الكشف عن حجم المبالغ التي نهبها الحوثيين من ارصدة مسئولين وتجار مناهضين للانقلاب    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    هاري كاين يحقق الحذاء الذهبي    نافاس .. إشبيلية يرفض تجديد عقدي    نهائي نارى: الترجي والأهلي يتعادلان سلباً في مباراة الذهاب - من سيُتوج بطلاً؟    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقف الصرافات الآلية بصنعاء يُضاعف معاناة المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار وشح السلع    الكشف عن أكثر من 200 مليون دولار يجنيها "الانتقالي الجنوبي" سنويًا من مثلث الجبايات بطرق "غير قانونية"    صحفي: صفقة من خلف الظهر لتمكين الحوثي في اليمن خطيئة كبرى وما حدث اليوم كارثة!    فرع الهجرة والجوازات بالحديدة يعلن عن طباعة الدفعة الجديدة من الجوازات    تعيين شاب "يمني" قائدا للشرطة في مدينة أمريكية    الوية العمالقة توجه رسالة نارية لمقاتلي الحوثي    "لا ميراث تحت حكم الحوثيين": قصة ناشطة تُجسد معاناة اليمنيين تحت سيطرة المليشيا.    دعوات تحريضية للاصطياد في الماء العكر .. تحذيرات للشرعية من تداعيات تفاقم الأوضاع بعدن !    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    وفاة ثلاثة أشخاص من أسرة واحدة في حادث مروري بمحافظة عمران (صور)    تقرير برلماني يكشف تنصل وزارة المالية بصنعاء عن توفير الاعتمادات المالية لطباعة الكتاب المدرسي    لحوثي يجبر أبناء الحديدة على القتال في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل    القبائل تُرسل رسالة قوية للحوثيين: مقتل قيادي بارز في عملية نوعية بالجوف    التفاؤل رغم كآبة الواقع    اسعار الفضة تصل الى أعلى مستوياتها منذ 2013    حملة رقابية على المطاعم بمدينة مأرب تضبط 156 مخالفة غذائية وصحية    الاستاذة جوهرة حمود تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقة    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب إلى 35 ألفا و386 منذ 7 أكتوبر    وزارة الحج والعمرة السعودية تطلق حملة دولية لتوعية الحجاج    وفد اليمن يبحث مع الوكالة اليابانية تعزيز الشراكة التنموية والاقتصادية مميز    الإرياني: مليشيا الحوثي استخدمت المواقع الأثرية كمواقع عسكرية ومخازن أسلحة ومعتقلات للسياسيين    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد تصدر توضيحًا بشأن تحليق طائرة في سماء عدن    بمشاركة 110 دول.. أبو ظبي تحتضن غداً النسخة 37 لبطولة العالم للجودو    طائرة مدنية تحلق في اجواء عدن وتثير رعب السكان    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    الهلال يُحافظ على سجله خالياً من الهزائم بتعادل مثير أمام النصر!    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءات في الحرب اليمنية السادسة بصعده
نشر في نبأ نيوز يوم 08 - 12 - 2009

الإنسان اليمني بطبيعته المعروفة سرعان ما يتناسى ولا يعير مآسيه أي اهتمام في ظل وجود كوارث تفوق معاناته خطرا ، فالوضع الاقتصادي والفساد المستشري في معظم مفاصل الدولة ومؤسساتها المختلفة أصبح لا يشكل معيارا في اهتمامات المواطن اليمني مع وجود ما يؤرق مضاجعهم ويجعلهم يعيشون حياة ملؤها القلق والخوف جراء الخطر الذي يهدد مستقبل الوطن والمواطنين وما قد ينتج عنه من صراعات دينية وطائفية وانحرافا مجهولا لهوية اليمن القومية العربية ، وهذه الخطورة تكمن في الأحداث التي تجري في مناطق محافظة صعده وما جاورها من المدن الاخري ومستوى المواجهة الحربية التي يخوضها ابناء القوات المسلحة مع تلك العناصر الحوثية ومن يقفون معها سرا وعلانية ومن يدعمونها بالموقف أو الكلمة ومن يزودونها بالمال والأسلحة .
