فاجأ الخبير الوطني في التثقيف الصحي الدكتور أحمد محمد الحملي من حضروا حفل تكريمه صباح اليوم على رواق ( بيت الثقافة) بالقول بانه قد مزق وصيته التي كان قد كتبها قبل اثنتي عشرة سنة والتي أوصى فيها أولاده بعدم قبول تكريمه بعد وفاته . وقال الحملي وعيناه تترورقان بالدموع فرحاً بمهرجان تكريمه التي نظمته وزارة الثقافة تقديرا لعطاءاته في مجال الثقافة الصحية على مدى اكثر من عقدين ...قال : لم أكن اتوقع أو حتى انتظر هذا التكريم حتى جاءت الايام ليفاجأني خالد عبدالله الرويشان - وزير الثقافة بهذا التكريم الذي اعتبره وسام على صدري.. مادفعني الى تمزيق وصية كنت كتبتها قبل اثنتي عشرة سنة عندما اجري لي عملية في القلب حيث اوصيت اولادي بعدم قبول تكريمي بعد وفاتي مهما كانت الاسباب. ولم يتمالك الدكتور أحمد محمد الحملي نفسه وهي يزجي ايات الشكروالثناء على وزارة الثقافة ووزيرها نظير الجهود التكريمية التي تبذلها في منح الرموز الابداعية والكفاءات المهنية والاسماء الثقافية حقها من الاهتمام والتقدير. وفي حفل التكريم القى خالد عبدالله الرويشان - وزير الثقافة كلمة اطرى فيها بمزيد من الثناء على المحتفى به ..مؤكدا عظمة شخصيته وتفانيه في التضحية والعطاء في خدمة الواجب . وقال الرويشان : إنه جمال الروح والعطاء والواجب نقرأ تفصيلاته واضحة جلية على جبين هذا الرجل الذي بذل من العمل وقدم من التضحية في سبيل نشر الوعي الصحي وتعميم الثقافة السكانية على ربوع ارياف البلاد وقرى اليمن حتى ان عشرات القرى والاف الاطفال باتوا يعرفوه ولا ينكروا جميله عليهم . وأضاف : إنه رجل قدم الكثير لكنه مغمور ومطمور مثل ذهب قديم يعيش سعادة نادرة في هذا الزمان .. ربما لأنه يشعر أنه أسعد كثيرا من الناس بالدواء والشفاء والكلمة والبسمة؛ كأنه موكل بأن يزرع الأمل في قيعان الألم وبيوت الوهن والأسى فيدواي الجراح ببياض قلبه وبلسم علمه ويغرس شجرة الرضى في كل منحى . وتابع الرويشان قائلاً : كم مسرحية نبتت على أصابعه وكم جمعية نمت برعايته.. وكم طفل ضحك الدمع بعينيه بين يدي الحنان والرحمة ... وكم قرية نامت على هدهدات عنايته . وقال : تكريمه اليوم هو تكريم لصفاء الروح وعظمة الواجب .. تكريم لرائحة البنسلين والحبر ، للسهر فوق حنايا طفله تختلج بالحمى وتصمت بالاهمال .. تكريم لكرامة الانسان وكرم الروح . وعن أصدقاء المحتفى به تحدث الدكتور عبدالرحمن الشرعي متناولاً سمات وسجايا الدكتور الحملي من خلال العلاقات التي جمعتهما به في نقابه الاطباء والصيادلة وتجربة العمل في الميدان وهي تجربة كان فيها الدكتور احمد محمد الحملي - حسب الدكتور الشرعي - مدرسة نهل منها كل زملائه واصدقائه كل معاني الحب والتضحية والرضا وعدم انتظار الثناء وهي معاني منح فيها الدكتور الحملي لتجاربهم طعم ومذاق و نكهة امتدت الى حياتهم حيث صار لحضوره معهم مكانه كان غيابه فيها يمثل انتقاص لوجودهم وتنغيصا لفرحتهم التي لم تكن تكتمل الا بوهج بسمته ونصائحه . وقال الدكتور الرحمن الشرعي مخاطباً وزير الثقافة : لقد كرمتم بتكريم الدكتور أحمد الحملي جيلاً كاملاً من الأطباء والمثقفين ونحن كأطباء لانملك إلا ان نقول لكم شكر لكم فقد منحتمونا اليوم مانعجز عن رد جميله ولو بعد حين ! وتخللت فقرات مهرجان التكريم عددا من المقاطع الموسيقية فضلا عن عرض حلقة من برنامج