التركيبة الخاطئة للرئاسي    وادي حضرموت على نار هادئة.. قريبا انفجاره    أين أنت يا أردوغان..؟؟    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    حكومة بن بريك غير شرعية لمخالفة تكليفها المادة 130 من الدستور    العدوان الأمريكي يشن 18 غارة على محافظات مأرب وصعدة والحديدة    اعتبرني مرتزق    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    رسائل حملتها استقالة ابن مبارك من رئاسة الحكومة    نقابة الصحفيين اليمنيين تطلق تقرير حول وضع الحريات الصحفية وتكشف حجم انتهاكات السلطات خلال 10 سنوات    3 عمليات خلال ساعات.. لا مكان آمن للصهاينة    - اعلامية يمنية تكشف عن قصة رجل تزوج باختين خلال شهرين ولم يطلق احدهما    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    شاب يمني يدخل موسوعة غينيس للمرة الرابعة ويواصل تحطيم الأرقام القياسية في فن التوازن    بدعم كويتي وتنفيذ "التواصل للتنمية الإنسانية".. تدشين توزيع 100 حراثة يدوية لصغار المزارعين في سقطرى    قرار جمهوري بتعيين سالم بن بريك رئيساً لمجلس الوزراء خلفا لبن مبارك    غرفة تجارة أمانة العاصمة تُنشئ قطاعا للإعلان والتسويق    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    عدوان أمريكي يستهدف محافظتي مأرب والحديدة    اجتماع برئاسة الرباعي يناقش الإجراءات التنفيذية لمقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية    وزير الخارجية يلتقي رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر    تدشين التنسيق والقبول بكليات المجتمع والمعاهد الفنية والتقنية الحكومية والأهلية للعام الجامعي 1447ه    وفاة عضو مجلس الشورى عبد الله المجاهد    أزمة اقتصادية بمناطق المرتزقة.. والمطاعم بحضرموت تبدأ البيع بالريال السعودي    الطيران الصهيوني يستبيح كامل سوريا    قرار بحظر صادرات النفط الخام الأمريكي    أزمة جديدة تواجه ريال مدريد في ضم أرنولد وليفربول يضع شرطين لانتقاله مبكرا    مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية    اليمن حاضرة في معرض مسقط للكتاب والبروفيسور الترب يؤكد: هيبة السلاح الأمريكي أصبحت من الماضي    إنتر ميلان يعلن طبيعة إصابة مارتينيز قبل موقعة برشلونة    منتخب الحديدة (ب) يتوج بلقب بطولة الجمهورية للكرة الطائرة الشاطئية لمنتخبات المحافظات    الحقيقة لا غير    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    أسوأ الأطعمة لوجبة الفطور    سيراليون تسجل أكثر من ألف حالة إصابة بجدري القردة    - رئيسةأطباء بلاحدود الفرنسية تصل صنعاء وتلتقي بوزيري الخارجية والصحة واتفاق على ازالة العوائق لها!،    الفرعون الصهيوأمريكي والفيتو على القرآن    الجنوب يُنهش حتى العظم.. وعدن تلفظ أنفاسها الأخيرة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 3 مايو/آيار2025    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    إصلاح الحديدة ينعى قائد المقاومة التهامية الشيخ الحجري ويشيد بأدواره الوطنية    عدوان مستمر على غزة والاحتلال بنشر عصابات لسرقة ما تبقى من طعام لتعميق المجاعة    اللجنة السعودية المنظمة لكأس آسيا 2027 تجتمع بحضور سلمان بن إبراهيم    خلال 90 دقيقة.. بين الأهلي وتحقيق "الحلم الآسيوي" عقبة كاواساكي الياباني    الهلال السعودي يقيل جيسوس ويكلف محمد الشلهوب مدرباً للفريق    احباط محاولة تهريب 2 كيلو حشيش وكمية من الشبو في عتق    سنتكوم تنشر تسجيلات من على متن فينسون وترومان للتزود بالامدادات والاقلاع لقصف مناطق في اليمن    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    وزير سابق: قرار إلغاء تدريس الانجليزية في صنعاء شطري ويعمق الانفصال بين طلبة الوطن الواحد    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السجن أحب إليّ!!


"ليس هناك وسادة أفضل من الضمير النقي"
مثل فرنسي
ذات مرة، من أيام فترة اعتقالي -الثاني- بسجن إب المركزي، قرأت، وأنا أتصفح إحدى المطبوعات العربية، طرفة مضحكة مبكية، لمن شابه له الحال، تقول الطرفة، وهي عبارة عن محاورة بين قاضي محكمة وسجين، استلهمت من وسط قاعة إحدى المحاكم القضائية، ساند فكرتها واقع الحال العام المعاش اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وصحافياً.. والخ.

