شهدت الأراضي الفلسطينية المحتلة اليوم الأحد مسيرات وفعاليات احتجاجية وإغلاق محلات ومنشآت تجارية تضامنا مع الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ نحو شهر ونصف. ويخوض قرابة 125 أسيرا فلسطينيا محتجزا لدى إسرائيل ضمن إطار "الاعتقال الإداري"، إضرابا عن الطعام منذ 23 أبريل الماضي احتجاجا على هذا النوع من الاعتقال الذي يسمح بالاحتجاز دون توجيه اتهام أو إخضاعهم للمحاكم، ويتضامن معهم قرابة مائتين آخرين، وقد نقل سبعون أسيرا من المضربين إلى المستشفى بعد تدهور وضعهم الصحي. وناشد أهالي الأسرى ومواطنون فلسطينيون اليوم في وقفة تضامنية مع الأسرى المضربين عن الطعام في بيت لحم المؤسسات الحقوقية الإنسانية في العالم، التدخل لإنقاذ حياة أبنائهم في سجون الاحتلال. واحتشد المشاركون في الوقفة التي دعت إليها وزارة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير، والقوى الوطنية والإسلامية، الفلسطينية أمام مقر الصليب الأحمر الدولي، رافعين الأعلام الفلسطينية واليافطات التي كتب عليها عبارات التنديد بالممارسات التعسفية من قبل السجان الإسرائيلي بحق الأسرى. وطالب مدير مكتب وزارة شؤون الأسرى والمحررين في بيت لحم منقذ أبو عطوان، الصليب الأحمر بأخذ دوره في متابعة المضربين عن الطعام منذ 46 يوما، وكذلك المجتمع الدولي للتحرك من أجل إنصاف الأسرى في إضرابهم العادل ضد الاعتقال الإداري. وأكد أبو عطوان أن الفعاليات التي تشهدها الأرض الفلسطينية تضامنا مع الأسرى وجدت لها الصدى الكبير في الدول الأوروبية، من خلال تنظيم الاعتصامات والمسيرات المشابهة المؤدية لقضيتهم العادلة هناك، وهذا ما سيقود إلى الانتصار الحتمي على السجان، لافتا إلى أن 70 منظمة دولية حقوقية بعثت برسائل لحكوماتها بضرورة الضغط على الحكومة الإسرائيلية بإغلاق ملف الاعتقال الإداري. من جانبه، قال مدير جمعية الأسرى المحررين محمد زغلول، إن حالة الأسرى المضربين تزداد سوءا، وإن عددا منهم نقل إلى المستشفيات الإسرائيلية، وإن أعداد المضربين تزداد يوما بعد يوم، وهذا ما يتطلب منا جميعا إسناد قضيتهم وعدم التخلي عنهم وصولا للانتصار الحتمي. وأفاد عدد من الأسرى المضربين المحتجزين في مستشفى 'تل هشومير' لمدير الوحدة القانونية في نادي الأسير المحامي جواد بولس، الذي زارهم اليوم الأحد بأن أوضاعا خطيرة يعيشونها ترافقها إجراءات تعسفية وكيدية يمارسها سجانو مصلحة سجون الاحتلال بحقهم. وأضاف بولس أن وزن جميع هؤلاء الأسرى المضربين قد نقص بمعدل 16 كغم، وما يتناولونه هو الماء وبعض الفيتامينات، لافتا إلى أنه بدأت بعض المؤشرات الصحية الخطيرة تظهر عليهم، منها أوجاع في العضلات وآلام ترافقهم بشكل دائم في الجسد، ومشاكل في النظر. وأوضح أن 13 أسيرا أصيبوا بنزيف في المعدة، أخضع منهم اثنان لعمليات تنظير، أما الباقون فقد اشترطت مصلحة السجون لإجرائها لهم توقفهم عن الإضراب، وسُجلت حالتان بالإغماء الكامل لأسيرين أدخلا إلى العناية المكثفة لعدة أيام، كما أن عددا كبيرا من الحالات تعاني من تفاقم في مرض السكري ومشاكل صحية أخرى، إضافة إلى 11 أسيرا ممن يتناولون الأدوية الدائمة يمتنعون عن أخذها احتجاجا على ظروف اعتقالهم في ظل الإضراب. وذكر الأسرى للمحامي بولس، أن بعض الإجراءات الكيدية نفذت بحقهم مؤخرا للضغط عليهم منها؛ سحب بعض اللوازم الأساسية لهم كفراشي الأسنان، وعدم تزويدهم بشامبو الاستحمام، إضافة إلى عدم وجود أدوات الحلاقة، وإغلاق نوافذ الغرف، وقيام البعض بتناول الطعام أمام الأسرى. كما نفذت عدة مؤسسات في محافظة الخليل اليوم وقفات تضامنية مع الاسرى المضربين عن الطعام احتجاجا على اعتقالهم