هي لحظات نادرة التي يتردد فيها قلمي عن بوح مكنون ما نعيشه ونريده، ولعل السبب هو تجليات الزمان والمكان والإنسان الذي نحتفي به وله في هذه اللحظات الفارقة من التاريخ السياسي اليمني، بين المجد الذي نقتفيه والمناص الذي ننشد، بين الانكسار والانتصار، الانعتاق والانهزام، بين المعاول والمناجل والحناجر التي ما تزال تصدح وتغني وتزرع وتبني وبين الدم والبارود ومشاريع الموت ودنس المال الحرام. هل أكتب لباذيب، أبي ،معلمي، دستور سفري السياسي والوطني أو أكتب لليوم، ولتعز التي اختارها الله أنْ تتوسط ببسالة هذا التراب العزيز، لتكون الخاصرة الوطنية والجغرافية لمستودع النضال والتضحيات والتاريخ، التي عاشها الراحل والدي عبدالله عبدالرزاق باذيب في 1959م وكتب ونشر وأصدر وفرح وقارع بها وفيها من خلال الطليعة الصحيفة كل الدخلاء على أنشودة النضال الوطني الشعبي لكل الوطن للإمامة غربا وشمالا والاستعمار شرقا وجنوبا هو وكل رفاقه وزملاء كفاحه المجيد صناع أكتوبر - سبتمبر - نوفمبر - مايو - ولن نكون مبالغين إن قلنا فبراير 2011م والذي نستطيع أن نقول إنها كانت وستظل كبيرة؛ لأنها عرفت ترانيم فجر أكتوبر وقدمت فيها مواكب الشباب جنوبا في الحراك السلمي أرواحها رخيصة في ساحات الحرية والمجد من عدن إلى ردفان والضالع وحضرموت وكل الجنوب، وصمود صعدة وتضحياتها لتشكل إلى جانب الهدير القومي العربي الربيعي المتجدد المقومات الموضوعية والذاتية اللازمة لثورة الشباب والتغيير ثورة التقدم والولوج، ثورة العمل والفلاحين والفقراء، ثورة المستقبل والتي رسمت بالروح والعرق والدم خارطة اليمن الديمقراطي الموحد الذي صدح به باذيب قبل أكثر من ستين عاما، وروت هذه الأرض خلال كل هذه السنين من دماء مناضلينا وأحرارنا وشبابنا على كل هذه الخارطة من تخوم الشمال إلى وديان الوسط وسواحل الغرب وسفوح الجنوب. وكل ذلك تلعثم الحبر الذي نسكبه بهذه المناسبة بأحرف الوفاء للإنسان والرفاق والمكان، للخاصرة الكبيرة دوما عطاء وتضحيات، للولادة بالرجال الميامين والصامدات نسائها الحرائر، لشبابها الذي صمد وانتصر، لتعز الوسط الذي يتكئ عليه الجنوب والشمال، للاستقرار والتطور الذي سننشده ولتعز فيه العنوان الكبير. فإلى كل حائط اتكأ عليه باذيب في خمسينات القرن الماضي وكل ذرة تراب سار عليها والدي، وكل نسمة تنفس بها بسهولها ووديانها وجبالها، وكل من أحبوه وعاشوا معه تلك اللحظات وكل قطرة عرق امتزجت في طباعة الطليعة الصحيفة، والموقف من جبين أبنائها وأنامل والدي كل الحب،، كل الوفاء،، كل الانتماء مني وإخواني ورفاقي وحزب اشتراكي وقائده (الحكيم) د . ياسين سعيد نعمان، وفاؤنا نحن هي خطوات على الأرض وصولات انتصار واستحقاق لهذا الشعب، تنطلق اليوم بتوطين باذيب ورفاقه وتاريخه في كل شبر من هذه الأرض زرعوا لنا فيها معنى أن نكون شرفاء أحراراً، للجنوب والشمال للأمل والنهج الذي لن نبارحه. أشكر صناع فكرة الاحتفائية الفارقة اليوم، في ذكرى الرحيل، أشكر كل من نظم، أشكر أهلي ورفاقي،، ننتمي لكم لكل حبة عرق لكل مسيرة خرجت لكل ألم جريح وحزن يتيم وعوز فقير، ولكل قطرة دم سكبت لنحتفي اليوم. ومليون قبلة وتحية لكل من جمع بين دفتي هذا العمل من مختارات من محراب والدي الفكري السياسي الصحفي. شكرا لتعز ولقيادتها الشابة التي سنضع أيادينا معها لنبني كل ما تهدم لنمو تعز لتطورها وتقدمها ولإنسانها الصابر المناضل. وزير النقل عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني رئيس اتحاد الشباب الاشتراكي اليمني 16 نوفمبر 2012م.