نحن اليمنيون نعيش فروقات وأحداث عجيبة غريبة في حياتنا وحاضرنا ونظرة البؤس والشقاء والإحباط هي نقطة الالتقاء التي تجمعنا سواء كانت في مجالسنا أو حواراتنا ونقاشاتنا، وفي غربتنا نجتمع، ونتفق في الأخير على أن لا نتفق..! لا يوجد يمني واحد على وجه هذه الكرة الأرضية- مغترب أو مقيم في وطنه- لا يدور في حلقة ضائعة بين مستجدات قديمة في واقع نعيشه، نسمعه ونرفضه، وفي الأخير نتقبله ونرضخ لكل الأمور كأنها واقع مسلم به ولا يمكن تغييره. وبكل أدب نستسلم لواقعنا لأنه الواقع المرير والقدر المكتوب الذي قررته لنا فئة من أصحاب السعادة والسيادة، والتي ليس لها في السعادة صفة، ولا في السيادة إحساس بالمسؤولية تجاه ما يقومون به! تعودنا واعتدنا، وعدنا لكي نقول نفس الكلام من تلك الاسطوانة المشروخة التي مللنا الاستماع إليها، أو الحديث عنها في كل مكان وزمان وجلسة، وحتى لقاءات تجمعنا ببعض سواء في داخل الوطن أم خارجة. المواطن اليمني أحتل الصدارة في العالم في البؤس والشقاء من جميع النواحي فهو المواطن المحروم والمتخلف والمعاني والشاكي والباكي إبتداءا من باب وزارة حكومية أو دائرة أو مؤسسة إلى أبواب سفاراتنا المقدسة في الخارج، والتي يكون فيها السفير الحاكم بأمر الله في تلك الدولة الموفد إليها ولا يرضى أن يستمع لشكوى مواطني دولته التي يمثلها، ولكن يجد الوقت الكافي لكي يحضر الاحتفالات الساهرة والراقصة في بارات تلك الدولة أو غيرها، فهو أحق بهذه المتعة، وهذا التصرف اللآ مسئول بأموال الدولة والمواطنين المغتربين من طلبة وغيرهم طالما لا أحد يحاسبه.. فأبن عمه الوزير، وخاله وكيل الوزارة، وابن خالته مرافق لفلان من الناس ذو نفوذ! سبب تخلفنا- نحن اليمنيون- بالذات دونا عن الشعوب الأخرى ليس الفقر وحده، فالفقر أسلوب حياة، والتخلف أسلوب فكر وعلم وثقافة، والعلم لا ينمو ولا يكتسب بالمال بل بفكر نظيف واعي، وخالي من الشوائب التي زرعنا فيها رؤوسنا من القات وترسباته، وسببت لنا إعاقة فكرية دائمة يصعب استئصالها أو إيجاد حل لها لأن الجميع يتفق في هذه النقطة بالذات أن القات هو ذلك الدواء السحري العجيب الذي يجعل السياسي يصدر القرارات الفذة، والكاتب يبدع في كتابة المقالات، والتاجر يعقد الصفقات، والناس يجتمع شملها في مجالس القات لكي تحيي بعضها، وتقرب الود فيما بينها لذلك فالقات هو المحرك الأساسي والدينمو النشيط للشعب والدولة لكي تضمن لها الاستمرار.. فأي دولة في العالم لا تصدر قراراتها إلا بعد أن تدرس القرار جيدا بعد التخطيط والتعمق في الدراسة وحساب النتائج السلبية والايجابية لهذا القرار أو ذاك، ووضع الحلول الاحتياطية لأي حدث مفاجئ طارئ يعود سلبا على قرارات تتخذ بحق دولة وشعب، ومن ثم يصدر القرار النهائي في جلسة ختامية يتم الإعلان عنها بعد