كشف تقرير حديث عن محدودية مساحة التعليم الجامعي في اليمن بالنسبة الى مجتمع تعداد سكانه يتجاوز العشرين مليون نسمة رغم وجود ثمان جامعات حكومية وقرابة (22) جامعة أهلية وخاصة، وأوضح التقرير ان كافة الجامعات اليمنية بشقيها الحكومي والأهلي تضم من الطلاب ما لا تزيد نسبته عن 6% من إجمالي السكان في سن التعليم الجامعي (19-25) سنة. التقرير إياه أكد ان بنية التعليم الجامعي في اليمن تقليدية ويغلب عليها التخصصات النظرية التي تستحوذ على ما يقارب من 70% من إجمالي طلاب التعليم الجامعي.. مرجعاً ضعف مساهمة التعليم الجامعي في التنمية البشرية باليمن الى ما يعانيه من نقص في الموارد البشرية والمادية إضافة الى ما يحيط به من ظروف وأوضاع داخلية وخارجية محبطة يأتي في مقدمتها ضعف المناهج التعليمية وعدم ملاءمتها لمتطلبات الفرد والمجتمع واحتياجات سوق العمل. وفي ورقته التي قدمها في المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل "منارات" والموسومة ب(أسباب تخلف جامعاتنا العربية في تبوء مراتب متقدمة في التصنيف الدولي للجامعات) قال الدكتور سعيد الأغبري عضو هيئة التدريس بكلية التربية جامعة صنعاء ان التعليم الجامعي في اليمن يواجه بعدد من الصعوبات والمعوقات التي تقف عائقاً أمام تطوره بما يتواكب ومتغيرات العصر الراهن..، مشيراً الى ان التشريعات المتبعة حالياً في الجامعات اليمنية بحاجة الى مراجعة وأنها أنظمة إدارية تقليدية تتسم بإجراءات معقدة وتنسيق سيء ومركزية شديدة وتدخلات كبيرة في اتخاذ القرارات وان بُنية وقدرات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي غير كافية للقيام بوظائفها على أكمل وجه وان الشفافية ومبدأ المساءلة غائبة تماماً في معظم مؤسسات التعليم العالي. وأضاف الأغبري انه بالرغم من التطور الكبير الحاصل في الجامعات إلا أنه يلاحظ غياب التخطيط الاستراتيجي حيث تفتقر الجامعات الى وجود رؤية ورسالة واضحة وأهداف استراتيجية محددة لكي تتناسب البرامج والتخصصات الأكاديمية في الجامعات مع احتياجات المجتمع وسوق العمل الأمر الذي أدى الى ضعف استجابة الجامعات نحو خدمة المجتمع وبذلك غابت اهتماماتها بقضايا الوطن. وكشف الدكتور الأغبري ان 70% من موازنات الجامعات اليمنية تنفق على الأجور والمنح الدراسية رغم اعتمادها على الحكومة في تمويلها وان المخصصات المالية للجامعات تحدد بناءً على المفاوضات مع وزارة المالية وان إجراءات الصرف مقيدة بموافقة المدراء الماليين الذين تعينهم وزارة المالية في كل الجامعات اليمنية الأمر الذي ينعكس سلباً على جودة التعليم الجامعي. لافتاً الى ان أغلب الجامعات الحكومية والجديدة على وجه الخصوص وكذلك الجامعات الأهلية تفتقر الى المرافق والبنى التحتية والى المكتبات والوسائل التعليمية والمختبرات والأجهزة وشبكات الاتصالات، بالإضافة الى غياب أنظمة ضبط الجودة والاعتماد الأكاديمي وضعف الخدمات الاجتماعية والتوجيه والإرشاد للطلاب وانعدام ثقافة البحث العلمي والأكاديمي مما يعيق تطوير الكادر التعليمي والإداري وبناء القدرات، خصوصاً وان أكثر البحوث التي يجريها أساتذة الجامعات تأتي من أجل الترقية العلمية وليس للأبحاث أثر في التنمية الاقتصادية للبلاد. كما تطرق الدكتور الأغبري لعدد من المعوقات التي تواجه التعليم الجامعي في اليمن ويأتي في مقدمتها سيطرة الأساليب الإدارية الروتينية في العمل الإداري والتي تشكل عائقاً أمام عضو هيئة التدريس ولا تساعده على البحث العلمي وأداء واجباته في التدريس بالصورة المطلوبة بالإضافة الى ضعف العلاقة بين الجامعات والقطاع الخاص والقطاعات الإنتاجية داخل الوطن، وانعزال الجامعات اليمنية عن العالم الخارجي وعدم تفعيل الارتباط مع الجامعات العربية والأجنبية الأخرى. من جانبه اعترف رئيس جامعة صنعاء الدكتور خالد طميم والذي وصل متأخراً الى ندوة "منارات" حول التعليم الجامعي، أعترف ان التعليم العالي في اليمن يعاني قصوراً واضحاً وشديداً في مجال البحث العلمي، وقال "طميم": المناهج الجامعية الحالية بحاجة لتجديد وتغيير يتواءم مع التطورات الحاصلة في عالم اليوم وبما يتناسب واحتياجات السوق والمجتمع للمخرجات التعليمية الجامعية وخصوصاً في التخصصات العلمية والتكنولوجية.