"بيارة" بتعز تدخل التاريخ القضائي من بوابة الفساد الاداري الرسمي، وبتوقيع المحافظ، وكبار مسئولي المحافظة، ليدفع البسطاء الثمن عن يدٍ وهم صاغرون، دون أن يطول أحد صناع القرار حتى رسالة توبيخ، من باب الذوق العام إن لم يكن من باب المسئولية القانونية التي تمليها لوائح العمل.. عبد الغفار سرحان الشرعبي- أحد هؤلاء المطحونين بغول الفساد الذي لم يترك شبرا في الدولة- ارضا وبحرا وجوا- إلا ونهشه حتى العظم مخلفاً وراءه العدم للحالمين بدولة القانون والنزاهة والعدالة.. عندما باشر الشرعبي ببناء منزله، أقدم على حفر بيارة كضرورة لا يستغني عنها منزل في هذا العالم.. وكعادة ابناء محافظة تعز فان أول ما فكر فيه الشرعبي هو الذهاب الى الجهة المختصة، فاستخرج تصريح رسمي من مرافق اشغال مديرية المظفر برقم 1189 وتاريخ 8/3/2009م، وذلك بموجب رخصة بناء كان قد حصل عليها قبل ذلك من نفس الادارة برقم 3523 وتاريخ 11/11/2008م.. ويؤكد الترخيص على سلامة الموقع الكائن في حوش منزل المذكور من حيث التربة والتضاريس، وانه لا ما نع أبدا من عدم تنفيذ بيارة في ذات المكان. مضت الايام وتفاجأ الشرعبي بمواطن غلبان مثله وقع هو الاخر ضحية دورة فساد رسمية، فقد حصل هو الاخر حسب شكوى تقدم بها الى المحافظ على تقارير فنية رسمية تفيد بعدم صلاحية البقعة الكائنة في منزل جاره الشرعبي لانشاء بياره عليها بسبب ما ستخلفه من اضرار بيئية وصحية، ليس ذلك فحسب فقد أقدم جاره على رفع دعوى قضائية ضده في محكمة غرب تعز ليدخلا كليهما في دهاليز المحاكم، وما ادارك ما المحاكم في تعز!!
هنا يقف الشرعبي مدهوشا حد الجنون، محتارا حد الحسرة، وهو يرى محافظ المحافظة حمود الصوفي يلغي تصريحا رسميا صادر عن احدى الادارت الرسمية التي استندت بمنحها الترخيص للمواطن او هكذا يفترض الى القانون ولائحته المنظمة..
الغاء المحافظ لتصريح الاشغال جاء بعد ان كانت لجنة خدمات اشغال مديرية المظفر قد اجتمعت في جلستين سابقتين للوقوف على خلفية قضية البيارة التي شغلت المجتمع المحلي، وقبل ذلك صاحبها وجاره في عدالة الفساد التي لا تمهل احدا.. في حين كانت البيارة ينظر فيها ولا زالت في منصة القضاء، كأول بيارة من نوعها تعتلي منصة القضاء في تعز..
وفي هذه الاثناء كانت لجنة المساعي الحميدة المشكلة من ادارة المظفر نفسها قد توصلت في تقريرها العاجل الى ما يمكن تسميته بخارطة طريق، أهم ما جاء فيها ان على صاحب البيارة ان يمضى في استكمال تنفيذه لبيارته على ان يقوم بتنظيفها (عزكم الله) اولا باول.. وهو النتيجة التي لم يعمل بها فيما بعد.
وعلى الجانب الاخر كان الطرف المتضرر من البياره على حد قوله قد كشف في شكواه الى المحافظ ان لديه تقريرا رسميا من المهندسين في اشغال المظفر نفسها يؤكد على عدم صلاحية البقعة التي يراد البناء عليها بيارة لجاره. ويضيف انه فوجيء هو الاخر بشروع جاره في البناء بموجب ترخيص رسمي حصل عليه من المرافق نفسها ، مشيرا الى مساندة قوية حصل عليها جاره من مسئول محلي بالمديرية.
وقال: فوجئنا باصدار رخصة بناء بيارة للمذكور من قبل مكتب الاشغال بالمديرية رامين كل التقارير وشروط الوظيفة العامة وعدالة القوانين النافذة عرض الحائط، مؤكدا على انه مضى عليه في اجراءات المتابعة ثمانية اشهر حتى الان ولكن دون جدوي.
ثمانية اشهر استغرقتها دورة فساد أدلخت مواطنين مطحونين في دوامة من العذاب التي لا طاقة لاحد بها.. في حين كان بهيبة القانون ونظافة الادارة المختصة ان تعفيهما من دائرة العنف النفسي والجسدي اللذين تعرضا لها.. وان تجنب المحافظ نفسه مزيدا من الاحراج الذي بلا شك يتعرض له من قبل مواطنيه وناخبيه في محافظة تعز.. والسؤال: هل كانت اللجنة موفقة حين أفتت باستكمال تنفيذ البيارة التي منح صاحبها ترخيصا رسميا من الادارة التي تنتمى اليها؟ واذا كان رأي اللجنة صائبا، فمن الذي منح الطرف الاخر تقريرا فنياً صادر عن الاشغال نفسها، ليبني عليه المحافظ قراراه بالغاء البيارة وازالتها نهائيا!؟