عين مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لجنة من ثلاثة خبراء للتحقيق في الصراع المسلح الذي شهدته ساحل العاج بعد الانتخابات الرئاسية، في حين أعلن الرئيس المعترف به دوليا الحسن وتارا بدء إجراءات محاكمة الرئيس المنتهية ولايته لوران غباغبو. وسيحقق الفريق الأممي -الذي يقوده التايلندي فتيت مونتبهورن- في ادعاءات بارتكاب قوات كل من غباغبو ووتارا خروقات لحقوق الإنسان وجرائم حرب. وتتكون اللجنة أيضا من الخبير في حل النزاعات السوداني سليمان بلدو، والرئيس السابق للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان البينيني ريني ألابيني غنسو. وقد نشبت معارك بين أنصار غباغبو ومؤيدي وتارا بعد نزاع بشأن نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث أعلن وتارا فوزه بها ودعمته الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي. غير أن غباغبو رفض التنحي عن السلطة وقال إنه هو الفائز في الانتخابات، ففرضت عليه عقوبات دولية وأوروبية ونشب نزاع مسلح بين الطرفين قتل وأصيب فيه المئات، وانتهى باعتقال غباغبو أمس . وكان مجلس حقوق الإنسان قد اتخذ يوم 25 مارس/آذار الماضي قرارا بتشكيل اللجنة المذكورة للتحقيق في الوقائع والملابسات المتعلقة ببعض الادعاءات بوجود انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في ساحل العاج. ودعا المجلس إلى تحديد المسؤولين عن هذه الانتهاكات وتقديمهم للعدالة. ومن المنتظر أن تقدم اللجنة تقريرها الأولي للمجلس خلال انعقاد دورته المقبلة في يونيو/حزيران القادم. وقال المجلس في وقت سابقأمس إن 536 شخصا على الأقل قتلوا في غرب البلاد منذ نهاية مارس/آذار الماضي، مؤكدا أن هذا العدد مرشح للارتفاع. وأعلنت الأممالمتحدة الجمعة الماضية أن محققيها عثروا على أكثر من مائة جثة خلال 24 ساعة في بلدة دويكوي غرب البلاد، وهو ما جعلهم يشكون في وقوع أحداث تصفية عرقية منظمة. وكان وتارا قد أكد أمس الأول الإتنين أن غباغبو سيقدم للمحاكمة، وقال في كلمة موجزة بثها تلفزيون تي.سي.أي التابع له إن جميع الإجراءات اتخذت لضمان سلامة غباغبو، مضيفا أنه سينشئ لجنة للتحقيق في اتهامات ارتكاب فظائع ضد المدنيين من جانب طرفي الصراع في البلاد. ودعا وتارا جميع المقاتلين إلى إلقاء أسلحتهم، وقال بعد أكثر من أربعة أشهر من الأزمة التي تلت الانتخابات والتي فقدنا فيها العديد من الأرواح، ها نحن اليوم ندخل مرحلة جديدة. وفي وقت سابق أمس الأول تمكن جنود تابعون لوتارا من اعتقال غباغبو وزوجته في مقر إقامتهما في أبيدجان -كبرى مدن البلاد- ونقلوهما إلى فندق في المدينة اتخذت منه حكومة وتارا مقرا لها. ونفى مصدر حكومي فرنسي ما أوردته تقارير سابقة بأن قوة خاصة فرنسية هي التي اعتقلت غباغبو. ولكن المصدر قال إن جنودا فرنسيين وآخرين من الأممالمتحدة ساندوا قوات وتارا في اقتحام مقر غباغبو واعتقاله. من جهة أخرى وعد الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات التي سبق أن فرضها على ساحل العاج عندما رفض غباغبو التنحي. وقال دبلوماسي رفيع المستوى إن الاتحاد سيتصل بإدارة الرئيس وتارا لبحث هذا الموضوع. وقد رفع الاتحاد الأسبوع الماضي الحظر المفروض عن ميناءي أبيدجان وسان بيدرو بعدما طالب وتارا بذلك. ومن جهتها رحبت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون باعتقال غباغبو، واعتبرته خطوة مهمة في طريق تسوية الأزمة. ودعت آشتون إلى سيادة القانون والنظام بسرعة، وطلبت من كل الأطراف أن تظهر ضبطا للنفس، وكررت دعمها الكامل لوتارا وحكومته.