يونيسف: عملية القتل في مراكز توزيع المساعدات بغزة ليست عرضية بل وقائع مُمنهجة    أكثر من 100 شهيد في غزة خلال أول وثان أيام عيد الأضحى    منتخب اليمن يصل الكويت استعداداً لمواجهة لبنان في تصفيات كأس آسيا 2027    شركة الغاز تعلن مواصلة عمليات التموين المنتظمة لكافة المحافظات    كيف سُرقت السعادة من العيد وكم ستظل تُسرق؟    عيد الأضحى.. عيد الفقراء المنسيين وأمراء الحرب المتخمين    الدفاع المدني ينشر فرق الغوص والإنقاذ المائي لحماية الزوار خلال إجازة العيد    إرسال وحده جمركيه متنقله لتسهيل الاجراءات الجمركيه لشاحنات التجار والمستوردين    حجاج بيت الله يواصلون رمي الجمرات في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك    ترامب: أوكرانيا منحت روسيا مبررا واضحا لقصفها بشدة    تعرف على القائمة النهائية للمنتخب الوطني الاول المغادرة إلى الكويت.    صيف خانق في عدن    قيادات وزارة الدفاع تنفذ زيارات عيدية للجرحى والمرضى في ثاني أيام العيد    أيام التشريق .. شكر وذكر    عن تكريس "ثقافة التخوين"..؟!    المركزي الصيني يعزز احتياطياته من الذهب للشهر السابع    برنامج أممي: الحوثي يشترط دخول المساعدات الإنسانية لليمن "حصرا" عبر مسقط    فليك ولابورتا يرفضان عرض تشيلسي    الإفراج عن 26 صيادًا يمنيا احتُجزوا في الصومال    الكرة الذهبية.. صلاح يتعرض للعنصرية بسبب جنسيته    الظهور الفج للقادة العسكريين والتصريحات الخارجة عن العرف    الداعري ينتقد الأوضاع المعيشية بسخرية لاذعة: "لا رواتب.. ولا كباش عيد!"    المجلس الانتقالي أمام لحظة الاختبار الأكبر    توتر غير مسبوق في مأرب    الكلمة مسؤولية وطنية وأخلاقية في زمن عاصف أنهارت فيه القيم    قتل الأقليات السورية مستمر والجولاني يفشل في لجم القتلة المتطرفين    مفاجأة من الماضي.. الذكاء الاصطناعي يعيد تأريخ مخطوطات البحر الميت    مفاجأة.. إقالة مدرب توتنهام بعد 16 يوماً من إنجازه التاريخي    اعتراف أمريكي .. حاملة الطائرات "ترومان" تخضع لعملية إصلاح كبرى    فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة    عيد الكذبة الكبرى!    منظمات المجتمع المدني تستجيب لنداء "الشؤون الاجتماعية" وتوزع آلاف الأضاحي على الأُسر الأشد فقراً    المرتضى يدعو الطرف الأخر إلى إجراء عملية تبادل شامل لجميع الاسرى بمناسبة عيد الاضحى    التشبث بالعيد كلعبة طفل ونافذة نور    خطيب العيد في سيئون يؤكد أهمية توحيد الصف الوطني لإنهاء معاناة المواطنين والتصدي لمشروع الحوثي    شرطة ذمار تكشف مصير السجناء الذين فروا من سور الاصلاحية المركزية    شبوة.. مقتل شاب في أول أيام العيد خلال اشتباكات داخل مصلّى    إب.. وفاة ثلاثة شبان من اسرة واحدة اختناقا داخل بئر مياه    أنتم أمة تنام ولكن لا تموت!!    تشيزني يحسم مستقبله مع برشلونة    من عدن إلى حضرموت.. سواحل الجنوب بانتظار الطوفان!    دراسة تحذر: العمل لساعات طويلة يغير بنية الدماغ    النفط يتجه لمكاسب أسبوعية..والدولار الأمريكي يتراجع أمام العملات العالمية    الإسعافات الأولية في حالات الإغماء    مفاجأة علمية.. مادة في البول تكشف أسرارا مخبأة في أنسجة أدمغة عمرها 200 عام    الوطن في وجدان الشرفاء فقط!!    التحديات والاستراتيجيات في ترجمة الشعر العربي إلى الإنجليزية: دراسة تحليلية لترجمة قصيدة الشاعر أحمد مطر، "الرئيس المؤتمن"    الفريق السامعي يهنئ أدباء اليمن وكتابها وصحفييها وفنانيها بعيد الاضحى    تصفيات اسيا: العراق يسقط امام كوريا الجنوبية مانحاً الاردن بطاقة التأهل المباشر لمونديال 2026    ميسي يتوج بجائزة الافضل في الدوري الاميركي لشهر ايار    خواطر مسافر.. بنوك الطعام في كندا    يوم عرفة والقيم الانسانية    عدن تتنفس السموم.. تقرير استقصائي يكشف كارثة صحية وراء حملات "الرش الضبابي"    إني أفتقدك يا وطني..؟!    نص الدرس السادس لقائد الثورة من سلسلة دروس القصص القرآني    مرصد إعلامي: مايو الأكثر قمعاً على الصحفيين اليمنيين خلال العام 2025    هلال الإمارات يبدأ توزيع كسوة العيد على الأيتام في شبوة    البرنامج الوطني لمكافحة التدخين يواصل جهوده التوعوية بأضرار التدخين في حضرموت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البلاد المثخنة
نشر في نشوان نيوز يوم 11 - 07 - 2010

«أميركا ستخرج مثخنة من العراق». قالها السياسي العربي مصحوبة بابتسامة شامتة. تذكرت أنني سمعت هذه العبارة، أو ما يشبهها، مرات عدة في الشهور الماضية وفي عواصم عربية عدة.

