* تلقف السياسيون والمشايخ والإعلاميون في اليمن كلمة «بلاطجة» أكثر من أي شيء آخر في تجربتي تونس ومصر.. وتفردوا بخصوصية وهي التعميم حتى ان من يستمع اليهم وهم يتنابزون بهذا اللقب سوف يستنتج أن الشعب اليمني ليس سوى مجموعة بلطجية.. هذا يصف مظاهرة السلطة بالبلاطجة رغم أنها مليونية، وذاك يصف مظاهرات أحزاب المشترك وحميد الأحمر بالبلطجية وهي كما يقول المشترك مليونية أيضاً. والشيخ حسين الأحمر الذي تفرغ هذه الأيام لحشد القبائل في عمران يصف أفراد القبائل الذين جاءوا إلى ميدان التحرير يناصرون رئيس الجمهورية أنهم مجموعة (بلطجية)، وفي الوقت نفسه يهدد بإدخال قبائل حاشد إلى صنعاء لحماية (المواطنين من السلطة)!. الصحف ووسائل الإعلام في الطرفين كذلك، هذا يقول بلطجية السلطة وذاك يقول بلطجية المشترك وحميد الأحمر.. إجماع على أن الأمر كله (بلطجة) وأن هذا الشعب (بلطجي) وإلا ماذا نفهم من أقوالهم هذه؟. هذا يوزع أموالاً وهراوات والثاني يوزع أموالاً وهراوات، وأخيراً بدؤوا بالمسدسات، وأي نقص سوف توفيه قبائل حميد وحسين. * الشيخ حسين الأحمر يهدد من عمران أن حاشد سوف تدخل إلى صنعاء بأسلحتها، ومن قبل قال حميد الأحمر الشيء نفسه، ومن صنعاء يرد عليه الشيخ محمد بن ناجي الشايف بالقول: جرب يا حسين ذلك وسوف نتواجه في صنعاء (سيف بسيف) وأنها لن تكون (مسايفة) خاطفة.. فيا لها من محنة.. هل على سكان العاصمة أن يرحلوا منها، وإلى أين المفر؟. وعندي إذا كان القوم جادون فليمهلوا المواطنين وقتا كافيا للهرب والعودة إلى مرابع الصبا في قراهم، ويفسحوا المجال لقبائل حاشد وبكيل لتبترع أو تتواجه (سيف بسيف).. لكني ازعم أن الشيخ حسين غير جاد في تهديده ولا الشيخ الشايف سيواجهه (سيف بسيف) إلا بالقدر الذي يخدم القبيلة وشيوخها الذين ما عادوا بحاجة لاتباع طريقة الإمام أحمد عام 1948 للسيطرة على السلطة.. إن في الأمر (إن).. الأمر كله (بلطجة) لمصلحة القبيلة التي تقف الآن في الوسط تحسب المكاسب من طرفين يعبثون بالمواطنين ومصائرهم ويقسمون الصف الوطني إلى قسمين، في معركة قذرة الشعب فيها هو الضحية أو الخاسر الأكبر، وهو بنظرهم (بلطجية)!. * الشعب اليمني نكب بالقبيلة عبر التاريخ.. وأقسى من ذلك أن النخبة اليوم تنضم إلى هذه البلوى.. هذه النخبة تبين في وقت الأزمة أنها مجموعة تجار يعتاشون من خداع الشعب واستعماله لخدمة القبيلة. إني هنا لا أتجنى.. ولاحظوا معي.. ففي هذه المعركة غاب العقل والحوار والمسؤولية الوطنية، ولا نجد سلطة رشيدة ولا أحزاب معارضة وطنية ولا منظمات مجتمع مدني تريد انقاذ الموقف بفعل وطني.. نزق وطيش وتكسب و(قبيلة) البلد.. الأحزاب السياسية تناضل بعيال الناس و(تدكم) رأساً برأس، وقد سبقت بذلك القبائل التي ترفع شعار (سيف بسيف)، والسلطة بدلاً من أن ترفع مكانة الدولة وهيبتها تدير الأزمة عن طريق التوجه نحو القبائل، وهي التي تعرف جيداً الأخلاق السياسية للقبائل.