وبين ركام وأحداث هذه الفتنة الحوثية بصعده ومآسيها الحربية الدامية نجد الشارع الشعبي اليمني غير قادر على تكوين صورة مكتملة الملامح يستطيع من خلالها قراءة الوضع الخاص بأحداث صعده بكل أبعاده وحيثياته وجاهل عن نتائجه الآنية والمستقبلية في الوقت الذي يبقى متخبطا في تحليلاته المستقاة من بعض وسائل الإعلام المحلية والفضائيات العربية والعالمية – يستبشر حينا خيرا عندما يقترب أمل إنهاء الفتنة وسقوط رموز مشعليها – بحسب تصريحات مصدر مسئول – المتناقلة عبر وسائل الإعلام وخصوصا إعلامنا اليمني الحكومي ، غير أن هذا الاستبشار بالأمل سرعان ما تبدده وسائل الإعلام نفسها التي تنقل أحداث هذه الفتنة الهمجية وتعدد محاورها القتالية ومستوى التدمير والقتل والتشريد ، ومما يزيد هذا الأمل تبعثر هي الفترة الزمنية الغير متوقعة لدى المواطن اليمني في حسم المواجهة المسلحة مع عناصر وأتباع الحوثي المتمردة.
ومع ان الاستمرار في هذه الحرب الدموية وتأخر أبطال القوات المسلحة وعدم وضوح سياسة الدولة والحكومة اليمنية لحسم وإنهاء هذه الفتنة البغيضة المفتون بها أصحاب الأفكار الجاهلية المغرورة ، والمتمصلحون من ضحاياها تجار الطموحات الحقيرة وبغاة الثراء الشريرة ، والكارهون لأمن واستقرار اليمن العربية – هذا الاستمرار قد يجعل من الشارع اليمني صفحات يجب قراءتها ومراجعة انعكاساتها خصوصا من أولئك القائمون على إدارة شئونها والعاملون على رعاية مصالحها والمحافظون على حقوق أبناءها ممن قدر لهم أن يكونوا هم قادة نظامها ومسئولي مؤسساتها الخدمية والإيرادية والسيادية والذين يحتم عليهم هذا الظرف الحرج الذي تمر به البلاد النظر والمراجعة الدقيقة لهذه القراءات التي ينقلها الشارع اليمني ويتداولها أبناء الوطن الأبي والتي قد نجد أن أهمها يتركز حول الأتي:-
أولا:- إن الإيمان القوي والشعور النبيل الذي يتمتع به ويحمله جموع أبناء الشعب اليمني الواقفون في صف النضال الوطني المتمسكون بثوابت الثورة والجمهورية في ظل الوحدة اليمنية الراسخة يجعلهم منتظرون بشوق وغبطة بيان إعلان إنهاء الفتنة الهمجية ويتطلعون إلى مشاهدة اقتلاع جذورها وإحراق بذور ظهورها ومسح وإغلاق أي أمل لعودة خطورتها وبشاعة وجودها مرة أخرى على تراب أرضنا الطيبة أو في أوساط أبناء الشعب وشرائحه الاجتماعية المسلمة المسالمة – بيد أن هذه القراءة يستثنى منها قلة ممن امتهنوا السياسة حتى جعلوا منها حرفتهم الحياتية الوحيدة يرتزقون من ممارستها ، ويقتاتون من مخلفاتها ، القابعون منهم تحت عباءة السلطة الحاكمة أو أولئك الصارخون باسم مسميات سامية ومقدسة كانت وطنية أو قومية أو دينية.
