من الاشياء الجملية التي تتميز بها منطقة تهامة بالاضافة الى وديانها الكبيرة وسهولها الخضراء وشواطئها الساحرة ومدنها التاريخية وما تزخر به من تراث وموروث شعبي متنوع هو وجود تلك الشريحة الكبيرة من الأدباء والمبدعين الذين يشكلون حضوراً غير عادي على الساحة الثقافية بل ويعتبرون من أهم روافدها في اليمن الامر الذي يرسم دائماً ملامح الدهشة على وجوه الكثير من الناس ويثير عدد من التساؤلات حول هذه الظاهرة الجميلة التي تمتاز بها هذه المساحة من الارض فوق تراب هذا الوطن المعطاء المتفرد بينابيع الجمال المذهلة على امتداد التاريخ وماشد انتباهي للكتابة حول هذا الموضوع هي تلك التجليات الابداعية في بعض اعمال الشاعر- علي حسن بكاره فهو بالاضافة الى كونه قاصاً وحاصلا على العديد من المراكز الأولى التى نالها في بعض المسابقات الشبابية التي اقيمت في القصة فهو ايضاً شاعر له العديد من الأعمال الغنائية وأهم هذه الاعمال الأول بعنوان «ثورة شعب وشجاعة قائد» والذي عرض على خشبة المركز الثقافي بالحديدة والذي وجه بتقديمه الاخ العميد محمد صالح شملان محافظ المحافظة إعجاباً منه بهذا العمل وكما هو دأبه دائما في تشجيع المبدعين من أبناء هذه المحافظة أما العمل الثاني للشاعر كان بعنوان «أهازيج على سهل وادي تهامة». وقد سجل للتلفزيون وهو عبارة عن عدد من اللوحات التهامية المعبرة عن البيئة التهامية الزراعية، وما تختزله الطبيعة فيها من مكونات جمالية هذه اللوحات المعبرة تنوه في دلالتها على مدى العمق التاريخي لهذه الأرض والبعد الثقافي والجمالي لتراث وموروث هذه الأمة المتفردة بمزايا إنسانية ونفسية وأخلاقية وغيرها من الخصائص التي أودعها الله في انسان وطبيعة هذه الارض ويتجلى جزء من هذا الملمح في لوحة (مشتاق لوادي تهامة) وذلك في قول الشاعر منها: ياشعب وادي تهامة ياشهد يقطر غمامة تسقيك وديان ربي مالاح برقه علامه سردود غنى وزغرد مابه حلى..... ذا طعامه سهام وامغيل دايم جنه خضيره تهامه وبعد أن صور لنا الشاعر في هذا المقطع جمال الطبيعة التهامية، ينتقل الى مقطع آخر في نفس القصيدة، ولكن هذه المرة ليصور لنا طبيعة إنسان هذه الارض واصفا بعض الخصائص النفسية التي يمتاز بها. وذلك في قوله ياشعب وادي تهامة واشهد يقطر غمامة أهل القلوب الرحيمة أهل الوفاء والسلامة وفي هذا اشارة الى قول الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) «جاءكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئده» وهو الذي وصف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الخاص- العكيون والاشاعره من تهامة - بالعام وهم أهل اليمن جميعاً عند وفود هؤلاء عليه الاعلان إسلامهم ومن هذا المنطلق تتجلى صياغة الشاعر الفنيه لهذا المشهد فهو بعد ان وصف اهل تهامة بالشعب باعتبار كبر المساحة والخصوصية التي يمتاز بها اهل هذه المنطقة من المكونات التي يوحي بها المعنى السياسي لهذه المفردة ولكن الشاعر يرفع هذا الوهم الذي قد يتبادر الى ذهن المتلقي بقوله: هيا نغني لصنعاء هيا اطربي ياحمامة ليثبت أن هذا الشعب الذي تحدث عنه هو جزء من هذا الوطن الممثل بعاصمته صنعاء وغناء تهامة هنا يحمل في بعده الدلالي الولاء لقيادة هذا الوطن، كما ان هذا البيت وغيره في القصيدة يوحي بكبر هذا الوطن واختلاف مجتمعاته الزاخرة بكل المقومات الثقافية والتاريخية التي تدل على عراقة واصالة هذا الشعب. ومع ان تهامة تمر بها العديد من الاودية الكبيرة والصغيرة ولكن لا يخلو سهلها الواسع من وجود بعض المساحات الجافة أو غير المستغلة زراعياً نجد أن تهامة كل تهامة تتراءى للشاعر وادٍ واحد لما تمتلكه تهامة من معوقات قابلة لتحويل كل هذه المساحة الى لوحة زراعية مبهرة تعود على الوطن بالنفع وفي هذا دعوة لاستغلال كل شبر من هذه المنطقة زرعياً بل ودعوه خاصة لأبنائها بالاهتمام بهذه الارض كما كان عليه الاجداد، وهذه النظرة الجمالية لدى الشاعر والتي تعكس جمال روحه قبل كل شيء ومدى حبه لارضة وارتباطه بها تبرز لنا بوضوح في لوحة (هايم أنا هايم) في قوله: هايم أنا صرت هايم في امذهب بين امتهايم ومن يزرع الارض يجني ويعيش في خير دايم ثم بعد استطراد حول هذا الموضوع ينقلنا الى مشهد جمالي آخر من مشاهد الطبيعة لا يقل أهمية عن الزراعة بل ويشكل الرديف المعيشي لها في حياة أبناء اليمن ككل لارتباطه بها وهو الرعي، فهاهو يخاطب الراعية أمامه: وراعيه في تهامه والجو هتان غايم الارض خضرة مراعي كاسو حليبو وكدره ثم يختتم هذه المشاهد التصويرية بقوله: خضرا الحديد وجنه عروس بحر امتهايم من باب إطلاق العام على الخاص والجزء على الكل.