- القاضي مخاطباً السجين، الواقف وراء القضبان في قفص الاتهام: لقد قررنا الإفراج عنك وإطلاق سراحك من السجن حتى تخرج وتواجه الفساد الرسمي والضياع الجماهيري، وكوارث "الجُرع" المؤتمرية، وفوازع الخطب "الرئاسية"..وغيبوبة المعارضين!!.. وشلل الانتهازيين والوصوليين، و"نصائح " أصحاب"الرقم الخاص"..و...إلى آخر قائمة المنغصات المريرة التي تثخن قلب بلدي وتدمي أمنيات نصف حاضره وكل مستقبله!
*هكذا تشخص هذا الطرفة المرة الموجعة واقعنا المزري الذي وصل به التردي في شتى مناحي الحياة، درجة أصبح معها السجن نعمة من نعم الخالق جل وعلا، وواحدة من سبل النجاة من براثن الحرية المقرونة بكل مآسي وغصص نكد الدنيا!!
*ثم.. تساءلت: ترى هل أضحى العيش "وراء القضبان" يمثل -في هذا الزمن الرديء- ملجأ أو عقوبة مخففة (؟) بينما مثلت الحياة خارج أسوار السجن –بفضل الوضع القائم- عقوبة مشددة وأكثر قساوة وتعذيباً خاصة وقد كنت طوال مدة اعتقالي أجاهر ناقداً الفساد ورموزه عبر كتابات كانت قد حضرتني.
ولكنها الآن، ومع كل يوم يمر، عليّ وأنا في هذا الوطن الوظيفي المسخ والمشوه، عاودتني بأكثر حضوراً –هذا الطرفة الموجهة مشفوعة بذاك السؤال الجارح، وأنا –أيضاً- مجاز طليق الحرية بعيد عن جدران المعتقل الذي قضيت وراء قضبانه وأسواره قرابة العامين، وكأنني بالقاضي الذي قرر الإفراج عني، إنما أراد - ربما بعد أن وجدوا أن فكرة السجن والاعتقال أثبتت فشلها المخزي ولم تستطع تحويلي إلى شيطان أخرس أو مطبل في موكب السلطان "الصالح"- أن يعاقبني بأشد العقوبات وأقساها.. من خلال منحي الحرية في وطن لم يعد فيه للإنسان النقي أدنى قيمة، وأصبح الضمير الحي والشرف والعفة والصدق تهماً، صاحبها مطارد ومحارب حتى في نسمات الهواء التي يتنفسها.. ومهدد بحياته..
فأي وطن هذا الذي لا يمنح أبناءه سوى الذل والضياع والهوان؟.. أي وطن هذا الذي تصب من أحواضه العصابات كيفما شاءت ويعبث في مقدراته ومصائر إنسانه حفنة من اللصوص وقطاع الطرق الذين يختبئون في دوائر الدولة، ومنظماتها الأمنية!!، فأصبح "لا يأكل سوى الخوف.. ولا يتقيأ سوى الزجاج والمسامير!!
*إن للحقيقة إيلاماً هو أشد من وخزات الرماح، وأقسى من طعنات الخناجر، والمصارحة –دائماً- مرة وموجعة لكنها ضرورية ضرورة الماء العذب، والهواء النقي، والعيش الآمن، والمواطنة المتساوية..والناس في بلدي بغالبيتهم المسحوقة، بسطاء وبؤساء وشركاء في الهم والغم والفقر الذي تشهد نسبته ارتفاعاً سريعاً ومريعاً ومرعباً قد تتجاوز الثلاثة عشر مليون فقير في بلد تعداد سكانه لا يتجاوز العشرين مليوناً،أو يزيدون, يمتلك من الأسلحة "الشخصية" أكثر من (60) مليون قطعة موت "خفيفة وثقيلة" ومدجج بالأمية بما يفوق نسبتها ال (70%) في أوساط الرجال وأكثر منها في صفوف النساء، فضلاً عن الأمية السياسية، وانتشار الأمراض النفسية وحالات الجنون والإعاقة، ونكبات الفساد المستشري، والاقتراض المستمر ومهلكات القروض القاضية على الحرث والنسل، ومصائب الخطر القادم من قرب نضوب آبار المياه والنفط.ومصير الدولة"الفاشلة"..
ولعل المشكلة -الحقيقية- تكمن في أن "الحصان" الحاكم الذي يرفس أشلاء ضحاياه هنا وهناك، ويواصل مسيرته في استنزاف الخزينة العامة، وتسخير كل إمكانيات "الدولة" لإشباع نزواته، غير المحدودة، في تحقيق انتصارات زائفة في معارك وحروب وهمية، وأغلبيات ساحقة، في انتخابات مسرحية، واستفتاءات كوميدية بقوانين مرقعة نتائجها تراجيدية مأساوية لا يدرك بأن "الفقر" هو صنو الجهل.. وصنو "المرض".. واجتماع ثلاثتهم يدفع الشعب إلى الكفر بالدولة ويميت في النفوس كل شعور وطني"..