ثانيا :- المتابع لأحداث الفتنة والصراع المسلح في محافظة صعده وما جاورها من مناطق محافظة عمران وخصوصا الغالبية العظمى من أبناء الشعب اليمني الحريصون على وحدة وطنهم وسلامة أمنه واستقراره الطامحون إلى تطوره وتقدمه وازدهاره هؤلاء قد نجدهم يتململون عند متابعة أحداث هذه الفتنة وليسوا قادرين على إخفاء استيائهم الشديد من مستوى الخطاب الإعلامي وخصوصا المرئي منه وإستراتيجية تعامله مع المواطن اليمني والعربي والعالمي في تغطية المعارك القتالية التي يخوضها جيشنا البطل ومعه كل الشرفاء وإظهار ماتم تحقيقه على ارض المعركة من تقدم لإنهاء الفتنة الحوثية وملاحقة عناصرها الظلامية بكل مصداقية – حتى وان كانت محزنة – لان الجانب الإعلامي وتحديد في مثل هذه القضايا المصيرية هو من يتحمل العبء الأقوى لمحاربة الطابور الخامس من الخونة والمشككين الذين يسعون في الأرض فسادا بوهم أمانيهم لشق الصف الوطني امام هذه القضية ، ونظرا لما يشكله الجانب الإعلامي من أهمية قصوى في تحديد مسار المعركة وما قد تعكسه مهنية خطابه من ردود أفعال ايجابية أو زعزعة الثقة لدى المواطن اليمني في نظامه والتزام قادته العسكريين ومدى ولائهم لوطنهم وأمنه واستقراره وهذا ما يجب أن تراجعه الجهات المسئولة من الإعلاميين والعسكريين والسياسيين – فلا يمكن أن ننقل للشعب قدرة قواتنا المسلحة على حسم المعركة في حين نرى إنها تعاود الكرة من القتال والمواجهة في مواقع ومناطق أعلن الجيش سيطرته الكاملة عليها سابقا – أضف الكثير من جزئيات هذه القراءة المهمة والتي يجب أن لا يغفلها أحد أو يتجاوزها مسئول يؤمن بخطورة هذه الفئة الحوثية الضالة الهمجية وتداعياتها المدمرة للوطن ومستقبل أبناءه.
ثالثا: قد تكون قاعدة ( الحاجة أم الاختراعات ) صحيحة ومنطقية في بعض الحالات والقضايا التي من الممكن أن يواجهها الفرد ولكن في ظل هذا الظرف ومع هذا الوضع وأمام هذه القضية أو بمعنى اصح وأوضح ( الفتنة الحوثية ) لا وجود لمثل هذه القاعدة على ارض الواقع لان من يواجه هذه الفئة الضالة هو الوطن بكل ماتعنيه كلمة الوطن من شعب ودولة وحكومة ونظام وجغرافيا وإنما مقدار الامتلاك للقوة والحق ومستوى الوعي ومدى الالتزام بالوفاء لهذا الوطن والشعب والنظام بثورته الجمهورية ووحدته العظيمة هو من يستطيع أن يقرر المصير الحتمي الذي تتجه إليه نتائج هذه المعركة الخاسرة بالنسبة للطرف الأخر من جماعة الحوثي العاصية لدينها ووطنها ، المستعصية على نفسها ومن يناصرها ، الجاهلة بفكرها وثقافتها – وإذا ما قرأنا حال الشارع وأخذنا عينات من مقارناته المتعلقة بهذه الحرب وحاولنا تفحص هذه المقارنات بين طرفي الحرب ( الدولة وما تمثله من قوة عسكرية ودعم شعبي وإمكانيات مختلفة ..... الخ من جهة ) وجماعة الحوثي وما تمتلكه من قدرات وإمكانيات بشرية ومادية ودعم داخليا كان أو إقليمي من جهة أخرى - ونظرنا إلى مستوى المواجهة بين الطرفين وأمعنا التفكير في صلابة بقاء الحوثيين أمام آلة الجيش العسكرية المنظمة والمدربة – ذلك قد يجعل من الغيظ الذي يستشيط به الشارع اليمني تحولا غير محمودا وانعكاسات سلبية قد تؤثر في زعزعة إيمانه وثقته المطلقة بالمؤسسة العسكرية وقدرتها على حماية امن الوطن واستقراره وحفاظها على وحدته واستقلاله ، وقد تجعل الطريق ممهدة أمام تلك الشائعات والمعلومات التي يسربها إليه البعض عن وجود خيانات في صفوف القيادات العسكرية التي تمد الحوثي وجماعته المارقة بالعتاد العسكري والأسلحة المختلفة وتسهل من عملية تموينهم بالاحتياجات والمعلومات سواء من رموز ومراكز قوى يمنية أو من منظمات عربية وإقليمية – ومنها وبها ( أي تلك الشائعات والمعلومات ) قد يكون الشك متبوعا باليقين تؤيده ويترسخ في ذهن الشارع بتصريحات – حميد الأحمر – { التي أتحفظ شخصيا في صحتها ومصداقية المعارضة التي يقودها } وبالذات في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها الوطن ومؤسساته السياسية والسيادية التي يعتريها الغموض والخوف من الرد والتكذيب لتلك الشائعات والتصريحات – وهذا مالانأمله ولا نقبله إطلاقا.
