هل مدارس رياض الأطفال ضرورة تربوية أم ترف اجتماعي؟ وما طبيعة دورها ؟ وهل تحقق فعلا الأهداف المرجوة منها باتجاه أعداد الأطفال وتأهيلهم واكتشاف مواهبهم وتنميتها أم أن عملها ما يزال يتخلله الكثير من القصور؟ وهل دورها كوسيط يلغي دور الأم والمنزل؟ وماذا عن معايير اختيار المربين والمناهج والأطر القانونية والتنظيمية التي تنظم عمل هذه الرياض؟ مثل هذه الأسئلة وغيرها محير كثيرة، تقصت (سبأنت) وراء الإجابة عليها في هذا الموضوع من خلال جمعها لاراء مجموعة كبيرة من الأمهات ومسئولات رياض الأطفال والمختصين،في محاولة لوضع المسئولين وأصحاب القرار والقارئ الكريم أمام الكثير من النقاط التي تتصل بواحدة من أهم القضايا التربوية المعاصرة. **الاختيار المناسب البداية مع (أم ولاء) التي أكدت على أهمية مدارس رياض الأطفال في إعداد وتأهيل الطفل، قبل أن تتحدث بإسهاب عن تجربتها مع رياض الأطفال..مبينة أن حرصها على اختيار الروضة المناسبة لطفلتها هو ما جعل من موضوع كهذا يشغل بالها لفترة طويلة. تقول أم ولاء :" في اعتقادي الشخصي يجب على الآباء أن ينتبهوا إلى دور الروضة في حياة الطفل وفوائدها الكثيرة المتمثلة في ما يتلقاه الطفل من علوم ومعارف مبسطة ومحببة إلى نفسه، وعلى الأم الذكية أن تحسن اختيار الروضة المناسبة لطفلها، ومن ثم تتأكد من وجود كادر متمكن يجيد الوصول إلى نفسية الطفل ويحببه إليه على طريق مشوار دراسي مقبل حافل،لأن هذه السنة التي يلتحق فيها الطفل بالروضة تعد محطة مهمة في حياة الطفل يبني عليها باقي مشواره ويجب على الأم متابعة طفلها في الروضة من خلال التواصل مع المربيات والمعلمات والتأكد من وجود الرعاية الصحية والنفسية على مستوى عالي ورفيع. كما تؤكد أم ولاء على ضرورة أن يكون الكادر العامل في هذه الرياض على مستوى عالي من الثقافة والوعي ،ويتمتع بقدر كبير من التحلي بالوعي والحب والعاطفة والمسئولية مشيرة إلى حجم المسئولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم. وعن الفائدة التي حصلت عليها ابنتها من الروضة تقول (أم ولاء) أصبحت ابنتي متمكنة من دروسها في الإنجليزي، والعربي، وحفظت كثيراً من سور القران كما تعلمت أشياء كثيرة في الموسيقى والتربية الدينية.. أما من الناحية الاجتماعية فقد أصبحت (ولاء) تجيد التعامل مع الآخرين، وتطبق الآداب الدينية التي تناسب سنها والتي حرصت (أم ولاء) بالتعاون مع الروضة على تنميتها فيها وتقول :" الآن ابنتي في الصف الرابع الابتدائي متفوقة في دراستها ومعلماتها يمدحن سلوكها وتعاملها مع الأطفال الآخرين". ** تحقيق الربح أما (أم إلياس) التي تتفق مع (أم ولاء) على أهمية رياض الأطفال ودورها، وعلى ضرورة أن تحرص الأم على إلحاق طفلها بالروضة كونها واحدة من أهم المحطات التي يتشكل فيها وعي الطفل خاصة في عصرنا الراهن على عكس ما كان عليه الحال سابقا، فإنها تشير إلى بعض السلبيات التي تتخلل عمل بعض الرياض .. وتقول: "ربما لم تكن رياض الأطفال مهمة في الوقت الماضي، لكن اليوم على الأم أن تحرص على إلحاق طفلها بالروضة ابتداء من السنة الثالثة إلى سن الخامسة، وقد ألحقت أبنائي الثلاثة بالروضة وحرصت على اختيار الروضة