الصين اليوم بسكانها الذين يشكلون ربع سكان المعمورة في هدوء وسكينة غير معهودة إلا يوم واحد في السنة ، الشوارع التي كان منظرها مكتظ بالعربات والسيارات ووسائل النقل في إجازة ليوم وليلة على أقل تقدير !متاجر التسوق ، البنوك، المطاعم ، أماكن الترفيه شبه مهجورة وهي من كانت وكأنها خلية نحل تدب ليل نهار ! يمثل اليوم العام الجديد أي رأس السنه في التقويم الصيني التقليدي ، وكل سنة لها من الحيوانات ما يعبر عنها وعددها 12 حيوان بالتسلسل كالديك والتعبان والخروف والخيل والقرد والخنزير والكلب. السنة القادمة هذه ستكون سنة الخنزير إعتمادا على التقويم الصيني التقليدي ، وفي هذا العام يحتسب له الصينيون بحفاوة وزيادة أمل في فتح الأرزاق وجلب الحظ، فمعظم الأسر الصينية تنتظر عام الخنزير لتنجب الأطفال وتبدأ بالأعمال اتجارية الجديدة تحسباً لحظ سعيد ونتيجة مرضية بما أن ذلك حدث في سنة الخنزير الجالبة للحظ والنعيم بالنسبة للإعتقاد الصيني التقليدي. الكل يعود إلى بلده ومقر أسرته : السائق ، الجندي ، الموظف ، الطبيب ، جميعهم يحرصون على العودة إلى أسرهم لمشاركة أهلهم وذويهم طعام عشاء رأس السنة. الحلقة الأهم في إحتفاليات رأس السنة تتمثل في إلتفاف جميع أفراد العائلة في مائدة طعام واحدة تبدأ من السابعة مساءاً وتنتهي في الحادية عشر ليلاً يتخللها الحديث والتسريح عن النفس وشرب الخمرة والبيرة والتنبوء بعام سعيد جديد ! مائدة العشاء تزخر بأنواع عديدة من الأكلات التي قد لا تستطيع الأسرة جلبها في سائر الأيام كلحم الكلاب المشوية والثعابين المغمسة بالخمر لسنوات والبحريات بأنواعها ، ويشكل شراب الخمر والبيرة الشيئ الأساسي في مائدة عشاء رأس السنة وحسب الإحصائيات الصينية فإن ليلة رأس السنة يستهلك فيها ما يقارب من مليار لتر من الخمر والبيرة حيث يستهلكها صغار الأسرة وكبارها وتلجأ الأسر الفقيرة في الأرياف إلى صناعة الخمرة والمسكرات عن طريق تكديس وتخمير الأرز شهور قبل ليلة رأس السنة . السنة الماضية كانت سنة الكلب وقد نالت رضى الصينيين كونها حققت نمو إقتصادي ممتاز ، وفيها أيظا إنخفضت معدلات البطالة وإرتفع معدل دخل الفرد ، وهذه السنة ستكون سنة الخنزير كما أسلفنا ومن المتوقع فيها إرتفاع تعداد سكان الصين نظراً لتعمد الأسر الصينية الإنتظار لسنة الخنزير للإنجاب تبركاً وجلباً للحظ . لا أزال أتذكر حضوري إحتفالية رأس السنة الصينية ضيفاً على أحد الأساتذة الجامعيين حيث شعرت بالحرج من كثرة المحضورات من الأطعمة التي زخرت بها مائدتهم فكان عشائي معهم عبارة عن حبات ذرة شامية مقلية بالزيت وحبة سمك مطبوخة بالبخار مع قليل من المشروبات الغازية وكانت فترة عشائي لم تتجاوز النصف ساعة دون أن أكن أعلم أن عشاء رأس السنة يجب أن يمر ببطئ لفترة يجب أن لا تقل عن الثلاث ساعات ، ساعتها لم أحب أن أكرر التجربة رغم كثرة الدعوات خوفاً من الملل وطول مدة العشاء ولكنني أتمنى للأصدقاء الصينيون سنة خنزير سعيدة ، عام خنزير سعيد. رئيس تحرير نادي أطباء اليمن أونلاين [email protected]