فتحت عمليات استهداف قوات ومقرات المخابرات والأمن باليمن علامات استفهام عديدة عن مدى تحول إستراتيجية تنظيم القاعدة باليمن والسعودية من استهداف المصالح الأميركية والأجنبية إلى مواجهة مع رموز أمن الدولة اليمنية. ويعتقد خبراء أن تنظيم القاعدة في اليمن -الذي كان يركز على الهجمات عالية التأثير ضد الأهداف الأجنبية- قد اتجه لضرب القوات الحكومية، ربما ردا على تزايد التنسيق الأمني اليمني الأميركي والضربات الجوية التي شنها الطيران اليمني ضد معاقله منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي. وخلال أقل من شهر ونصف شنت هجمات بارزة على رموز للأمن اليمني، ابتداء بالهجوم على مقر المخابرات في عدن، ثم الهجوم على مقري المخابرات والأمن العام في أبين، وأخيرا استهداف القوافل العسكرية ودوريات الأمن في شبوة يومي الخميس والأحد الماضيين. إثبات الوجود وفي حديث للجزيرة نت رأى الباحث في الحركات الإسلامية نبيل البكيري أن هناك الكثير من الضبابية حول هذه العمليات، خاصة مع توجه تنظيم القاعدة نحو المناطق الجنوبية، حيث يتمركز الحراك الجنوبي الذي يطالب بالانفصال. وقال البكيري "يبدو أن القاعدة تخلت عن استهداف المصالح الأميركية والأجنبية، واتجهت نحو استهداف رموز الأمن اليمني، وهذا يشير إلى انتقال المعركة بين القاعدة والسلطات اليمنية ودخولها مرحلة كسر العظم وإثبات الوجود"، حسب تعبيره. واعتبر الباحث أن هذه العمليات تعد نجاحا للقاعدة، وأوقعت الجانب الحكومي في حرج كبير جدا، حيث تظهر هذه العمليات -التي تستهدف مقرات أجهزته الأمنية وقتل أفراد الأمن- السلطات اليمنية بأنها غير قادرة على مواجهة القاعدة. لكن البكيري لم يستبعد وجود "غض طرف من السلطة تجاه عمليات القاعدة"، ربما من أجل الاستفادة المادية واستجلاب المساعدات والدعم الخارجي لمواجهة ما يسمى الإرهاب، خاصة في ظل الأزمات الداخلية التي تعصف باليمن، سواء تمرد جماعة الحوثي أو الحراك الجنوبي. من جانبه أوضح الخبير في شؤون تنظيم القاعدة سعيد الجمحي أن أعمال القاعدة تتراوح بين ضرب العدو البعيد والمقصود به المصالح الأميركية والأجنبية، والعدو القريب والمقصود به الأنظمة والحكام العرب، مشيرا إلى أن الظروف هي التي تحكم ردود فعل القاعدة. انحراف بالإستراتيجية وقال الجمحي في حديث للجزيرة نت إن تنظيم القاعدة باليمن لم يحقق مطلقا هدفه في الوصول إلى العدو البعيد، منذ عملية تفجير المدمرة كول في عدن عام 2000، كما أنه لم ينجح في اغتيال السفير البريطاني بصنعاء العام الجاري، وكل ما قام به مجرد عمليات استهدفت سياحا كوريين وإسبانا وغيرهم، وتفجيرات هنا وهناك استفاد منها التنظيم إعلاميا بالقول إنه ما زال موجودا. ورأى الجمحي أن القاعدة يمكن أن تستفز محليا، فالتنظيم تعرض لضربات جوية في أبينوشبوة ومأرب ونجحت السلطات في قتل قائد التنظيم في مودية بمحافظة أبين جميل العنبري ورفيقه فواز الصنعاني، ولذلك جاءت عملية الهجوم على مقري المخابرات والأمن في أبين ردا على مقتل العنبري. واعتبر الجمحي أن القاعدة باليمن قد تنحرف عن إستراتيجيتها الكبرى التي وضعها التنظيم الأم في أفغانستان، ولذلك تحكمها ظروف محلية، وتقوم بعمليات انتقامية وتستهدف عناصر ومقرات للأمن والمخابرات اليمنية. وأشار إلى أن القاعدة تفسر هجماتها على قوات الأمن ومقرات الحكومة اليمنية بأن هؤلاء هم "أعوان الحملة الأميركية الصليبية ضد المسلمين"، وتجد بهذا المبرر قبولا لدى الشارع، خاصة أنها لا تستهدف مواطنين أبرياء، حسب زعمها. وفي تقدير الجمحي لا يصب الهجوم على أهداف يمنية محلية في مصلحة القاعدة، وربما يقلل من شعبيتها، ولكن استهداف مصالح أميركية وأجنبية لا شك سيجعل القاعدة رمزا لمواجهة الطغيان والظلم والأميركي، حسب تعبيره