قلت بالأمس ونحن نحتفل بالعيد ال (49) لثورة 26 سبتمبر الخالدة انه لم يكن متوقعاً في خيال الإنسان اليمني أن تأتي أعياد الثورة التي لها وقع خاص في نفوس الجميع،والوطن أرضاً وإنساناً يمر بأسوأ الأوضاع جراء الأزمة التي عصفت بالبلاد والعباد منذ زهاء تسعة أشهر وصارت تتفاقم يوماً بعد آخر وليس هناك أية بوادر أو مؤشرات تلوح ولو في الأفق البعيد للخروج منها بسبب الموقف المتزمت للأطراف السياسية داخل الساحة وعلى رأسها القوى السياسية في أحزاب المشترك المعارضة بقيادة حزب الإخوان المسلمين المتطرف (التجمع اليمني للإصلاح). اليوم نحتفل بالعيد ال (48) لثورة 14 أكتوبر المجيدة التي تفجرت براكينها من قمم جبال ردفان الشامخة بقيادة الشهيد البطل راجح بن غالب لبوزة ضد قوات الاحتلال البريطاني في جنوب الوطن العزيز وقدم خلالها شعبنا في معارك الشرف والكرامة والكفاح المسلح طوال أربع سنوات كوكبة من الشهداء الأبرار والجرحى الذين رووا بدمائهم الزكية تربة الأرض الطاهرة في سبيل تحقيق الحلم الجميل (الاستقلال الوطني) الذي بزغ فجره يوم 30 نوفمبر 67م بطرد آخر جندي بريطاني من أرض الجنوب آنذاك. نحتفل اليوم بعيد ثورة (14 أكتوبر) في ظل الأزمة الطاحنة التي قد تجر البلاد إلى ما هو أخطر بتفجير حرب أهلية شاملة لن يكون أحد في مأمن من نيرانها المشتعلة وستقضي على الأخضر واليابس، والسبب غياب العقل والضمير الإنساني والأخلاقي ومكابرة قوى المعارضة التي تدق قواتها المنشقة من الجيش الوطني بقيادة جنرال الحروب اللواء علي محسن الأحمر والمليشيات المسلحة لجامعة الإيمان وحزب الإصلاح المتطرف بقيادة الشيخ عبد المجيد الزنداني وعصابات حميد الأحمر طبول الحرب بعد أن أشعلوا حرائق الفتن والحروب في أكثر من مكان داخل العاصمة ومعظم المحافظات دون استشعار بالمسؤولية لنتائجها الكارثية. في الوقت ذاته يقف بعض العقلاء في تحالف المشترك أمثال السياسي والمفكر الوطني د. ياسين سعيد نعمان وغيرهم في موقف المتفرج وشخصياً أعرف أن د. ياسين وآخرين على النقيض مما يخطط له تجار الحروب.. لكن لا حول ولا قوة لهم. يقيناً إنه كان يجدر بالجميع من قوى المعارضة إلى قيادات حزب المؤتمر الشعبي الحاكم أن يكرموا مناسبات وطنية عظيمة بهذا المستوى والقدر من المكانة السامية والتاريخية ويعيدوا حساباتهم ويتذكروا قيم الثورة وأهدافها وتضحيات الشهداء وكفاح المناضلين الشاق من أجل القضاء على النظام الإمامي الكهنوتي المتخلف والاحتلال البريطاني، وأن يتنازلوا لأجل الوطن والأمة حفاظاً على مكاسب الثورة وحقناً لدماء اليمنيين الأبرياء التي صارت تسفك وأرواحهم التي تزهق دون مبرر أو ذنب باستثناء النزق والمكابرة والمآسي الكارثية التي يدفع ثمنها الوطن والمواطن. ليت أولئك الذين يتنازعون على السلطة يعودون إلى الصواب ويحركهم ضميرهم نحو سلامة الوطن وعدم الدفع بالشباب إلى محرقة الموت فالدم غال والتخريب سهل.. لكن الحياة لا تعود للإنسان الذي يموت عبثاً،وعملية إعادة البناء أكثر صعوبة.. فلماذا نخرب وطننا ونقتل بعضنا؟.. لماذا لا نكرم الثورة بعيدها ونتحاور ونرفع رايات السلام؟!