- بقلم: لؤي يحيى عبد الرحمن الارياني - المصطلحات العجيبة التي يخرج علينا بها بعض الأخوة العرب لوصف ما يحدث في لبنان تذكرنا بالتسميات الإسرائيلية لعملياتها، ففي الوقت الذي يطلق الجيش الإسرائيلي أسماءً مثل "عناقيد الغضب" و"أمطار الصيف" على عملياته، يقترح عليه إخواننا العرب لهذه المرة تسميات من نوعية العمليات غير المحسوبة والأحلام الشيطانية. إن "الأحلام الشيطانية" التي راودت وزير الخارجية السوري - حسب وصف وزير الخارجية السعودي للطموحات العربية في الصمود والمقاومة- هي نفس الأحلام التي تراود مئات الملايين من المسلمين- حتى وإن كان الشيطان هو الذي زين للمقاومة الإسلامية أن تقوم بالإعمال البطولية وبالصمود أمام آلة الحرب الإسرائيلية.. فهو بالتأكيد شيطان اشرف وأشجع وأكثر عروبة من كثيرين. فالشيطان الذي يزين للناس المقاومة والصمود وفاحشة الحياة في وجه الموت الذي يراد لهم هو شيطان فقط في أي أعين من يرى أن المقاومة والصمود معصية.. وهو بالتأكيد شيطان يجب أن يُقلد ارفع المناصب ليقودنا إلى النصر. إن "الأحلام الشيطانية" التي يستعيذ بالله منها وزير الخارجية السعودي هي طموحاتنا جميعا.. ولكنها في نظر البعض انعكاس لكوابيسهم المخيفة في قلب المعايير وتغيير قواعد اللعبة- بل وربما القطع المستخدمة فيها! أحلامنا "الشيطانية" قد تكون أسالت الدم، ولكنها في هذه المرة ليس دمائنا فقط ، بل ودمائهم.. أحلامنا الشيطانية قد تكون أطلقت صرخات الألم ونواح الثكالى، لكنها هذه المرة كانت صرخات باللغة العربية والعبرية.. أحلامنا الشيطانية قد تكون تسببت في نشر صور للقتلى العرب في قناة الجزيرة الفضائية، ولكنها هذه المرة تسببت في نشر صور القتلى الإسرائيليين أيضا في تلفزيون إسرائيل، ولأول مرة يكون هناك فعل ورد فعل.. ولأول مرة نرى انتفاضة في الجسد الذي ظننا انه مات ولن يتحرك أبدا.. في الجسد العربي.. الجسد الذي إن عانى من الأحلام الشيطانية فهو أفضل ألف مرة من أن يعاني من الجرثوم لعشرات السنين- وإن كانت أحلامنا ستجعل من سمير القنطار ورفقائه يعودوا إلى الديار فلتكن أحلاما شيطانية. كما أن من المستنكر في ظل الاعتداءات البشعة على لبنان أن يشير البعض إلى أن المسألة بالنسبة لهم مسألة (فلوس)، وبأن ما يُهد في لبنان من منشات بُنيت بأموال خليجية!! فهم يحاولون القول للبنانيين أنهم ليسوا أحراراً في اختيار مسألة الصمود والمقاومة- فعلى اللبنانيين أن يتذكروا أن البيوت التي يضحوا بها إنما هي ملك لآخرين ! نسوا بأن المبنى الذي يدعون أنهم بنوه في لبنان قد انهار على رأس أبطال صامدين شرفاء وسالت دمائهم التي هي أغلى وأنفس من هذا السقف، ومن كل ما بنوه في لبنان، وكل ما بنوه في بلادهم، وكل ما بنوه في أمريكا وأوروبا. فالحديث عن سفاسف الأمور وحقائر الدنيا مثل المال الخليجي في وسط الملحمة الإنسانية التي يسطرها أبناء لبنان، ووسط المذبحة التي لا تستطيع إسرائيل أن تربي أجيالها دون أن تخوضها لهو فعل يحتاج إلى كم مهول من الجرأة، وتعطل كامل لبعض الحواس الرئيسية مثل السمع والبصر والأخلاق!. أحين تقصف البيوت وتزهق الأنفس يصحّ الحديث عن ما "بنوه" في لبنان؟ أيصح الحديث عن خطأ المقاومة فيما العالم الإسلامي يصرخ من أقصاه إلى أقصاه غضبا على دمائه التي تسال في لبنان!؟ حتى النعاج حين تذبح تصيح وتصرخ.. ولكنهم يريدون إخواننا في لبنان أن يموتوا في صمت، وان يقتلوا بهدوء، ويأسروا في هدوء، ويشردوا في هدوء.. لا يريدون لصيحات الألم أن تقلق راحتهم ومزاجهم..! أناشدهم - من اجل ماء الوجه على الأقل- بان يستدعوا كل قدراتهم، ومهاراتهم الكبيرة التي مكنتهم من الصمت في الأحداث الجلل التي مرت بها امتنا الإسلامية، وان يستدعوا كل إمكانياتهم في السكوت على المصائب التي عاشتها بلادنا الإسلامية.. وان يستدعوا كل طاقاتهم في الخرس.. ويخرسوا. [email protected]