لا يمر به أحد.. كرسي الخيزران يستقر على رصيفه كهواءٍ مهجور.. فيما الباب يتثاءب أزيزاً.. والصبيةُ في الشارعِ المجاور يصرخون بفرح يسحبون خلفهم الكراسي الدوارة كان لعلية البناية الراكدة في آخره سقفاً من قصدير.. وكان الهواء بارعاً في نشر رائحة الصدأ.. المواسير المتآكلة تسكنها الجرذان ولم يهاجم القط الأسود يوماً الفأرة البيضاء..... كانت الوحشة دافئةٌ هناك.. خصوصاً أن الصبيةُ لازالوا يصرخون بفرح.. و المصباح ما قبل الأخير.. يجهش بالبكاء.. *** تجرب كيف تهذي .. حتى تضيق بروحك صدور الأمكنة.. أن تتمنى لو أن قلبكَ كمفتاحِ بابك منسي في جيبك.. و خيالك الشارد يرتكن إلى عامودِ كهرباء آيل للسقوط .. أن تكتشف أنك الشاسع الوحيد.. الذي يقدر الكلاب العوراء و القطط العرجاء الشرسة و الطيور التي توشكُ أن تطلق روحها بالهواء.. الوحيد الذي يقفُ احتراماً لعشةٍ تؤوي المتسول -من تراقصهُ فجراً من الشارعِ الآخر.. الذي تلقم الوردة - التي تهدد بالذبول- الغفرانَ لاحمرارِها المنحسر.. و أنك من لا تنام ليلاً كي لا تترك النجوم وحدها.. ثمةَ شارع لا يمر به أحد!!..