سبع أنفس أزهقت دفعة واحدة، وما خفي كان أكبر، في جرائم تم ارتكابها في أول يوم من أيام شهر رمضان المبارك في مناطق عدة في البلاد. هذه أرقام تعتبر قليلة، خاصة وأن كثيراً من الجرائم التي ترتكب لا يجري التبليغ عنها، وحتى لو تم التبليغ عنها فإن السلطات المختصة لا تعلن عنها. من المؤلم أن نرى جرائم القتل ترتكب في هذا الشهر الكريم دون اعتبار لقدسيته. في الخارج عندما يقتل شخص ما في أي بلد يعتبرون ذلك خسارة. أما عندنا، حيث يحرم الله قتل النفس البريئة، فإن عمليات القتل تبدو وكأنها واحدة من إيقاع حياتنا اليومية. وقد سجل في رمضان العديد من جرائم القتل في دول عدة، كان من بين أبشعها جريمة ذلك الشاب في إحدى القرى المصرية الذي أقدم على ذبح أبيه داخل أحد مساجدها وأمام المصلين الذين تخطاهم صفاً صفاً حتى وصل إلى أبيه وذبحه كالنعجة. وهناك من قتل أمه لأنها رفضت أن تصنع له "البسبوسة"، وثالث أطلق النار على زوجته أثناء أدائها لصلاة الفجر. وهنا في اليمن تلقينا خلال اليومين الماضيين خبرين مفجعين يتعلقان أيضاً بالقتل والموت، الأول جاء من محافظة لحج، حيث قتل ضابط في الأمن السياسي يدعى علي عبد الكريم فضل البان، والثاني جاء من محافظة أبين، حيث عثر على جثة سلطان عبد الكريم الشرعبي، رئيس غرفة عمليات أمن مديرية المحفد مرمية خلف مبنى مديرية الأمن. والمفارقة أن عمليتي قتل الضابطين وقعتا يوم جمعة، فالأول كان ذاهباً لأداء صلاة التراويح، والثاني خارج من صلاة الجمعة. لا أدري لماذا نتمادى أكثر في القتل في شهر رمضان المبارك، على الرغم من أن ديننا ينهانا عن ممارسة وارتكاب مثل هذا الذنب في هذا الشهر وفي غيره من الأشهر! إذ إن الكثير منا لا يتورع عن استخدام كل ما يملكه لاستخدامه ضد شخص تخاصم معه، وقد يصل الأمر إلى القتل. في هذه الأيام تجد الصائم يختلق الشجار مع الآخرين ليؤكد لهم أنه صائم، وقد يصل الشجار إلى القتل، خاصة وأن الكثير منا يتمنطق السلاح الأبيض، أي "الجنبية"، ويجري استخدام هذا السلاح دون اعتبار لتوابعه، مع أن الصيام يمنع مثل هذه التصرفات. الصوم لله وليس للعباد، هكذا يجب أن يفهم الناس هذه الفريضة، ولا يجب أن نلوثها بتصرفاتنا وسلوكياتنا التي يطغى عليها الغضب والكراهية، فنقتل بعضنا البعض لأتفه الأسباب، وعلينا التأسي بحديث الرسول المصطفى عليه أفضل الصلوات والتسليم الذي يقول فيه: "أن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من أن يراق دم امرئ مسلم"؛ فأين نحن من هذا الحديث؟!