رابعا: الحياة نظام، والدولة دستور وقانون – وحين يفتقد القانون لسيادته المطلقة ويبقى الدستور مواد ورقية مكتوبة فقط فان النظام بلا شك لابد أن يختل ، وبالتالي فان الفوضى واللامبالاة هي الأسلوب في التعامل – هذا من جانب – أما الجانب الآخر فانه حين تختزل النجاحات والانجازات سواء كانت متمثلة بالثورة أو الوحدة في شخصيات بذاتها أو جهات بعينها أيا كانت – سياسية أو قبلية أو مناطقية أو غيرها – فان ذلك من عوامل نسيان دور الآخرين وعدم التعاطي مع تضحياتهم في تلك الانجازات والنجاحات بإنصاف ومسؤولية وطنية متجردة ، ذلك الاختزال للنجاحات والانجازات يقابله النسيان للأدوار والتضحيات جعل من عملية التواصل والالتقاء بين المختزلون والمنسيون حالة مستحيلة وحلقة مفقودة خلقت نوعا من الإحباط وعدم الشعور بالمسؤولية تجاه كل القضايا والتحديات التي تضرر ويتضرر منها الوطن بشعبه وثورته ووحدته ومنجزاتهما المكتسبة – استفاد منها المختزلون كثير من الجاه والسلطة والثروة وخسر أمامها المنسيون مزيدا من التضحيات والجهود المبذولة ، ولم يجد معا القانون أو النظام قوته الحقيقية وسيادته المطلقة وفيها ظهر عجزه وعدم قدرته في محاسبة الفاسدين وردع ومعاقبة المخربين والمجرمين.
هذه القراءة نجدها في الشارع اليمني ولكن ظهورها جليا كان بعد تلك المذكرات والسير الذاتية التي نشرت لبعض الشخصيات اليمنية المتمركزة في قيادة الدولة والحكومة والرموز الاجتماعية القبلية الهامة ( التي أكن لها شخصيا كل الاحترام والتقدير ) وانبلجت بصورة واضحة بعد حرب الدفاع عن الوحدة في صيف 94م بذلك التقاسم للسلطة المبني على تحالفات غير ثابتة هدفها الشراكة في تولي مناصب قيادية لمؤسسات الدولة والحكومة المركزية والقاعدية والتي سرعان ما تفككت تلك التحالفات نتيجة لبعدها عن الثوابت الوطنية وهشاشة الأداء المطلوب لبناء الدولة اليمنية الحديثة وعدم الارتقاء بأهمية المسؤولية واعتبار ذلك التقاسم والشراكة حقوق مكتسبة أفرزتها نتائج حرب 94م.
أضف إلى ذلك أن الديمقراطية التي جاءت بها الوحدة المباركة لم تكن بمعناها الحقيقي الشامل للممارسة الفعلية في جميع اتجاهاتها المختلفة وإنما اقتصرت وحوصرت بين فكي ( الناخب والمرشح ) وهامش بسيط من الحرية الإعلامية والسياسية الغير فاعل المتجرد من الأهداف ، ولم تفتح الأبواب أو يسمح لإشعاع نور الديمقراطية أن يسطع في جميع مرافق ومؤسسات الحكومة المختلفة كي تقوم هذه المؤسسات بدورها في التنمية الإدارية والخدمية والإصلاحات الايجابية بطرق ديمقراطية ومسؤولية وطنية عبر كوادر وكفاءات مؤهلة ذات خبرة عالية نزيهة وشريفة بعيدا عن مسألة الاحتواء السلطوية كانت حزبية أو قبلية أو مناطقية أو تابعة ملكية لشخصيات ذات مراكز قوى محمية – وهذا بدوره جعل من الأحزاب والتنظيمات السياسية التي تدعي المعارضة مسميات مفرغة من جوهر المعارضة - وطنية الانتماء - التي تقف إلى جانب نصرة ودعم وتطوير كافة قضايا الوطن ومصالحه المستقبلية – وكان نأيها عن الاهتمام بقضايا الشعب الحقيقية وعدم جديتها للمشاركة في معالجة مشاكل الإنسان اليمني المتعلقة بحياته الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والدينية من خلال رؤية إنسانية ذلك هو ما افقدها المصداقية حتى استشرى الجمود
واستوطن في هياكلها التنظيمية القاعدية والوسطية في حين ظلت قياداتها المركزية (التي امتهنت السياسة – كما أسلفنا سابقا ) لايجد نشاطها إلا بوابة وحيدة ورئيسية للمعارضة هي بوابة المناكفات السياسية التي من خلالها قد يحركون عناصرهم في فترات موسمية تحددها مواعيد الانتخابات المتنوعة بغية الوصول إلى سدة الحكم والسلطة.
