ويكتسب هذا اليوم إطلالته البهية من اشراقة صبحية يوم إنطلاق الثورة في ال26 من سبتمبر 1962م ليعيد للفرح معناه والابتسامة مغزاها والبهجة اشراقتها. ولهذا فقد استقبل ابناء شعبنا اليمني هذه المناسبة الوطنية الغالية بفعاليات إحتفالية تعكس أجواء الفرح والبهجه في قلوبهم شملت مختلف مناطق الوطن ومدنها التي تزينت بأجمل الزينات وأرتدت حللاً قشيبة للترحيب بعيد الثورة السبتمبرية الأم . وأرتسمت على محيا وجوه المواطنين الابتسامة بحجم الوطن وثورته العملاقة واحتفل الجميع بميلاد عنوان فرحتهم وعيد اعيادهم ورقصوا بنشوة غامرة على انغام الاناشيد والاهازيج والاغاني الوطنية المعبرة عن المناسبة ومكانتها الكبيرة في حياتهم وحاضرهم ومستقبل ابنائهم. واليوم وبعد مرور 43 عاما على قيام الثورة اليمنية المباركة يجد المراقب المنصف نفسه أمام مجتمع جديد تزينه سلسلة من الإنجازات والمكاسب الوطنيةالعملاقة في مختلف مجالات الحياة غيرت وبشكل جذري معالم وجه الوطن ونقلتها الى مصاف المجتمعات المتحضرة. وبقدر ما يحتفل اليمنيون في مثل هذا اليوم من كل عام بعيد ثورة ال 26 من سبتمبر الخالدة , فإنهم في ذات الوقت يبتهجون بخيرات الثورة وماتحقق في ظلها من إنجازات عظيمة نقلت الشعب من ماضي التخلف والظلام الإمامي إلى عهد التقدم والإزدهار والرخاء والتنمية . وجاءت ثورة ال26 من سبتمبرمنذ إنطلاقها في عام 1962م كضرورة وطنية حتمية لدك معاقل حكم الأئمة الذي جثم على صدر شعبنا ردحا من الزمن يتسم بالإستبداد والتسلط والظلام الأسود المستمد قتامته من عوامل التخلف والإنحطاط التي كرسها ذلك الحكم الإمامي وفي طليعتها الثالوث الرهيب الجهل والفقر والمرض ,التي مثلت قاسما مشتركا بين كل ابناء اليمن, فضلا عن إنتهاج ذلك الحكم مبدأ التقوقع والإنغلاق في محاولة لعزل شعب الحضارات التليدة عن ما يدور من حوله سواء في محيطه العربي والاقليمي أوالدولي من تغيرات وقفزات نوعية علمية ومعرفية سعيا منه لإطالة مدة حكمة أقصى مدة ممكنه وإحكام السيطرة وتطويع الشعب وتسخير طاقاته وموارده لخدمة المصالح الشخصية والاهداف الانانية لأركان ذلك النظام المتسلط , لكن كل تلك الأحلام سرعان ما تبخرت وأصبحت كالسراب بتفجير ثورة سبتمبر المجيدة التي وضعت الشعب اليمني في بداية الطريق الصحيح للتخلص من مخلفات الإمامة والإنطلاق به صوب ترجمة طموحاته وغاياته في دروب الحرية والتطور المنشود. وبرغم ما واجهته ثورة ال26 من سبتمبر منذ اليوم الأول لإنطلاقها من تكالب من قبل القوى المضادة , التي أعادت توحيد صفوفها بغية الإجهاز علىالثورة والقضاء عليها في مهدها .. إلا إن تلك المحاولات تحطمت على صخرة الصمود الصلبة لقوة إرادة شعبنا اليمني التواقة للتحرر من براثن حكم التخلف الكهنوتي , إذ قوبلت باحتضان جماهير الشعب لقادة الثورة والانخراط في صفوف المدافعين عنها, معتبرين ذلك مسألة مقدسة وقيمة حياتية . وقدم أبناء اليمن تضحيات جسام وآلاف الشهداء في معارك الدفاع عن الثورة ليرسموا بدمائهم الطاهرة لوحة الحرية ويجسدوا أبلغ دروس التضحية والفداء من أجل الوطن حتى كتب الله تعالى لهم النصر المؤزر لإرادتهم في الثورة وتثبيت دعائم النظام الجمهوري بإجهاض كافة المؤامرات التي استهدفت النيل من الثورة المباركة لتشرق بذلك شمس الحرية