الاداري. ونفذت الغرفة التجارية اعتصاما امام مبنى الغرفة بمشاركة رئيسها محمد غازي الحرباوي، وأعضاء مجلس الإدارة والطاقم التنفيذي لمدة ساعة من الزمن. وأوضح الحرباوي أن هذه الفعالية جاءت بناء على قرار المجلس التنسيقي لمؤسسات القطاع الخاص، والذي تقرر فيه إغلاق المحلات والمنشآت التجارية في جميع الأراضي الفلسطينية والضفة الغربية وقطاع غزة نصرة للأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وتأكيدا على حقهم في نيل حريتهم الكاملة. إلى ذلك طالب وزير الأوقاف والشؤون الدينية لفلسطين الشيخ يوسف ادعيس، المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية والإنسانية بالعمل الفوري على إنهاء معاناة الأسرى المضربين عن الطعام منذ 46 يوما. وشدد الوزير الفلسطيني، خلال وقفة تضامنية مع الأسرى المضربين، أمام مقر الوزارة اليوم الأحد، على ضرورة التضامن معهم بشكل يتناسب وحجم تضحياتهم وآلامهم التي يعانون منها الآن، وهم على أسرّتهم في أقبية سجون الاحتلال. وأضاف أن قضية الأسرى حساسة ومصيرية على المستويات كافة سياسيا واجتماعيا ووطنيا، وتتطلب جهدا مضاعفا لإنهاء هذه القضية. ودعا ادعيس أبناء الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية، للتضامن مع الأسرى، والوقوف معهم في قضيتهم العادلة دينياً وأخلاقياً وسياسياً، خاصة ما يتعلق بالأسرى الإداريين. كما نظمت مديرية اوقاف دورا وقفة تضامنية مع الاسرى وأعلنت عن برنامج وسلسلة فعاليات للتضامن معهم من خلال تكثيف الفعاليات، وإعطاء مزيد من الدروس في المساجد لحشد اكبر دعم ومناصرة لهم. من جانبها أعلنت جمعية الكمنجاتي الموسيقية، عن إطلاق مهرجان عيد الموسيقى التاسع للعام الجاري، بفقرات غنائية موسيقية تضامنا مع الأسرى المضربين عن الطعام منذ نحو شهر ونصف. ومن المقرر أن يستقطب مهرجان هذا العام الذي سينطلق من العاشر وحتى الخامس والعشرين من الشهر الجاري، فرقا من أنحاء مختلفة من العالم؛ بالإضافة إلى فرق الكمنجاتي المختلقة، المحير، والكمنجاز، وفرقة جنين للتخت الشرقي، وأوركسترا رام الله، حيث ستقوم هذه الفرق بالتجوال في تسع مدن فلسطينية، هي: "نابلس، وبيت لحم، والخليل، ورام الله، والقدس، وطولكرم، وجنين، وغزة، وحيفا"، بالإضافة إلى حفلات موسيقية في قرى ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين. إلى ذلك حذرت مديرة مؤسسة 'الضمير' لرعاية السجين وحقوق الإنسان سحر فرانسيس من مضي الاحتلال في سن قانون التغذية القسرية الذي يسعى إليه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، موضحة أنه يتعارض مع مبادئ منظمة الصحة العالمية وتعارضُه نقابة الأطباء الإسرائيلية. وطالبت المحامية الفلسطينية أثناء مؤتمر صحفي في مدينة رام الله، بتدخل سريع للضغط على الاحتلال من أجل الاستجابة لمطالب الأسرى ووضع حد نهائي لسياسة الاعتقال الإداري. كما طالبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتشكيل فريق طبي خاص لمتابعة أوضاع الأسرى المضربين، واتخاذ موقف واضح مندّد بممارسات الاحتلال مع الضغط عليه. يشار الى أن قضية الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام اكتسبت زخما في الفترة الأخيرة، خاصة مع صدور تصريحات للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي أعرب عن قلقه إزاء الأوضاع الصحية للأسرى وطالب بمحاكمتهم أو الإفراج عنهم. كما يلقى إضراب الأسرى دعما في الشارع الفلسطيني وفي وسائل الإعلام و التواصل الاجتماعي ، وقد أطلق ناشطون على موقع تويتر وسما (هاشتاغ) بعنوان "مي وملح"، في إشارة إلى اكتفاء المضربين بتناول الماء والملح للحفاظ على أمعائهم سليمة.