نقاط هذه القراءة التي نستشفها من حياة الشارع اليمني بصورها ومفرداتها المختلفة نجد أن جميعها معطيات أساسية فتحت المجال أمام تلك العناصر الحوثية الطفيلية حتى استطاعت التوغل بشدة والتواجد بقوة في جميع مفاصل الدولة والحكومة بوجه متستر بقناع الثورة والجمهورية وانخرطت كثير منها في العمل السياسي والإعلامي في اغلب إن لم تكون جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية الحاكمة منها والمعارضة حتى الأحزاب والتنظيمات المفرخة من السلطة والمعارضة كان للعناصر الحوثية مقاعد مرموقة فيها ( وما اجزم به يقينا أن هذه العناصر والقيادات الحوثية بأفكارها المتخلفة الهدامة مازالت تعيش في مناصبها وتمارس صلاحياتها بحرية دون النظر أو التفكير من الجهات المعنية بخطورتها ) .
* اختزال الثورة بطريقة دونية ، وتجريد النظام والقانون من قوته بعدم تطبيقه والحزم ضد مخالفيه أيا كانوا ، وتقاسم السلطة مابعد الوحدة وحرب 94م ، وجمود الأحزاب السياسية المعارضة وصهر نشاطها في قالب السياسة البحتة واستغلال إمكانياتها وطاقاتها للتفكير بامتلاك السلطة فقط ، وعدم توسيع قاعدة المشاركة الديمقراطية لتشمل مؤسسات ومرافق الحكومة المختلفة ، وبقاء التواجد للعناصر الحوثية في مرافق الدولة والحكومة وسلطاتها المختلفة وامتلاكهم حق اتخاذ القرار في غالبية القوى السياسية والمنظمات والهيئات النقابية والجماهيرية – جميعها عوامل شجعت الحوثيين لإقدامهم على إجراء بعض التجارب الاختيارية لمستوى قدراتهم القتالية ومدى صلابة أنيابهم الوحشية البشعة عبرت عنها الحروب الخمسة الماضية والتي منها نسجت خيوطها التآمرية بربط العلاقة مع بعض القوى الإقليمية الحاقدة والاتصال والتعاون مع منظمات إرهابية وإجرامية – وكان وهمها وعمى بصيرتها قد افرغ فكرها من أدنى المعتقدات الدينية والإنسانية والأخلاقية ، وبهشاشة خيوط علاقتها الإجرامية الحاقدة تحاول هذه الفئة الحوثية العنصرية إحياء أمل عودة سلطتها الفردية الهالكة وفرض وصياتها الإلهية المطلقة – كما تدعيه زورا – على الأمة. برز هذا الأمل حين كشرت أنيابها الدموية الخبيثة في هذه الحرب السادسة بصعده – التي نتعشم خيرا في قيادتنا أن تكون هي الأخيرة.
