تمر أيام وتأتي أيام وتتبعها أعوام وراء أعوام، ولا شيء يوحي بأننا نمضي إلى الأمام أو تلقى أحلامنا أدنى اهتمام، وكأننا لسنا مثل باقي الخلق في كل البلدان.. لنا مثلما لهم وعلينا مثلما عليهم ..صحيح أننا نعيش عصراً جديداً ليس فيه نادر ولا جديد؛ لكن الواقع يقول بأن حاضرنا مكشِّر، ومستقبلنا لا يبشر طالما أن ليس ثمة مؤشر يجعلنا نتفاءل من لكنة "محلك سر" وأن الحالين ليسا وجهين لعملة واحدة إلا من اختلاف العوامل الزمانية والمكانية وبراعة الإنسانية في طريقة التطليق والبهلوانية المختلفة من نظام إلى آخر حسب مساجات الذات وحجم الأنانيات .. نعم لا شيء يوحي من بعيد أو قريب بأننا سنتخلص من هذا الوضع المريب بل سنظل نندب حظنا أمداً طويلاً حتى يقيض الله من يرحم للحال ويعمل لصالحنا وصالح الأجيال.. فما عام جديد قد دخل علينا بشيء مقيد وإنما مثله مثل سابقيه، وقد يستمر في لاحقيه طالما بقينا على هذا الحال المتردي .. والتردي طبعاً لا يؤدي إلا إلى التردي .. هذا العام مثلاً كانت الآمال بقدومه قد أخذت منحاً آخر في الشكل والمضمون؛ نتيجة توافق بعض أرقام المناسبات التي ستحتضنها بلادنا خلال هذا العام الجديد ، مثل عيد الوحدة العشرين وخليجي عشرين وغيرها من الأرقام التي تفاءلنا بتطابقها خيراً على هذه البلاد شعبها من هذه المعاناة فما كان إلا أن تفاجئنا بارتفاع أسعار بعض السلع وانقطاع الغاز والكهرباء والتفنن في اختلاق الأزمات وتوجيه الكلمات تلو الكلمات منذ الساعات والأيام الأولى من عامنا الجديد2010م وكأنها رسائل توضيحية لما هو قادم لكيما نظل نوهم أنفسنا بمثل هذه الأضغاث التي لا تأتي إلا علينا وعلى أمثالنا من المواطنين الطائعين ومن تنطبق عليهم حكمة الأغنية الشهيرة. (غيرنا هم اللي عاشوا واحنا بس الضائعين)، رعاك الله وشفاك من مرضك يا فنان اليمن الكبير أيوب طارش، والله الله ما أشوقنا وأحوجنا إلى فنك العذب الطروب وإلى ألحانك وصوتك الشجي اللعوب أيها الفنان دائماً وأبداً .. أيوب طارش عبسي نكئت جرحنا وعايشت آلامنا وكنت لنا خير جليس وأنت تخفف معاناتنا بدندنتك النابعة منا وإلينا والذي لولا أن أنهكك المرض اللعين لأحسستنا بأنك القريب من أوضاعنا وأوجاعنا التي تناسها ولاتنا وكبراؤنا، فكم مرت من العقود ونحن وقود بل أكوام من الأعوام تمر ونحن تطحننا المآسي على الدوام دون التفاتة لآهات أقلامنا ومتاهات أحلامنا التي تشهدنا كل عام ولا يتحقق منها شيء في أي عام كما لو أن لا أحد يسمعنا أو ينظر إلينا.