المناسبة، وبصراحة لقد استغرق بحثي عن الروضة المناسبة فترة طويلة، والحمد لله وجدت روضة من خلالها يمكن لأطفالي أن يتعلموا أشياء مناسبة لسنهم، إلى جانب توفر الألعاب التربوية التي تنمي مهارات وخبرات ومعلومات الطفل وتناسب مع سنه وتكتشف فيه مواهب وميول مدفونة، وبالفعل اكتشفت في أطفالي مواهب كثيرة لم أكن اعرفها. وتضيف : "من محاسن الصدف أن الروضة التي أدخلت فيها أطفالي كان توجهها تربوي، وليس مادي وساعد كل ذلك في غرس قيم إسلامية، وتربوية في نفوسهم كما ساعدني كثيرا على تجنيبهم السلوكيات السيئة إلى جانب حفظهم لبعض من آيات القران الكريم.. ولهذا تؤكد أم إلياس في نصيحتها لغيرها من الأمهات البحث عن الروضة المناسبة والمؤهلة من مختلف الجوانب.. مشيرة إلى إن هناك رياض غير مؤهلة وهم أصحابها الوحيد جني الأموال وتحقيق الربح".. **مستويات الذكاء من جانبها تؤكد نادية محمد أخصائية على ضرورة إلحاق الطفل بالروضة وأهميتها في حياة الطفل ومدى مساعدتها في الربط بين عقل الطفل وجسمه وتقول : " جسم الطفل بحاجة إلى تغذيته بجرعات متدرجة خلال مراحل مختلفة من العمر حيث أن عقله ينبغي أن يغذي بمعارف متناسبة مع مداركه حتى على مستوى المرح واللعب لانه من الضروريات إلهامه في حياة الطفل .. مشيرة إلى أن هناك تقسيمات الذكاء لدى الإنسان (البصري والمكاني)(والجسمي الحركي)والموسيقى .. موضحه أن إهمال أي فرع منها هو إهمال لجزء كبير من ذكاء الإنسان. وتؤكد نادية أن معلمه رياض الأطفال تلعب دور مهم في إضفاء جو عائلي أليف يشعر فيه الطفل بالأمان والراحة إلى جانب الاهتمام بمشاعر الطفل وتهيئيه الفرصة أمامه للتعبير عن مشاعر الفرح والغضب موضحه أهمية أعداد وتنظيم غرف الروضة لتحوى أركان تعليمية متعددة الأهداف تنبع من اهتمامات الأطفال وتفي بحاجات مراحل النمو المختلفة لديه.. مشددة على ضرورة التخطيط والتوجيه للعملية التربوية في غرفه التعليم إلى جانب أعداد ألا نشطه آلتي تساعده على تنمية حواس الطفل وتمكنه من استخدام قدراته الشخصية بالأسلوب الذي تناسب مع حدود تفكيره وسنه. أما إيمان المتوكل مديره روضه فأنها تؤكد على تكامل الدور الذي تقوم به ألام في البيت والروضة باتجاه تهيئه الطفل نفسيا واجتماعيا وعلميا ليخرج إلى العالم وهو يمتلك القدرة على التكيف مع الأجواء الاجتماعية المحيطة...مؤكده على ضرورة التعاون بين الروضة والبيت لان الروضة تكمل الدور الذي تقوم به ألام في البيت. **ضعف الإمكانيات وفيما يتعلق بالأهداف التي تسعى إليها الروضة تقول إيمان :" نحرص على تقديم أنشطه تساعد الطفل على تأسيس نفسه وإكسابه مهارات تنمي الجانب الحركي لديه من خلال تمارين تقدم إليه فيتم تقييم نشاطه العام مثلا تقوم المربية بمراقبه الطفل كيف يرمي الكره كيف يمسك القلم ،يصعد السلم. كما نسعى إلى تنمية الجانب الاجتماعي لدى الطفل فنحرص على تعلميه المشاركة مع زملائه في العب والأنشطة المختلفة أيضا التعاون معهم كيف يستمع للآخرين ولا يقاطعهم آداب الحديث الاستئذان ونحرص على تنمية الجانب اللغوي من خلال تعليم الطفل التعبير عن أفكاره بجمل تنمي الجانب القراءة والكتابة لديه وتقدم لطفل تمارين كيف يروى القصة