*الوطن يا كل المزايدين الأفاكين الناهبين آمال وأحلام البسطاء.. ليس تراباً وجبالاً وذئاباً وقروضاً.. الوطن رغيف خبز وأمن وأمان ونسمة حرية صافية، ومواطنة متساوية، وحين لا نأمن على لقمة العيش.. وحاضر حياتنا ومستقبل أبنائنا.. يصبح التنازل عن "الشكليات" أمراً سهلاً.. ذلك أن "الوطن هو المكان الذي نشعر فيه بالعزة والكرامة، والأوطان التي لا تقدم لمواطنيها الاحترام ليست أوطاناً"..
لذلك تعوزنا محرقة كبرى بحجم هذا الوطن نحرق فيها ماضياً بائساً وحاضراً مثخناً بالذل والهوان وأصناماً مبجلة، وسياسيين دراويش، وأحزاباً مفرخة ممسوخة، وذئاب سلطة سماسرة وقطاع طرق.. نحرق فيها آلافاً من "البغايا اللآتي يحاضرن في الفضيلة، والخونة في الوطنية، وأنصاف الرجال في الرجولة"، محرقة بحجم هذا الوطن الذي جردنا فيه من كل شيء.
*أقول قولي هذا ولا أستغفر إلا الله وحده.. فلقد عشت رجباً.. وشهدتً عجباً تفحصت الميدان فرأيت جباناً يكر وشجاعاً يفر.. وضحايا يهتفون بما تبقى لهم من دم وروح فداء لمن مص دمهم.. وعاث بمعيشتهم.. وسلب أمنيات مستقبلهم.. وطمأنينة حاضرهم..
وفي ذلك الجمع المشبوه.. والمشهد المسفوح.. لا يزال الشرفاء القابضون على جمرة الحقيقة.. يواصلون دفع الثمن.. وبين جحود الضحايا "أحيانا كثيرة"واستسلامهم ..وجلد الفاجر وفساده واستمرائه.. تتعاظم التضحية.. ويتعاظم الثمن.. بيد أنه ومثلماٍ للنقاء ثمنه الباهظ فإن الحر يدفعه وهو مرتاح الضمير..
*لهذا تتوق النفس للتضحية والفداء في سبيل غاية أنبل وهدف أعظم ولعل الذي يعزز هذه الروح، كلما حملت لنا الأخبار بشائر القلق الساكن أرواح من تفزعهم كلمة الحقيقة فيترجمون آثامهم أحكاماً قضائية وقرارات فاسدة وتهماً فصلتها أياديهم المرتعشة استهدافاً لكل شريف ظناً منهم الفوز والانتصار عندما يلوحون بسجن من يخالفهم الرأي..
*أقول.. لعل ما يعزز روح الإباء وراحة الضمير.. هو توطين النفس على مواجهة المكاره.. وتحويل المحنة إلى منحة.. والنقمة إلى نعمة.. لذلك يكون السجان أكثر قلقاً من المسجون.. والجلاد أشد تألماً من المجلود..
*فهل عرفتم - الآن- عظمة راحة الضمير مهما كان تعاظم الثمن المدفوع.. سجناً كان أو تنكيلاً..
إذاً وأمام النصيحة "البريئة..جدا,جدا"التي أتحفني بها مؤخرا صاحب رقم خاص ..؟ يتمتع صاحبه بصوت أجش,وأخلاق شحيحة!!!..لم يسبق لاذناي أن تلوثت بسماع صوته من قبل -وان كنت قد تشرفت في فترات سابقة بنصائح "بريئة" مماثلة,وشتائم أكثر"براءة",وكالعادة أصحابها ينعمون بأرقام "خاصة" محجوبة,وأسمائهم لا يفصحون عنها!! .
*المهم.. وانطلاقاً من تجربة ومعرفة سابقة أقول: دعوني أصرخ "السجن أحب إلي.. السجن أحب إلى.. وسلام الله على روحك يا يوسف يا أول الرعيل.
** إشارة الختام ل "محمود درويش" سأقول مردداً معه:
"كونوا نشيد الذي لا نشيد له،
عندما تذهبون إلى النوم
هذا المساء أقول لكم:
"تصبحون على وطن حملوه
على فرس راكضة،
وأهمس يا أصدقائي لن تصبحوا مثلنا..
حبل مشنقة غامضة"!
-----------------------------------
رئيس مركز التأهيل وحماية الحريات الصحافية CTPJF
رئيس تحرير صحيفة "السلطة الرابعة"
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.