خامسا: من لم يتعلم ويقرأ التاريخ باستيعاب فانه قد يكون أعمى لمواكبة وحياة الحاضر ، وبالتالي فانه يكون قاصرا وعاجزا في مواجهة تحديات المستقبل – فلسفة واقعية نجدها حاضرة الامتداد مع أي مرحلة نعيشها – نتجرع مرارتها عندما نتجاوز تاريخنا ونبعده عن واقعنا ، نستمتع بحياتنا ونقدر قيمة وجودنا حين نستلهم عراقة حضارتنا – وهذه أيضا تعبيرات إنشائية تحمل معاني ذات دلالات كبيرة ومهمة ، توحي تداعياتها بعظمة انجازاتها وهذا ما يدفعنا لقراءة تاريخنا مرات عديدة ومتكررة بعمق وجدية حتى ندرك أن اليمن بشعبها لم يتردد أو يتقاعس عن نصرة ودعم كافة القضايا الدينية والعربية والإنسانية العادلة وهذا ماعرفت به اليمن منذ نشأة الحياة البشرية مرورا بفترات زمنية متلاحقة حتى ظهور الرسالة الإسلامية بلغة الضاد المحمدية وهويتهما العربية والتي من خلالها تقلد اليمنيون شرف الصفوف الأمامية لمواجهة وقتال جيوش الكفر الجاهلية ، وتواصلت تلك القيادة الفاعلة لليمنيين بفتوحات إسلامية خالدة جسدت مفاهيم دينية وأخلاقية سامية على إثرها سقطت وانتهت إمبراطوريات عظيمة منها الإمبراطورية الفارسية ذات الأفكار الجهنمية والاعتقادات الإلحادية بعبادة النار المجوسية ، ومع أن الإسلام خيم على تلك المنطقة غير أن بعض من بقايا الفرس المجوسية ممن جهروا باعتناق الإسلام دينا وعقيدة خوفا من الموت أو الجزية ظلوا متخفيين بعكوفهم أمام النار الملتهبة يشعلون منها حقدهم وكراهيتهم تجاه من اسقطوا إمبراطوريتهم العظيمة من العرب والمسلمين وفي مقدمتهم تلك القيادات اليمنية الإسلامية ، وازدادت النار المجوسية لهيبا واحتراقا في أفكار وثقافة بعض القيادات الفارسية المتعفنة خلال فترة الحرب العربية الفارسية او ما يسمى اليوم بالحرب العراقية الإيرانية وفاعلية المشاركة اليمنية – الشعبية والرسمية – في تلك الحرب انطلاقا من ضرورة التضامن العربي وعملا بميثاق الدفاع العربي المشترك الذي لم يرغب فيه أعداء الأمة العربية والاسلامية كأدعياء الإسلام من بعض العناصر الفارسية التي انتهجت الحقد فكرا وثقافة ، والكراهية والثأر طريقا للوصول إلى نقطة الانتقام الغير مشروعة – وتلك حقيقة تاريخية لا يمكن إنكارها أو تجاهل تداعياتها – التي نشهد جزءا من ملامح صورتها في مستوى الدعم المادي والمعنوي والسياسي والذي قد يصل أو وصل فعلا الى المساندة العسكرية المسلحة لجماعة الحوثي المتمردة واستخدامها أداة طيعة وسهلة لتنفيذ مخطط إجرامي في هذا الوطن الأصل للعروبة، ويزيد في إطالة غيبوبة القيادات العربية الفاقدة التفكير حول ضرورة العمل من اجل إحياء النهضة للمشروع الحضاري العربي – وما ذلك الالتقاء في الرؤية والعمل الذي كشفه احد الكتاب من الساسة الأمريكيين في كتابة بعنوان ( التحالف الغادر ) والذي جمع إيران الطامحة في إعادة مشروع هيمنتها الإمبراطوري الفارسي على أهم منطقة عربية من جهة ، والصهيونية المدافعة عن مشروعية وجودها في قلب الوطن العربي من جهة أخرى ، والولايات المتحدة الأمريكية بمشروعها الذي يضمن مصالحها من ثروة الأمة العربية من جهة ثالثة – وهذا يعكس الصورة الحقيقية ومستوى تأبط الشر الذي تخفيه تلك القوى تجاه الأمة العربية والإسلامية والتي كان من أقبح نتائجها التآمر في ضرب العراق واحتلاله لنهب ثرواته والنيل من حضارته العربية بتدمير وسرق آثاره والإطاحة بنظامه وقائده الشهيد المجاهد الذي مجد الله حياته حال استشهاده بالشهادة الرئيس صدام حسين – وهذا ما قد نراه يتكرر ولكن بأسلوب آخر خصوصا في اليمن الذي يشكل جزءا مهما في الوطن العربي بإستراتيجيته الجغرافية وحضارته التاريخية.
