" أي معارضة خارج الوطن غير شرعية، وأي مواطن يمنى يحق له المعارضة فى اطار القانون والدستور، ومن خلال الأحزاب والتنظيمات السياسية الموجودة داخل البلاد"، جاء هذا الكلام على لسان مسؤول بارز في الحكومة، تعليقا على طلب اللجوء السياسي الذي تقدم به السفير أحمد الحسنى للسلطات البريطانية، مطلع الشهر الحالى!. . لم يكن هذا التعليق الأول من نوعه، ولن يكون الأخير، فدائما ما يردد المسئولون الحكوميون مثل هذه العبارات، الى درجة توحي وكأن المعارضة من الخارج أشبه بالخيانة، أو الارتهان للعدو.. لا أدري في واقع الأمر، ماهو السند القانوني، أو الأخلاقي، أو الموانع الديمقراطية التي تحول دون نشوء تنظيمات تعارض سياسات نظام الحكم، من خارج حدود .. البلاد؟!. . تسعى أنظمة الحكم في كثير من الدول، وخاصة المتخلفة، الى محاصرة المعارضين لها، وتجتهد بل وتتفنن في وضع أصناف العراقيل أمام الأحزاب والتنظيمات والأفراد الذين ينتقدون سياساتها، هذا أمر يمكن استيعابه، وما يجب أن تدركه أنظمة الحكم بالمقابل، هو أن استغلال نفوذ وإمكانيات هذه الأنظمة، وتسخيرها من أجل اضطهاد المعارضة، وتضييق الخناق عليها، لابد وأن يدفع بالبعض الى اقتناص أية فرصة تلوح أمامه، للتعبير الحر عن رأيه، حتى لو توفرت هذه الفرصة في أقصى نقطة على الكرة .. الأرضية!. . تريد الدولة معارضة "مفصّلة" على القياس المطلوب، تخضع لإشراف الدولة المباشر، ولسيطرتها المباشرة أيضا، تريدها قريبة، وفى متناول اليد، بحيث تستطيع اختلاق المشاكل لها بسهولة وفى أي وقت، خاصة إذا شعرت بأنها اقتربت من خطوط الممنوع، وباتت تهدد أمن واستقرار نظام الحكم، وليس أمن واستقرار البلد، كما تدعى افتتاحيات الصحف الرسمية، أو كما يتحجج المسؤولون في تصريحاتهم المتكررة!! . الدول التي تمارس السلوك الديمقراطي الحقيقي، لا تعرف أشكال المعارضة من الخارج، فلم نسمع يوما، عن حزب أو عن معارض بريطاني، اضطر الى معارضة سياسات حكومة بلاده من خارج حدودها، ذلك أن حقوق المعارضة مكفولة في هذه الدول، أما في دول العالم الثالث المتخلفة، فقد تفوق حركات المعارضة الخارجية، في أحيان كثيرة، ما هو موجود داخل هذه الدول!. . لا يجوز ارتهان أي شكل من أشكال المعارضة الوطنية في الخارج لأي طرف أجنبي، كما يجب أن تتناول قضايا وطنها ومواطنيها بالتزام سقف المصلحة العامة، لا من أجل مصلحة طائفة، أو فئة، أو لمصالح ضيقة أخرى، وفيما عدا ذلك، للمواطن كامل الحق في التعبير عن رأيه بحرية مطلقة تجاه سياسات نظام الحكم في بلاده، لأنه المعنى الأول بها، ولا فرق إن قام بذلك من الداخل أو من .. الخارج!!. * مراسل وكالة الأنباء الكويتية في اليمن [email protected]