كل مرة لا يستهويني نقش الحناء,لانني اعلم حجم المعاناة التي تعانية الزبونة او المنقشة اليمنية سواء في عدن او صنعاء او الحديدة او حضرموت لبطء عملها ,ولعدم اتقانها لشغلها بحرفية رغم الغرور الذي يتملك من تتعلم النقش بالحناء او الصبغات. لم يكن من السهل علي البتة ان اضع يدي تحت رحمة احدى المنقشات اللاتي تمارس التعذيب المعنوي على اطراف يدي وكفي ومعصمي وكل جسدي الذي ينصاع لاوامرها حتى لايتخربط عملها المضني. وكم اكره ذلك - وبالتأكيد تشاطرني الكثيرات - الا للشديد القوي اذا ماجاءتني مناسبة.
منقشة باكستانية في عدن عدن هي الجمال وهي النقش الطبيعي على ملامح بيوتها وزخرف شوارعها وجبالها المنحوتة وزبد شواطئها الرائعة ...فكيف بوجود منقشة للحناء والصبغات من ارض الباكستان.. ونعرف ثقافة العدنيين بالهند وباكستان منذ ايام عهد الاستعمار البريطاني الذي جلب الجاليات الهندية واستوطنت عدن وبقيت عائلات عدنية ووفية لهذه الارض. تحمست وطرقني الفضول لزيارتها بعد زيارة صفحتها على الفيس بوك. امرأة قادتها الظروف الى اليمن لعمل زوجها هنا في اليمن ..ولانها لم تنجب اطفال فكان لها هذا العمل لشغل فراغها. لاتتحدث العربية رغم تواجدها 4 سنوات في عدن بينما زوجها يتقن العربية اما كيف ترد على صفحة الفيس بوك على زبائنها تستعمل جوجل للترجمة حتى توصل المعلومة . وفي حوارها الى" سما" قالت : لاادري كيف اشغل وقت فراغي خاصة وان ليس لدي اطفال , فالمسالة كلها لشغل الوقت ولعمل شيء جيد . اسعار مناسبة وعمل ابداعي رائع : ثواني وقد نحتت اجمل النقشات ...ابداع وتحفة فنية رائعة لاتعذبك ولاتتحايل عليك حتى بالسعر فالنقشة الثقيلة ب1000 ريال والنقشة الخفيفة ب 500 ريال. اكتسبت زبائن في وقت قياسي بسبب عملها المبدع والسريع وزهد اسعارها مقارنة باليمنيات اللاتي يشبعنك ثرثرة في الفاضي والمليان ويقصمن ظهرك بالاسعار..بعد ان يكادن يقصمن يديك بالتعذيب المبرح. قالت سالي محمد ل"سما" انها تثق بقدرات الباكستانية المبدعة كما انها سريعة وعملية لاتكاد تشعر بيديك الا وقد اكملت عملها بفن رائع. ذاع صيتها ...لكن المدهش في الامر ان طفلتين امام عمارتها يدلنك على الطريق من بنات الجيران وقد اكتست ايديهن بالنقشات الرائعة كترويج لها... اذا لديك موهبة حباك الله بها لاتخبئها ولاتتكبر على الخلق فقد منحك اياها الله لتسعد من حولك ...كان لسان حالي يردد تلك العبارة وانا اغادرها وملامح الطفلتين امام باب العمارة -لايبرح ذاكرتي - وهن يتحدثن العدني ..تشتوا المنقشة ..هنا بيتها فيسبقنك الى باب شقتها ..لتستقبلك امرأة لاتعرف الا الرسم على اليدين والارجل..بصمت وكلام قليل فعدم تحدثها العربية نعمة حتى لاتثرثر كما يفعلن الكثيرات.