أنا أيضاً أحب أن تخرج أميركا مثخنة من العراق. ولم يكن مقدراً أن تنتهي هذه المغامرة الحمقاء إلاّ على هذه الصورة. ومن يعرف العراق والمنطقة لا يستغرب الفشل الأميركي. كان من الغرور والسذاجة الاعتقاد أن الآلة العسكرية الأميركية الهائلة قادرة على زرع الديموقراطية على ركام نظام صدام حسين. وأن النبتة المزروعة قسراً ستشع على محيطها وتغيّر بيئة الشرق الأوسط التي اعتبرت مسؤولة عن إنجاب الانتحاريين والمتشددين ودعاة الاصطدام بالعالم وشطب الآخر.
من حق السياسي العربي أن يقول إن أميركا ستخرج مثخنة من العراق. ومن حقه أن يبتهج، فسياسة أميركا، خصوصاً في موضوع الظلم المتمادي اللاحق بالشعب الفلسطيني، تثير الغضب الشديد. لكن، هل من حق السياسي أن يعتبر هذه العبارة وسادة كافية لنوم هانئ؟
كلما سمعت تلك العبارة تهاجمني أفكار ومشاهد. خرجت الولايات المتحدة مثخنة من الحرب الكورية. استوعبت خسائرها وضمدت جروحها ثم انخرطت بعد عقد في حرب فيتنام. خرجت أميركا مثخنة من فيتنام واحتفلت بعد أقل من عقدين بزوال الاتحاد السوفياتي الذي وظف قدرات هائلة لإثخانها في فيتنام. واليوم وبعد عقود تبدو كوريا الشمالية مثخنة بفعل وجود ديكتاتور يمارس تسلطه على ترسانة من الصواريخ والجياع وينام مطمئناً على وسادة نووية ويتفنن في ممارسة الابتزاز النووي وانتهاك القوانين الدولية. وفي الوقت نفسه تبذل فيتنام، التي أثخنت أميركا، جهوداً جبارة لاجتذاب السياح الأميركيين والمستثمرين الأميركيين.
خرجت فرنسا مثخنة من الجزائر. وكان يجب أن تخرج مذلة ومهانة. أعادت النظر في مؤسساتها. استوعبت الهزيمة وتطلعت الى المستقبل. سلكت طريق الاستقرار والبحث عن الازدهار. من يستطيع أن يحصي اليوم عدد الشبان الجزائريين الذين يحلمون بالهجرة الى البلاد التي أثخنها آباؤهم. قصة قوارب الموت لا تحتاج الى تفسير. المؤسسات تنقذ من الهزيمة أو تتغلب على آثارها. غياب المؤسسات يضيِّع الانتصارات ويفتح طريق التسلط والفشل الاقتصادي ودورات الحروب الأهلية.
سمعت العبارة في بغداد ففكرت في العراق المثخن. وسمعتها في صنعاء ففكرت في اليمن المثخن. وسمعتها في بيروت ففكرت في لبنان المثخن. وسمعتها أيضاً في عواصم أخرى لبلدان عربية مثخنة.
نحن بلاد مثخنة. تمرض إذا مرض الحاكم. تموت إذا مات أو اغتيل. الدستور غائب أو محتقر إذا وجد. لا مؤسسات تسهر أو ترعى أو تحاسب. لا مؤسسات تضمن الحقوق أو الكرامة. جامعاتنا مصانع لتفقيس العاطلين من العمل. لتخريج أجيال تكره العالم وتعجز عن الانخراط فيه وقبول قواعده في الاختلاف والتنافس. مدارسنا مصانع للألجمة تعتقل القدرات والمخيلات. برلماناتنا مسارح هزلية. المؤسسات غير موجودة أو كرتونية. وفكرة الدولة غائبة.
إنها مأساة. نحتفل بخروج أميركا مثخنة وننسى أننا نقيم في بلاد مثخنة. بلاد غارقة في وحل الظلم أو وحل الظلام. في بحر الفقر والخوف والتردد والتزمت. بلاد تهدر أعمار مواطنيها وأعمار الأجيال المقبلة وترفض الاعتراف أنها مثخنة بجروح التاريخ ووطأة الكهوف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.