من ناحية أخرى فان المرحلة الآنية التي يمر بها الوطن اليمني وما يشهده من تمرد حوثي مسلح ومدعوم فان الشك يراودنا من أن بعض أشقاء العقيدة والأخوة العربية يحاول عبر هذه الحرب أن يذكرنا بما يعتقده خطأ في موقفنا إبان اجتياح النظام العراقي السابق لدولة الكويت ، والبعض الآخر قد يتخذها فرصة ليظهر عدم تفاعله مع مايجري في اليمن – بعكس عادته وموقفه – وبها يرسل رسالة لوم وعتب جراء تخلفنا عن حضور مؤتمر غزة الذي انعقد بعاصمة دولة قطر الشقيقة – الدوحة – ( الذي نحن الينميون المناصرون والمساندون دوما وأبدا لقضية العرب الأولى – فلسطين المحتلة – نعيش هذا الغموض المسبب عدم حضورنا مؤتمر غزة ) .
ولكن يبقى الشك وهما لان ثقتنا هي من تدرأه ليصبح سرابا منسيا لعلمنا وإدراكنا بان أشقائنا العرب والمسلمين الحقيقيين لايمكن ان يفرطوا في امن واستقرار وسلامة وطنهم الأصل للعروبة ( اليمن ) ولن يسمحوا أبدا بالمساس بوحدته العظيمة الخالدة ، ولايمكنهم إطلاقا السكوت والتغاضي عمن يحاول العبث بموطن عمقهم التاريخي والاستراتيجي الأمني .
أما سادسا وسابعا حتى عاشرا وما بعده في هذه القراءات للشارع اليمني تجاه الحرب الدائرة رحاها في محافظة صعده فإنها تساؤلات ملحة نبحث عن إجابات شافية لها يسبقها تأكيد يجب البوح والتصريح به وهو التضامن والمساندة الكبيرة والعظيمة التي يبديها أبناء الشعب اليمني مع أبطال قواتنا المسلحة ودعمهم المطلق لقيادتنا السياسية وكل الشرفاء – في هذا الظرف الحرج – للنيل ودثر هذه الفئة الحوثية المتطفلة الدموية وكذا شغفهم المترقب الإعلان عن إنهاء العمليات العسكرية وعودة الأمن والاستقرار إلى ربوع محافظة صعده واليمن كله – أما التساؤلات فإنها محفوظة لابد من طرحها أمام القيادات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها في وقت لاحق يكون اليمن وأهله قد تعافى من محنته الحالية ، ونؤكد بان تساؤلاتنا لن تكون أبدا بطريقة غير وطنية وحضارية وليست لترصد الأخطاء وحسب وإنما هي لتصحيح ماهو خطأ لنستطيع تجاوز السلبيات ونكون قادرين على معالجة مشاكلنا ومناقشة قضايانا الوطنية المصيرية .

وما قد نجده مواتيا وتستدعي الحاجة أن نطرحه في هذه المرحلة هو:-
هل سنشهد بعد إنهاء هذه الفتنة تكرارا لما حدث سابقا من اختزال ونسيان وتقاسم؟ أم أن النظام والقانون وتحقيق مبدأ الثواب والعقاب هو من سيكون سائدا لبناء الوطن ودولته اليمنية الحديثة ...!؟
وهل ستفيق أحزابنا السياسية ومنظماتنا الجماهيرية ونقاباتنا المهنية من غيبوبتها وتصحو من نومها العميق لتشاهد واقع اليمن المحزن وترتقي بمفهومها الفكري لإثبات مصداقية خطابها السياسي وتؤكد عملية انتماءها لوطنها بترجمة فعلية لأهدافها على ارض الواقع ؟ أم أن سكوتها وعدم الإفصاح عن موقفها حيال ما يجري في صعده ( وخصوصا أحزاب المعارضة ) والاكتفاء بعرض مشاريع سياستها الورقية في دهاليز وأروقة مقراتها هو من سيؤهلها أن تكون جديرة ومخلصة لقيادة هذا الوطن الغالي ...!؟
نقول وبكل أمانة ومسؤولية تاريخية انه من العيب والسخرية والاستهتار والعبث وكل أدنى كلمات التعبير أن نقبل أو يقبل هذا الشعب العظيم وكل الشرفاء والمخلصين لهذا الوطن أو نسمح لمن خلق مشكلة وأثار فتنة أن يكون جزءا من الحل . وهم واهمون من يعتقدون أن من أراد أن يكون حلا عليه أن يخلق مشكلة أو يثير قضية لمصلحة ذاتية أو يدير صراعا مسلحا عبثيا....
[email protected]
.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.