تنتشر بميدان التحرير في العاصمة اليمنية صنعاء بسطات لبيع الكتب الدينية والثقافية وأيضا الكتب المدرسية للصفوف من الأول وحتى التاسع من التعليم الأساسي, خاصة الكتب العلمية التي تتوفر بكميات كبيرة ويقبل عليها الطلاب وأولياء أمورهم لتزويدهم بما ينقصهم منها. وبقدر ما تبدو كتب الأرصفة خاصة الثقافية منها حاجة لمحبي القراءة، إلا أن الكتب المدرسية المتوافرة في الشارع هي حاجة لطلاب المدارس، حيث يرى الكاتب عادل الأحمدي أنها بذلك تبدو عملية تجارة تتم على حساب الطلاب. وأشار الأحمدي بأصبع الاتهام إلى ما أسماه الفساد الإداري والمالي في مطابع الكتب المدرسية ووزارة التربية والتعليم، مشيرا إلى كتب البسطات المدرسية من الطبعات الحديثة التي لم تصل للمدارس بعد، "فكيف وصلت لبائعي الأرصفة قبل تزويد المدارس بها وسد احتياجات الطلاب منها؟". ولفت أيضا إلى أن ثمة نوعا آخر من الفساد، فهناك كتب تشترى بكميات كبيرة وتشجيعية من قبل وزارات وجهات حكومية تهتم بالكتاب والثقافة تشجيعا للمؤلفين، لكنها لا توزع على المكتبات العامة وتبقى حبيسة المخازن وتغدو فريسة للفئران، أو تدخل للسوق السوداء وتتحول إلى بائعي كتب الأرصفة. في الجانب الآخر تبدو أرصفة ميدان التحرير غنية بالكتب سواء الدينية الفقهية منها أو التي تعنى بالتفسير والحديث والسيرة، إضافة للكتب التراثية والإسلامية العامة وهي الأكثر في المعروضات والشراء أيضا، بينما ترتصف بجانبها كتب الحب والغرام والجنس والنكت والسياسة والطبخ والمرأة والرشاقة والسحر وتفسير الأحلام وغيرها. وثمة نوعية من الكتب تباع على الأرصفة، وهي كتب الماركسية العلمية التي كانت تكتظ بها مكتبات النظام الاشتراكي الحاكم في عدن قبل الوحدة، فتبرز على الأرصفة معروضة للبيع، إلى جانب كتب دينية مختلفة الأشكال والأحجام من التي كتب عليها "توزع مجانا ولا تباع" وهي كتب بكميات كبيرة حصل عليها أشخاص أثناء زيارات لهم للسعودية لتوزيعها مجانا على الناس. ويقول عدد ممن يتردد على هذه الأماكن إن الأرصفة تقدم كتبا لا توجد في المكتبات العامة، كما لا تجد فرقا في الأسعار في الأرصفة أو المكتبات، ويظل سعر الكتاب أغلى مقارنة بمصر التي بات الكتاب فيها شعبيا ورخيصا، كما أن الكتاب اليمني التاريخي والعلمي أو حتى الثقافي غائب عن المكتبات كما في الأرصفة. وتبقى كتب الأرصفة بقدر ما تعكس فقر المثقف الذي يريد شراء الكتاب أو باعه لأصحاب الأرصفة، إذ إن الكتب التي تزخر بها الأرصفة وخاصة بميدان التحرير في صنعاء هي بقايا مكتبات شخصية اضطر أصحابها لبيعها في وقت عصيب مر عليهم كانوا بحاجة لمبلغ من المال يقيهم ذل الحاجة ويوفر لهم لقمة عيش بسيطة. وكشف عادل الأحمدي، وهو صحفي أسس مؤخرا مركزا لإصدار الكتب، أن بعض بائعي كتب الأرصفة هم من المثقفين وممن يعشقون القراءة، وبذلك جمعوا بين التجارة والثقافة مثل الشاعر محيي الدين جرمة الذي بدأ بائعا للكتب على الأرصفة. "الجزيرة نت"