الفضائية اليمنية " وجه في الزحام " لمقدمه الزميل الاعلامي خليل القاهري وهي الحلقة التي تناولت حياة وتجربة المحتفى به الدكتور أحمد محمد الحملي .. هذه الحلقة التي استطاعت تسليط مزيد من الضوء على مراحل حياته وكيفية تغلبه على مختلف الظروف والصعاب في سبيل صناعة شخصيته وتقديم تجربة استطاعت ان تشكل اضافة نوعية في ميدان التثقيف الصحي وهو المجال الذي مايزال يفتقر اليوم على الاف النسخ من امثال الدكتور أحمد محمد الحملي . وفي كلمته في ختام التكريم استعرض الدكتور الحملي شذرات من تجربته الحياتية في الميدان وبخاصة تلك المحطة التي انتقل فيها من التطبيب الى التثقيف الصحي على اعتبار ان الوقاية تسبق العلاج ان لم تكن اكثر اهمية منه .. متناولا مراحل دراسته العلمية حتى تخرج بكالوريوس طب عام ومن ثم ماجستير في الصحة وكيف استقر به المقام في العمل في خدمة الثقافة الصحية . ويعد الدكتور الحملي أحد أهم الخبراء الوطنيين في البرنامج العام للاعلام والاتصال السكاني بوزارة الاعلام وحتى الان حيث يعمل حاليا خبيرا لتدريب الكوادر الاعلامية في مجال الاتصال والتثقيف السكاني وكذلك اعداد وتصميم برامج الاتصال عبر قنوات الاتصال الجماهيرية . وعمل الدكتور الحملي مديراً عاما للمركز الوطني للتثقيف والاعلام الصحي التابع لوزارة الصحة لمدة اربعة عشر عاماً وخبيراً في الثقيف والاعلام الصحي في مشروع صحة الاسرة - التابع للبنك الدولي خلال الفترة 1998 وحتى يناير1999م كما عمل مستشارا لمنظمة الصحة العالمية فضلاً عن شغله لعدد من الوظائف على امتداد تجربته منها طبيب عام في مستشفى البيضاء ومن ثم مديراً له خلال الفترة 1975 - 1978 وطبيب باطني ومسؤول قسم الباطنية والتغذية في مستشفى الثورة بصنعاء عام 1979 ومديرا عاما للصحة الاساسية بوزارة الصحة عام 1979م ومديرا عاما لصحة البيئة بوزارة الانشاءات والاسكان ورئيسا لقسم المساعدين الطبين بمعهد الطاقة البشرية بصنعاء من عام 1980 الى عام 1982 ومديراً عاما للتثقيف والاعلام الصحي بوزارة الصحة من 1988م وحتى عام 1991م بالاضافة الى عضويته في عدد من اللجان الوطنية ومشاركته في عدد من المؤتمرات العربية والدولية . وللدكتور الحملي العديد من الاسهامات في مجال التثقيف والاعلام الصحي حيث عمل على مدار خمسة عشر عاما على تنفيذ العديد من البرامج برؤية واضحة واقتدار متميز حيث اعد وكتب اكثر من ثمانمائة فلاش تلفزيوني ( سيناريو وحوار ) في شتى المشكلات الصحية واعد وقدم اكثر من اربعمائة حلقة تلفزيونية لبرنامج (الصحة والمجتمع) التلفزيوني واعد وقدم مئات الحلقات الاذاعية لنفس البرنامج والفلاشات الاذاعية التثقيفية في مختلف شؤون الثقافة الصحية كما اجرى العديد من البحوث الميدانية على الفئات المستهدفة لتحديد اولويات مشكلاتها الصحية واعد ونفذ عشرات البرامج التدريبية لتعزيز دور الثقافة الصحية للعاملين في مختلف الخدمات الصحية بالاضافة الى اسهامات اخرى عديدة. وبالاضافة الى ذلك مارس الدكتور أحمد الحملي التاليف الأدبي على سبيل الهواية وليس على سبيل الاحتراف وله في هذا المجال عدد من الاعمال منها : مسلسل ( الفجر ) وهو مسلسل تلفزيوني انتج وبث على ثلاث عشر حلقة ومسلسل ( عودة الطيور المهاجرة ) لم ينتج حتى الان ومسلسل ( سنوات الجمر ) ومسرحيات مختلفة مثل البورعي ، المزاد وغيرها . سبانت