الكثيرون يتذكرون فرحة اليمنيين في عيد ال22 من مايو عندما تم اعلان الوحدة اليمنية والتي كانت تبدو حلما واملا بعيد المنال، وسرعان ما تحول هذا الحلم الى حقيقة، والى فرحة لليمن وللكثير من البلدان العربية بل أصبحت اليمن نموذجا لكل البلدان التي تسعى الى تحقيق الوحدة. ولكن هذه الفرحة لم تدم طويلا وهذا الامل العربي سرعان ما تبددعندما اندلعت الحرب الضروس في عام 94 بين القوات الشمالية الشرعية وقوات الانفصاليين في الجنوب بمختلف الاسلحة وسالت انهار من الدماء في تلك الحرب، التي كان شعارها بالنسبة للقيادات الشمالية (الوحدة أو الموت) وانتصر شعار الوحدة وانتهت الحرب بدخول القوات الشرعية عدن ودحر قادة الحزب الاشتراكي الذين خاضوا تلك الحرب، ودخلت الوحده مرحلة جديدة بعد ان عمدت بالدم، ونجت من تلك العاصفة التي كادت ان تودي بها. اليوم وبعد مرور 15 عاما على انتهاء تلك الحرب من المفترض ان الوحدة تزداد ثباتا ورسوخا مع الزمن، لكن ما نشاهده هوعكس ذلك، فهناك انتفاضة في الجنوب تدعو الى الانقصال والتشطير والى "تحرير الجنوب من الاحتلال، الذي نهب ثروتهم، وانتهك كرامتهم، وفرض سطوته عليهم"- حسب ما يقولون.. وللاسف عندما يستمع الكثير من المسؤلين في السلطة الى هذه الشعارات يتم تجاهلها او الرد عليها بتعالٍ كبير، بالقول: ان دعاة الانفصال لم يستطيعو ان ينالو من الوحده عندما كان لديهم الدبابات وصواريخ الإسكود وطائرات الميج 28 .. وهذه قرءة خاطئة، فحرب 94 كانت مع جيش نظامي تمكنت الدولة من اخمادها فور اخماد ذلك الجيش، ودحر قادته. أما اليوم فالمسألة مختلفة تماما، فهناك انفصال شعبي، ونحن نعلم ان التمرد الشعبي هو أخطر من المواجة النظاميه اوالكلاسيكي، فالولايات المتحدة استطاعت ان تخمد الجيش العراقي خلال عشرين يوما، لكنها لم تستطع ان تقضي على الانتفاضة الشعبيهة والمقاومة منذ 6 سنوات.. اضف الى ذلك انه لم يعد الشعب الشمالي والجنوبي كاملا الى جانب السلطة في صنعاء، كما كان عام 94 ، فهناك تمرد في صعدة ونذر حرب سادسة، واحتقان في الكثير من المحافظات، فاذا لم تتدارك الدولة الامر فستجر الجيش الى مواجهة وحرب عصابات يعلم كيف بدأت ولا يعلم متى وكيف ستنتهي. نصيحتنا للاخوة في الجنوب هي التمسك بالثوابت وعدم المساس بها وعلى رأسها الوحدة، فلا يجوز تحت اي ظرف رفع شعارات الانفصال، ولن يحقق لهم هذا الشعار اياً من مطالبهم، بل سيعطي المبرر للجيش لقمعهم، وزجهم في السجون.. عليهم ان يطالبوا بحقوقهم السلمية المعروفة، وان يتعلمو من اخوانهم اللبنانيين الذين اعتصمو في ساحة رياض الصلح في بيروت اكثر من 400 يوم مطالبين بجقوقهم. أما رفع شعار الانفصال فهو أمر غير مبرر، فاليمن اليوم بحاجة الاوحدة، وليس الى انفصال وتشرذم. نصيحتنا للسلطة ايضا ان تعلم ان ما يحصل في الجنوب اليوم هو أخطر من اي وقت مضى، فعليها ان تحل قضايا الاخوة في الجنوب، كأن تنشيء جهاز قضائي خاص بالمتنفذين الذين نهبوا اراضي وممتلكات الجنوبيين، وتحل مشكلة المتقاعدين العسكريين حلا جذرياً وليس حلا مؤقتا، وان تأخذ قضيتهم على محمل الجد قبل فوات الاوان، وإلا- لا سمح الله- ستصبح صعدة هي دار فور، وجنوباليمن لا يختلف عن جنوب السودان. أهل اليمن هم أهل الإيمان والحكمة.. وما أحوجنا الى هذه الحكمة اليوم..