وصمة الخذلان تلحق بنا العار ترسل بقايا وطن إلى مجاهل التاريخ، خذلنا أنفسنا وخذلنا الأجيال القادمة وخذلنا معركة وطن مع التخلف الحضاري.. خذلناك يا وطن.. تقودنا خطوات الاستكبار وضحكات الاستصغار وهمسات النكران إلى متاهات انفاق الظلام.. والغام الموت المغروسة في كل خطوة قدم.. وجدنا أنفسنا مجبرين على المشي فوق إحداثيات خريطة الفجائع المرسومة من دهاليز مراكز القوى المختبئة اسفل أبراج النخب الحاكمة.. واستسلمنا للمصير التي رسمته لنا، ووقفنا نخب سياسية واجتماعية تتخبط في دائرة مغلقة بالحديد والنار، وكيانات ومجتمعات وأفراد نسترق السمع لبقايا صوت لأغنية تردد (يا الله بعلم الخير).. لا شيء يعلق في الأفق سوى لعنات الخذلان تتوشح بالسواد سماء القوم في كل ثانية وفي كل دقيقة ترتسم اللعنات تحجب الماء والهواء وحتى الدعوات.. لأكثر من عقد ونصف كنا نصحو ونغفو على كابوس حرب ال70يوماً وكيف سنحصد مراراتها ل70عاماً.. كنا نغالط الحقيقة تلك وتمتد أذرعنا بالدعاء بالتوفيق لحكامنا المنتصرين ليردموا الحفر الجهنمية للسبعين يوماً، لم ننس فجائع العوز والفساد والفقر وأشباح أمراء الحرب وشبكات مراكز القوى المصالحية العنكبوتية، أغشتنا ثقة غبية كانت تمسح من ذاكرتنا صور كابوس الحرب.. بينما كانت جدارت اللحمة الاجتماعية تتآكل ببطئ لتصيب قلب الأمان وتفتح مثاقب الغبن والظلم والتهميش ثقوب الكراهية والغضب وفقدان الحيلة وخيارات الطيش وحب الذات والكفر بمرسوم التوحد بعد أن مزقته إرباً رصاصات التعميد بالدم وألقت بأشلاء صحف الإندماج خارج التاريخ. وفي غمرة التيه والحيرة ومستنقعات الشكوك المحيطة بالوطن تساقطت حسن النوايا وكشرت أقزام الفساد وأرقام المصالح وفخاخ الضم والالحاق والتمييز عن أنيابها لتضرس أفواهها كل أمل في باحات السلم والاستقرار لندلف من فوق الرماد إلى براكين الغضب والتمرد. نحصد اليوم كرات النار بعد أن استفقنا من الكابوس الذي حزنا على فراقه ونحن عالقين في حصادات الحروب والانقسامات والصراعات والتفتيت بلا حول ولا قوة، لم تعد لدينا حتى الشجاعة بالقبول بحقائق الواقع المرير، ولم تنقذنا قرابين المبادرات ودعوات الإنقاذ التي رفضتها سيوف الإنكار والمكابرة السلطوية، وأهدرتها خارج المعابد للديمقراطية المهجورة والتبادل السلمي للسلطة ودولة المؤسسات والقانون التي تهدمت بقاذفات الوهم الإحتكاري نسفت عصر بأكمله..