ويعبر عما داخله بجمل واضحة إضافة إلى طريقه الإصغاء وتنمية الجانب الجمالي والإبداعي بما يجعل الطفل يشارك بالغناء والاستماع للموسيقى وأيضا يشارك في الرقص. وتعرب إيمان عن أسفها لوضع رياض الأطفال الحالي في اليمن التي لا تلقى الاهتمام والرعاية الكاملة في ظل غياب الإشراف وغياب الكتب والمراجع وعدم وجود رياض أطفال حكومية سوى روضتين تعانيان من الكثير من النقص في الإمكانيات. وتتفق أمة السلام مربية مع إيمان في معاناة الكثيرة من رياض الأطفال من نقص الإمكانيات وتقول :" تنقصنا أشياء كثيرة من ناحية الإمكانيات ولكن نأمل ان تتم ألمتابعه من وزاره التربية والتعليم للرياض الحكومية للتغلب على هذه الصعوبات التي نحاول كمربيات أن نغطيها من خلال تكثيف جهودنا سواء على مستوى المنهج أو الوسائل التعليمية التقنية الحديثة والألعاب وغيرها. **رؤية تحليلية وفي تحليلها النفسي والعلمي لدور رياض الأطفال تقول دكتورة نجاة الصائم أستاذ مساعد في كلية الآداب قسم علم النفس :" بالرغم من تزايد وانتشار رياض الأطفال في اليمن خلال السنوات الأخيرة ألا أن نظرة على معظمها توضح لنا أنها لم تقم على أسس علمية تتيح لها القيام بدورها التربوي والتعليمي المؤمل منها وبالتالي فأن معظم هذه الرياض لا تؤدي دورها وان ما تقوم به معظم هذه الرياض في الوقت الراهن دور يبعد كثيراً عن درها فهي مجرد أماكن غير مؤهله كروضة يتم فيها تجميع عدد من الأطفال الذين يتم تلقينهم الدروس وكأنهم في فصل دراسي وليس روضة بل وقد نجد أنه يحدث عليهم الكثير من الضغط النفسي والجسدي لتعلم الكثير من الأشياء التي تكون فوق طاقاتهم واستعدادهم الجسدي والنفسي. وترى أن من أهم الشروط الواجب توافرها في رياض الأطفال لتؤدى دورها الرئيسي في تهيئة الطفل قبل دخوله المدرسة وباعتبارها الخطوة الأولى التي يخطو بها الطفل نحو المجتمع أن تحتوى على كل ما يمكن الطفل من التعرف على بيئته وكذا تتيح له النمو الجسدي والنفسي والاجتماعي بشكل سوي وغير ضاغط فمن حيث المبنى فيجب أن تكون غرفها كبيرة وجيدة التهوية وتدخلها الشمس ونوافذها فيها شبك حماية وفيها أدوات والعاب يستطيع الطفل من خلال التعرف على بيئته وتساعده على النضج الجسدي والانفعالي والعقلي وفيها ساحة واسعة تحتوي العاب ومساحة تتيح للاطفال الحركة والجري. أما عن الصفات الواجب توفرها في معلمة رياض الاطفال فتقول الدكتورة نجاة :" يجب أن تكون لديها الرغبة القوية في التعامل مع الأطفال أن تكون مؤهلة للتعامل مع هذا الفئة تمتاز بالصبر والحنان والنضج الانفعالي ولديها القدرة على الابتكار وخلق أفكار جديدة لجذب انتباه الأطفال ". و تجمل الدكتورة نجاة الأهداف التي ينبغي على رياض الأطفال أن تسعى إلى تحقيقها في التالي : - تنمية الثقة بالنفس والشعور بالتقدير والأهمية وهي المهارات الأساسية لبناء شخصية الفرد، أضافة الى توفير فرص اللعب الحر والبنّاء والهادف لتلبية الاحتياجات الخاصة للطفل. - توفير الفرص للتعلم الذاتي المستقل للطفل حسب حاجاته وقدراته الخاصة. - توفير الفرص لتنمية مهارات الطفل في كل مجالات النمو. - توفير الطرق المتنوعة والفعالة لتنمية المفاهيم العلمية والرياضية . - تنمية المهارات البصرية والسمعية والادراكية ومهارات تآزر اليد والعين وذلك استعداداً للقراءة والكتابة. - تكوين الانطباع الايجابي نحو المدرسة والتعليم وذلك بتوفير سبل النجاح لكل طفل من الأطفال.