الثورة كمصطلح سياسي تعني الخروج عن الوضع الراهن إلى وضع آخر، فهي التغيير الجذري الذي يحدثه الشعب ويأتي بنظام جديد لتحقيق طموحاته ورعاية مصالحه.. لتغيير نظام الحكم العاجز عن تلبيات هذه الطموحات، ولتنفيذ برنامج من المنجزات الثورية غير الاعتيادية. لقد هلّ علينا قبل أيام العيد ال47 لذكرى ال26 من سبتمبر المجيدة يوم القضاء على الحكم الإمامي الممثل بأسرة آل حميد الدين التي حكمت ما كان يسمى "بالمملكة المتوكلية" في شمال الوطن منذ عام1918م.. عانت اليمن خلال هذه الفترة من الجهل والفقر والمرض كثالوث مخيف عايشه أبناء الوطن ردحاً من الزمن في أسوأ الأحوال الصحية والظروف المعيشية الصعبة في كافة مجالات الحياة الإنسانية، ولهذه الأسباب قامت الثورة، وحلم الثوار من خلالها بالقضاء على هذا الثالوث، وتخليص الشعب من الاستبداد والمعاناة وثقافة الخضوع والانصياع لأوامر الإمام وعسكره، ولكن كما يبدو اليوم لا يزال ثالوث الجهل والفقر والمرض يطحن الملايين من أبناء الشعب، وكأن شعبنا قد عاد إلى سيرته الأولى التي من أجلها قامت الثورة المجيدة، وارتكزت عليها والتي كان هدفها الرئيسي القضاء على الفقر والجهل والمرض، لقد تم اسقاط أولويات الثورة على حساب مشاريع شخصية وسلطوية، ويرى البعض اليوم بأن ما حدث هو قلب نظام الحكم عن طريق ثأر سياسي ضد أسرة آل حميد الدين واستبدالها بأسرة حاكمة أخرى؛ بغية الاستئثار بالسلطة والحصول على مكاسب شخصية من كرسي الحكم.. لقد تلاشى الحلم الثوري، وغابت الفرحة الوطنية ومظاهر الابتهاج الشعبي بهذه المناسبات الوطنية، وذهبت تضحيات وطموحات وآمال الثوار والشعب هباءً منثوراً، وأضحت أهداف الثورة مجرد شعارات جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع، يتغنى بها الشعب صباح ومساء، لكنه محروم من أبسط الحقوق.. وإلا بالله عليكم أين أهداف الثورة مما يعيشه أبناء الشعب في مدن وقرى ونواحي اليمن السعيد، الذي صار الأغلبية منهم محرومين من مقومات الحياة من الغذاء والملبس والمسكن المناسب والدواء والتعليم والعمل، ومازالت بعض مناطقهم محرومة من الخدمات الأساسية من طريق وماء وصحة وكهرباء، والتي تعد بمثابة المعالم الأساسية للثورة التي نحتفل بيعدها ال47.. وهي فترة طويلة إذا ما قارنا أنفسنا بدول أخرى جمهرت بعدنا بسنتين لكنها وصلت إلى ما لم نصل إليه من بناء المواطن وتحقيق تنمية شاملة ومتوازنة، ونحن نتفاخر بإنجازات وهمية ومشاريع صنمية حيث ما تحقق ليس بكافٍ.. فالمواطن مطحون، والوطن تسكنه الصراعات والأزمات والحروب، ومازلنا نتحدث عن عودة الحكم الإمامي رغم مرور47عاماً من عمر الثورة، فلماذا لم تقضِ الثورة على مثل هذه الأفكار خلال هذه المدة؟.. إذاً أين أهداف الثورة من الظلم والاستبداد والفقر والأمية؟..أين أهداف الثورة من دولة النظام والقانون؟.. أين أهداف الثورة من نهب الثروات والفساد والعبث بالمال العام واختزال الدولة بأسماء معينة؟!