دراسات مكثفة بهذا الشأن. ومن ناحية أخرى فنحن في اليمن مختلفون حيث إننا ما شاء الله تبارك وتعالى في قمة الإنسانية والرحمة مع الشعوب الأخرى.. تظهر النخوة والشهامة فجأة، وتطبق الحكمة اليمانية في تدخل دولتنا الحبيبة لحل مشاكل الصومال، ولكن كل وساطاتنا لحل الحرب القائمة في صعدة مع أخوة لنا – يمنيون- بغض النظر عن مذهبهم لم تفلح ويا سبحان الله..!! نقوم بمد لبنان بالمساعدات، ونحن كدولة لازلنا من ضمن الدول الأشد فقرا في العالم، وأغلب ميزانياتنا من مساعدات خارجية ولكن بشهامة العربي اليمني الأصيل ننسى شعبنا الذي يموت من الجوع والفقر ونقوم بمد دول أخرى لمجرد أنها في حرب! ومن يشاهدنا يقول بأننا نعيش في سلام وأمان والشعب ينعم بخيرات البلد.. فأي عقلية هذه وأي تصرف لا مسئول من قياداتنا في اليمن؟ كل راع مسئول عن رعيته أولا ، ولم نسمع برؤساء قاموا بمد دول بمساعدات وشعبه يموت من الجوع.. صدرت قرارات لم تمنع السلاح في اليمن بصفة دائمة، بل خصصت نوعيات معينة لكي يتحصن بها كل مواطن في اليمن.. وفي بريطانيا نفسها يمنع بيع السلاح وحمله حتى على الشرطة نفسها لخطورته في زعزعة الأمن، وللحفاظ على سلامة المواطنين. لكن نحن في اليمن مختلفون ومتخلفون نصدر قرارات لا ندرسها، ونقول كلاما لا نطبقه، وندافع عن غيرنا ونساعدهم وبلدنا وشعبنا أولى بنا..! بالله عليكم أين الأمان والاستقرار، والإصلاح والقات والسلاح والثأر هو أساس اقتصادنا ومنبع حياتنا والفقر أصبح شعار عروبتنا اليمانية؟ الشعب مدمن قات.. والسلاح مرخص.. والعقول مدوخة، ويا الله كل يوم نسمع في الصحف والأخبار قتل وانتقام وثأر؛ وكله تحت تأثير القات والسلاح- طالما مرخص، وكل مواطن حامله يظن نفسه مع سكرة القات "جيمس بوند".. لماذا لا يُمنع السلاح نهائيا؟ فهل شجاعتنا في حمله أم في حل مشاكلنا بالطرق السلمية؟ ولماذا نحمل السلاح أساسا؟ لأن الأمن في بلادنا ضد المواطن وليس حاميه.. هل هذا هو المعنى الرئيسي لقانون ترخيص حمل السلاح في اليمن؟ إذن يا فخامة الرئيس هل الأمن والشرطة في بلادنا لا يؤدي دوره على أكمل وجه، والمواطن عندما يستغيث يجد القاضي والجلاد ضده؟ فأين سيذهب؟ ومن سيأخذ له حقه؟ الجواب: سلاحه، مع الأفكار الجهنمية التي يصورها له القات فيخرج شاهرا سلاحه في وجه خصمه وانتهت المشكلة بالقتل والتصفية- وهذا حالنا للأسف!! فهل هذا ما نريده يا فخامة الرئيس؟ فهل هكذا نريد المواطن أن يدافع عن نفسه ضد أخوه داخل بلده؟ أمنع السلاح يا فخامة الرئيس، وأعد بناء الأمن، وبنيته التحتية وقوانينه وموظفيه وسيشعر المواطن بالأمان وبعدم حاجته لا للسلاح ولا غيره! نعود إلى مشاكل الأفاعي الرئيسية في وزارة المالية بقيادة الوزير العسلي الذي حول كل شئ في عهده إلى سم قاتل تعاني منه الدولة والمواطنين نتيجة تأخيره في صرف كل ما يحتاجه المواطن والدولة وكأن الوزارة ملكا له ولعائلته، ونسى في خضم المسؤوليات التي يتوجب أن يحترمها بأنه في عهده إلى هذه اللحظة لا يمر يوما إلا والشكاوى تزداد من كل جانب بدون أن يحرك حضرته أي ساكن، وكأن هذه المشاكل والفوضى التي يتسبب بها هي الطاقة التي تمده لكي يستمد قوته منها لمزاولة الاستمرار في التخاذل لإدارة وزارته التي تتعلق بها أغلب الوزارات لما تحمله من ميزانية تتحرك بها كل مصالح الدولة والمواطن.. هذا الوزير لو كان في أوروبا لكانت صورته ملأت الجرائد والصحف وشاشات التلفاز وتمت محاسبته فورا وإصدار أمر بالتحقيق الفوري في الفوضى التي يدير بها وزارته، ولكن وزيرنا لازال يسرح ويمرح ولا يعير لكل مناداة ومعاناة المواطن أي اهتمام لأنه ليس هناك من يحاسبه فلديه قوة خفية تدعمه، والبلد والمواطن آخر ما يفكر بهما طالما جيوبه عامرة بالخير ويتمتع هو ومن معه بكل خيرات البلد فلا يهم..! هذه الفوضى العارمة التي تدار بها البلد فوضى تتحكم فيها عقليات قبلية جاهلة فاسدة لا تعرف من المسؤولية إلا النهب والسرقة.. الشعب فاض به الكيل والبلد إلى الحضيض، والقوانين لا تنفذ، والمشاكل تزداد ونحن لسنا فقط على حافة الانهيار بل أن الانهيار أصبح واضحا لدى العالم وضوح الشمس ولا تخجل الحكومة من أن تحاول تحسين الوضع المعيشي للمواطن وللدولة وكأن البلد ملكا لهم..! الديمقراطية: شعار.. كلام.. لا تنفيّذ ! تغنينا بالديمقراطية، وعزفنا لها ألحانا خالدة، ورقصنا لها في عز النهار والليل، وأصبحنا نقول ما شئنا وننتقد ما شئنا، ولكن ديمقراطيتنا هذه عنوان خارجي فقط .. نقول ما نريد .. نعم ، ولكن لا نحصل على ما نريد وكأن الديمقراطية اليمنية العربية تعني (تكلموا حتى بكرة وما لكم إلا الإذن الصقعة)! يا فخامة الرئيس.. لا يصح أن لا تتحرك الأمور إلا بتدخلك، فلابد وان تعطي الوزراء صلاحية كاملة حتى تتعاونون يدا واحدة في قيادة البلد فاليد الواحدة لا تصفق.. وعقلية مع عقلية، مع عدة آراء تصنع بلدا ناجحا، وشعبا منتجا، وعقولا مفكرة. ولكن في اليمن ينامون ويصحون على نفس المنوال، نهارهم مثل ليلهم، وأمسهم مثل يومهم، والشعب مرهون بقرارات تعسفية وإدارة فشلت فعلا في محاولة إيجاد مخارج للبلد من الأزمات الاقتصادية التي حلت بها فهرب المستثمر، وهرب المواطن ولم يعد المقيم المهاجر إلى وطنه! وأصبح الشعب في الداخل يبحث عن أي وسيلة للتغرب والهجرة.. ولن يبقى غيركم في البلد، وقلة من المشائخ وتناحروا فيما بينكم لأن دولة بلا شعب دولة فاشلة
يمن جديد – فعلا- هو يمن بلا قات.. بلا فساد.. بلا سلاح.. هو اليمن الجديد السعيد! والشعب عليه أن يعيد حساباته مع نفسه أولا، ومن ثم يبدأ بالمعارضة والمطالبة بالتغيير وستكون اليمن بخير.. [email protected]