تنمية عادات العمل الصحيحة من انتباه وتركيز ومواظبة. وبالنسبة لايجابيات رياض الاطفال وسلبياتها فإن الدكتورة نجاة الصائم تلخص الاجابيات في انها تهيئ الطفل قبل التحاقه بالمدرسة،وتؤكد نتائج الدراسات أن الأطفال الذين التحقوا برياض الأطفال أو دار الحضانة وُجد أنهم أفضل في مستوى النمو اللغوي والتعلم والمهارات الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين، من الأطفال الذين التحقوا بالمدرسة مباشرة دون هذه المرحلة التمهيدية. وتكسب الطفل صفة هامة جدًا في تكوين شخصيته وهي الاستقلالية، فبعدما كان يعتمد اعتمادًا كليًا على أمه والكبار في المنزل يصبح قادرًا على إدارة معظم أموره بنفسه . أما عن السلبيات فترى أنها قد تمثل موقف ضغط على الطفل خاصة إذا كانت الروضة تركز على مسالة تعليم ألأطفال وفقا لمنهج دراسي مكثف. وتتابع الدكتورة نجاة حول تكامل الدور بين المنهج ورياض الأطفال ان ما يقدم في هذه المرحلة للطفل يركز على تنمية المهارات الاجتماعية والنفسية لدى الطفل وبالتالي فأن المناهج في هذه الحالة تكون مكملة لدور الروضة .. وترى أن الدور الذي تلعبه الام في تحقيق الانسجام والتكيف لطفلها في الروضة يعتبر دور مهم وأساسي في إعداد طفلها للروضة وذلك من خلال قيامها بالحديث عن الروضة بشكل ايجابي مع الطفل وكذلك زيارتها مع الطفل قبل بداية العام الدراسي وذهابها مع طفلها في أول يوم وطمأنته بأنه سوف يكون في آمان داخل الروضة وأنها سعيدة جداً بدخوله الروضة. ومن واقع خبرتها العلمية تتحدث نجاة الصائم عن أبرز النواقص التأهيلية في معلمات رياض الأطفال وماهي أكثر الأخطاء التي تقع فيها معلمات رياض الأطفال من جهة والاباء والامهات من جهة اخرى وتقول :" من أهم الملاحظات أن معظم المعلمات هن خريجات ثانوية عامة وصغار في السن وليس لديهن أي خبرة في التعامل مع الأطفال في هذه السن ناهيك عن عدم معرفتهن بكيفية إدارة الروضة التي تختلف بشكل كبير عن إدارة فصل دراسي كما ان نسبة كبيرة منهن يقبلن هذه المهنة نتيجة لعدم وجود فرص أخرى وليس عن حب لها وأنها مجرد مهنة مؤقتة سوف ينتقلن منها أما إلى الجامعة أو مهنة أخرى وأكثر الأخطاء أنهن يتعاملن مع الروضة كما لو أنها فصل دراسي وكذلك عدم مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال. وتضيف :" اما من اهم الاخطاء الشائعة التي يقع فيها الاباء والامهات أنهم يركزون على كمية المعلومات الدراسية التي يتعلمها الطفل في الروضة ويشعرون بالغضب إذا لم يتعلم طفلهم بالشكل الذي يعتقدون أن سوف تقوم به كفصل دراسي ويرون أن ممارسة الطفل للأنشطة داخل الروضة يعتبر مضيعة للوقت ". وترى ان من اهم الاسباب التي تدعو إلى عدم الاهتمام برياض الاطفال الموجودة حاليا أن النظرة ما تزال قاصرة إلى دور الروضة وأهميته في تنمية شخصية الطفل مؤكدة بأن الواقع يشير إلى أن الوضع ما يزال بحاجة إلى العديد من الجهود حتى يتحسن واقع تربية الطفل اليمني . سبأ،ت