على أرض السعيدة معلنة بداية عهد جديد من البناء والتنمية لليمن بخطوات متسارعة للحاق بركب الحضارة العالمي وإستعادة أمجاده الحضارية وبناء مستقبل مشرق لأبنائه الذين شيدوا أقدم وأعرق الحضارات في التاريخ الإنساني . ولعل أي مراقب لواقع الحال الذي كان عليه اليمن قبل ال26 من سبتمبر لايستغرب هذا الاندفاع الجماهيري من مختلف مناطق اليمن وتقديم حياتهم رخيصة في الدفاع عن الثورة والذود عنها, خاصة وان الثورة مثلت ضرورة انسانية قبل ان تكون ضرورة وطنية, كونها اعلنت عن تحرير شعب أمعن حكامه وطغاته في اذلاله وتجويعه وعزله ليس عن العالم من حوله, وانما عزل ابناء اليمن عن بعضهم البعض, بحيث كانت الاستجابة لذلك النداء من قبل ابناء اليمن في الريف قبل الحضر, منتظمين في طوابير للدفاع عن الثورة مستلهمين وهجها وعظمتها وسمو اهدافها ومبادئها, والتي رأوا فيها بارقة أمل لحياة جديدة ومجتمع جديد ونمط جديد يختلف في مضمونه وشكله عن ذلك النمط الذي حاولت الامامة تكريسه في واقع المجتمع اليمني كأسلوب حياة, رغم ان ذلك النمط يعود الى حياة القرون الوسطى. ولأن واقع الظلم والتخلف في شمال الوطن سابقا الذي كان يرزح تحت حكم الإمامه لا يختلف عن واقع القهر والإستبداد في جنوب الوطن سابقا القابع حينها تحت وطأة نيران الإستعمارالبريطاني الغاصب , فقد سعى نظام الإمامة والإستعمار إلى توفير عوامل إضافية تساعد كل منهما على البقاء وسهولة السيطرة والتحكم وذلك من إشتراكهما في إعداد وتوقيع إتفاقية تقسيم اليمن الواحد والموحد أرضا وإنسانا عبر التاريخ إلى شطرين شمالي وجنوبي , ليقابل أبناءالشعب اليمني هذه الجريمة النكراء باستياء واسع وتعزيز آليات التنسيق والتنظيم بين حركاته وطلائعه الوطنية التحررية التي جسدت واحدية الثورة منذ بدايتها وفي مختلف مراحل النضال الوطني ضد الإمامه والإستعمار . ولهذا فقد جاء نجاح ثورة ال26 من سبتمبر التي شارك فيها مناضلون أبطال من مختلف المحافظات الجنوبية ليهيء الظروف والمناخات الملائمة ماديا ومعنويا لاندلاع ثورة ال 14 من أكتوبر1963 م الخالدة في الشطر الجنوبي والتحاق مناضلي الثورة السبتمبرية الأم بمعارك التحرير ضد الإستعمار تحقيقا لأهداف الثورة اليمنية التي نص الهدف الأول منها على التحرر من الإستبداد والإستعمار ومخلفاتهما وليتوج ذلك النضال والبطولات الأسطورية برحيل الإستعمار عن أرض الأحرار في ال 30 من نوفمبر 1967 م ملقنا درسا قاسيا بإن القوه لا يمكن أن تحميه من قوة الإرادة في أرض يشهد التاريخ بأنها مقبرة الغزاة . واتجهت الجهود الوطنية في شطري الوطن باتجاهين الأول صوب معالجة التركة الثقيلة التي ورثاها من الإمامه والإستعمار والآخر نحو تحقيق الهدف الثالث للثورة اليمنية المباركة وهو إعادة تحقيق الوحدة الوطنية لتتواصل مسيرة العمل الوحدوي وتتعزز منذ إنتخاب فخامة الأخ الرئيس/ علي عبدالله صالح / رئيسا للجمهورية في ضوء مابذله من جهود كبيرة في هذاالجانب لتثمر في ال 22 من مايو 1990 بالتوقيع على إتفاقية الوحدة وإعلان قيام الجمهورية اليمنية ويرفرف علم اليمن الواحد شامخا بشموخ أبناء اليمن وجبالها. ولهذا فمن حق ابناء الوطن ان يحتفلوا ويفرحوا بمناسبة عيد ثورتهم لان للفرح في هذه المناسبة له معانيه العميقة وصفات الشمول والكمال.