حذر تقرير حقوقي أوروبي صدر اليوم الأحد من استهداف إسرائيلي متواصل لقطاع الصيد البحري في قطاع غزة بصورة ممنهجة مما سيؤدي إلى إنهاكه وتدميره. وأوضح التقرير الصادر عن المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان، أن السلطات الإسرائيلية سعت في السنوات القليلة الماضية إلى قتل هذه المهنة التي يعتاش منها ما يزيد عن 70 ألف مواطن في غزة، من خلال التقليص المتدرج لمساحات الصيد التي تسمح للصيادين الفلسطينيين بالإبحار خلالها. وأضاف أن هذا التقليص أحادي الجانب، والذي بلغ أوجه عام 2009، أثر بشكل واسع على كمية الصيد في القطاع الذي يعاني أصلا من حصار إسرائيلي للسلع والمواد الغذائية، معتبرا أن هذا الإجراء ينطوي على مخالفة صارخة لما هو موقع مع السلطة الفلسطينية والذي ينص على تحديد مسافة الصيد ب20 ميلا بحريا بعيدا عن الشاطئ. ونوه التقرير إلى أن التحكم الإسرائيلي بمسافة الصيد يأخذ شكل العقاب الجماعي، إذ تزايدت حدته مع الانتفاضة الثانية حيث قلصت "إسرائيل" المسافة إلى 10 أميال بحرية من الشاطئ، ثم إلى 6 عقب أسر الجندي جلعاد شاليط، وأخيراً إلى 3 أميال بعد الحرب على غزة التي انتهت في يناير 2009 وحتى الآن. وحذر المرصد من أن السلطات الإسرائيلية تتعمد منع شريحة واسعة من الصيادين الغزيين، الذين يقدر عددهم ب3600 صياد، من ممارسة عملهم بحرية وبشكل آمن عبر الأميال البحرية التي حصرت نطاق عملهم خلالها، وذلك عن طريق التدخل العسكري من قبل الزوارق البحرية التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي. ولفت التقرير إلى أن المرصد الأورو متوسطي وثق خلال الفترة ما بين بداية يناير 2011 إلى نهاية أبريل 2012، قرابة 150 انتهاكاً بحق الصيادين، كان منها 60 حالة اعتقال في عرض البحر، 12 إصابة بنيران البحرية الإسرائيلية، و20 حالة لتخريب أو مصادرة معدات الصيد. ونوه إلى ارتكاب السلطات الإسرائيلية ممارسات مهينة بحق الصيادين، تتمثل في إجبارهم على التعري الكامل، والنزول إلى مياه البحر في ظروف جوية قاسية، إلى جانب اعتقالهم وابتزازهم من أجل التعاون الاستخباري، والتهديد بالتنكيل بأقاربهم، وبينهم معتقلون قاصرون. كما يوثق شهادات حية لصيادين اعتدت عليهم قوات البحرية الاسرائيلية وأجبرتهم على النزول إلى مياه البحر، ونكّلت بهم بعد اعتقالهم لفترات تتراوح ما بين أيام وبضعة شهور، على الرغم من عدم تجاوزهم لمسافة الثلاثة أميال البحرية المسموح لهم إسرائيلياً بالصيد فيها. ويحذر التقرير من سياسة عربدة إسرائيلية في عرض البحر تعتمد سياسة الأمر الواقع، حيث تقوم السلطات الإسرائيلية بنصب إشارات حدودية مضيئة مزوّدة بأجهزة مراقبة على بعد 3 أميال بحرية من شواطئ القطاع، تحذر الصيادين الفلسطينيين من اجتيازها تحت طائلة تعرضهم لإطلاق النار أو الاعتقال، بصورة تسعى إلى شرعنة الانتهاكات ضد الصيادين، ووضعها في إطار قانوني. ويظهر من كل ما سبق أن تنفيذ "إسرائيل" لخطة الفصل أحادي الجانب عن قطاع غزة عام 2005، ليست سوى إعادة انتشار لقوات الاحتلال على حدود القطاع، ويدل على ذلك نموذج السيطرة المطلقة التي تمارسها على شواطئ غزة ومياهها الإقليمية، بصورة مخالفة للقانون الدولي واتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار. ويوضح التقرير الذي جاء في 30 صفحة، بصورة مفصلة أوجه المخالفات القانونية التي يرتكبها الاحتلال بتقييد حركة الصيادين، والاستهداف المباشر لزوارقهم، وحرمانهم من ممارسة عملهم، وتعريض سلامتهم للخطر، ووضعهم في دائرة الاعتقال التعسفي، كما يدعو الجهات الأممية والدولة ذات العلاقة إلى لجم هذه الممارسات ومساءلة المتسببين فيها. وتعهد المرصد الأورو متوسطي بالسعي حقوقياً ومع الجهات المانحة لتنفيذ حلول تنقد قطاع الصيد البحري في قطاع غزة وتطوره، ، للتخفيف من وطأة ظواهر الجوع والفقر والبطالة التي يرزخ الغزيون تحت وطأتها منذ الحصار المفروض على القطاع قبل أكثر من خمس سنوات.