراعية للإسهام في تمويل البحوث العلمية خاصة تلك التي تفيد أو تنسجم مع متطلبات هذه المؤسسات. - تأسيس شبكة معلوماتية (انترنت) داخل اليمن بين الجامعات والمؤسسات البحثية الرئيسية وبين المؤسسات اليمنية والمؤسسات البحثية الدولية (انترنت). - تشجيع الباحثين لإجراء بحوث تخدم خطط التنمية وتحسين أوضاع الباحثين، وتقديم محفزات تتناسب والجهد البحثي الذي يقومون به. - خلق صلات تعاون بين المؤسسات اليمنية البحثية والباحثين مع مؤسسات بحثية عربية وإسلامية وعالمية للاستفادة من إمكاناتهم وتبادل الخبرات. - ربط البحث العلمي في جامعاتنا بالهوية والثقافة الإسلامية التي لا بد منها للتطوير. - زيادة الوعي لدى جميع من لهم علاقة بالبحث العلمي بضرورة الترابط بين الشركاء الثلاثة: الدولة - المؤسسات البحثية - قطاع الإنتاج. - إصدار مجلات عملية محكمة. - تشجيع إصدار المطبوعات العلمية التي تعمل على تقديم أحدث الاكتشافات العلمية والاختراعات الجديدة. - السعي إلى الإفادة من التقدم العلمي والتكنولوجي وعلى الأخص باستخدام الحاسب الآلي. - توفير الهياكل والوسائل والأجهزة الضرورية للبحث العلمي بالكمية والنوعية المطلوبتين. - إنشاء وحدة توثيق مركزية على مستوى الوطن. - اعتبار البحث العلمي أولوية للبلاد وربطها بخطط التنمية مع وضع استراتيجية وأولويات واضحة للبحث العلمي، واعتماد نتائج في عملية اتخاذ القرار. - دراسة تقويمية دورية لأداء البحث العلمي في الجمهورية اليمنية. - وضع اللوائح والنظم والتشريعات لحماية الملكية الفكرية. - استحداث جائزة الدولة للعلوم والآداب. - إنشاء مكتب للبحث مهمته التدريب على إعداد مشاريع البحوث. - إنشاء مؤسسات بحثية مستقلة في كل جامعة تتولى الصرف على البحث العلمي.