بدأت المملكة السعودية بإتخاذ خطوات عملية في إعداد جيش شعبي في منطقة نجران على حدودها الجنوبية الشرقية مع اليمن من أجل مواجهة المد الحوثي في المنطقة وتحسبا لأي اعمال امنية حسب المصادر الإعلامية التي تناولت الخبر .. وهنا يجب ان يتسائل الجميع لماذا الأن تسعى السعودية إلى إنشاء جيش شعبي بديلا عن الجيش الرسمي الوطني الذي هو منوط به حماية البلاد وحدودها وتوفير الامن للمواطنين والمقيمين كما تقول المادة 33 من تشريع الحكم في المملكة أهي الإنتكاسة المدوية التي مني بها الجيش السعودي إبان الحرب على الحوثيين أواخر عام 2009 أم هو عدم الثقة بالجيش السعودي الوطني الذي يأخذ من نفقات الميزانية مليارات الدولارات ويتم شراء ترسانات هائلة من الأسلحة الأمريكية له في كل عام . ؟ لا يوجد مبرر لهذه الخطوة سوى حقيقة واحدة هو حجم الذعر الكامن لدى الاسرة الحاكمة من اليمن ومن الحوثيين بالذات والذي تحول إلى كابوسا اقلق المملكة طيلة هذه الفتره حيث عمدت وبعد الحرب مباشرة إلى شراء الصفقة التاريخية من الولاياتالمتحدةالأمريكية والتي تزيد عن 60 مليار دولارإضافة إلى عقد دورات تدريبية للجيش السعودي في اسبانيا وفرنسا ودول اخرى تحاكي تضاريس الحرب التي خاضتها في المنطقة الجنوبية مع الحوثيين وغيرذلك من الخطوات العسكرية والسياسية التي تحاول من خلالها تجاوز حالةالخوف والقلق من آثار حرب الحوثيين الاخيرة . ولكن في المقابل على المملكة السعودية أن تتذكر جيدا أن هذه الخطوة خطأ تاريخي فادح وعليها أن تأخذ التجربة من النظام اليمني ومن الجيش الشعبي اليمني الذي كان يشارك في مختلف الحروب الداخلية في البلاد وهو أن قلص نهائيا مكانة الجيش الوطني وألغى دوره بل وزادت من تعقيد الحساسيات القبلية في اليمن كما حدث بين بكيل وحاشد عندما كان قبائل حاشد يناصرون لدولة ويحاربون معها في اراضي قبيلة بكيل مما جعل الاخرى تنضم وتقاتل مع الحوثيين وبشراسة من أهم دوافعه الحساسية القبلية بين الطرفين . كما على النظام السعودي أن يدرك أن هذه الخطوة ستمثل بداية إنتكاسة مدوية لهيبة المملكة ولمكانتها عربيا وإقليميا فالتداخل الإجتماعي والبيئي والقبلي في الشريط الحدودي بالأخص الشرقي المحاذي منه لمحافظة صعده والجوف ومارب سيفتح المجال لصراع لا نهاية له ولإستنزاف دائم في صحراء قاحلة لن يرويها براميل النفط السعودي مهما كانت ولن يقدم لها أي نتيجة تذكر بل سيخلف لها إرثا هائلا من التعقيدات السياسية والأمنية لن تتوقف عند حد . ويجب أن نكون منصفين فما الداعي لهذا الجيش الشعبي هل حصل من الحوثيين من بعد الحرب السادسة أي عمل عسكري ضد السعودية حتى الأن رغم أنهم يسيطرون على الوضع من قبل ومن بعد ؟ومن ثم لماذا لا تعير المملكة أي بال لما يقوم به الحوثيون من تأمين حقيقي لشريطها الحدودي وذلك عبر منع المخدرات والحشيش من دخول اراضيها ؟ سيبقى الهدف سياسي وصراع خارجي لا محالة وهنا تحضر إيران وحزب الله والمذهب الإثنا عشري الذي تدوخنا به الصحافة السعودية رسمية وشبه رسمية كل ما حصل فيها ازمه أو قمعت مواطنين ،، ولكن هذا لن يكون كلاما مقبولا كما انه لن يوقف نشاط الحوثيين مهما حصل فالأمر الواقع يجب ان تتعامل معه السعودية هو أن اليمن جار حقيقي وموجود بجوارها بخيره وشره وبكل مكوناته الفكرية والقبلية ولن تنجح السعودية مهما كانت إمكانياتها وقدراتها من الحد من النفوذ الحوثي ولو كان لها ذلك لكان قد تحقق يوم أن كان الحوثيون وخلال الحرب السادسة لا يساوي تواجدهم وشعبيتهم اليوم في كل البلاد اليمنية جنوبا وشمالا وشرقا وغربا مانسبته 50%. إذا فماذا سيعمل الجيش الشعبي للحدود السعودية ؟؟هل هي حقيقة تطمح إلى تأمين حدودها الشرقية ؟ وهل هناك ما يثير الرعب في الحدود الشرقية ؟ ومن ثم هل سيحقق لها جيشا شعبيا مختلف الولاءات ومختلف في التفكير ومختلف في المعرفة ومتداخل في العادات والتقاليد مع الشعب اليمني شيئا يذكر ؟أم هذا الإجراء هو وقائي فقط ومن أجل شراء المزيد من الولاءات للقبائل اليمنية المجاوره ؟ لا احسب ذلك فالنفوذ الحوثي سياسيا وفكريا وإجتماعيا في تزايد ملحوظ في كل المناطق وفي مختلف القبائل وبشكل كبير جدا وحاليا لا يعمد الحوثيون على توسيع نفوذهم عسكريا وهذا الإجراء سيبقى في الشمس إن رابط في الشريط الحدودي أو في القرى اليمنية ليحصل على المال ومشائخ اليمن يجيدون التلاعب مع الجميع والتنسيق بحيث يحصلون على المال ويحفظون مكانتهم في القرى اليمنية كما حدث تماما في الأونة الاخيرة في صعدة والجوف ومع النظام اليمني أيضا . وهناك نقطة هامة وهي أن هذه الخطوة المتهورة كشفت حقيقة مهمة للغاية وهوأن السعودية تتدخل حقيقة في مختلف الحروب الداخلية وأن الحرب الاخيرة في صعده بين الحوثيين وبعض المشائخ الذين هربوا الى المملكة مثل ( عثمان مجلي ) تعطي الحق للحوثيين لمواجهة النفوذ السعودي ايضا وبإمكانياتهم الثقافية والعسكرية والسياسية وسيفتح المجال للمزيد من العمل المضاد للحوثيين ومن يتحالف معهم من قبائل واحزاب سياسية ترى مصلحة لها في التعاون مع الحوثيين في هذا الشأن .وعلى هذا ستكون هناك حرب مكشوفة للحوثيين الحق في أن يتخذوا أي تدابير وقائية سواء كانت علاقات سياسية أو تعاون او اعمال عسكرية او ثقافية فالدفاع عن الوجود بغض النظر عن الدوافع هو شيئ طبيعي وحاصل عند البشرية وكل المكونات البشرية . نحن ندرك تماما أن المملكة العربية السعودية اليوم في حالة غير متزنه وقد تقلص دورها في المنطقة وتعقد امرها من خلال الربيع العربي الزاحف لامحالة الى الشعب السعودي الذي يبحث في النهاية عن حرية و كرامة وليس عن خبز وماء فقط ..كما ندرك ايضا ان السعودية شاخت وهرمت كثيرا وتقلص نفوذها الإقليمي إلى أبعد الحدود بعد أن كانت في العشر السنوات الماضية وما قبلها لها عمق قومي في وسط آسيا والعراق ومصر واليمن والبحرين والاردن فيما هي الان تفقد الكثير من الأجنحة المتداخلة فالعراق ذهب من يدها تماما ولم يبق لها إلا بقايا ما يقال عن وقف سني ، ومصر الحليف الاستراتيجي للملكة انتصرت فيها الثورة الشعبية التي اسقطت واحد من أهم حلفائها عبر تاريخها الحديث واليمن فصل نهائيا بين نظام مركزي وحدود اصبحت تحت إدارة جديدة بشكل كلي لم تنجح السعودية في كسر شوكته لا فكريا ولا عسكريا ، وشعب البحرين يخرج بثورة شعبية تمثل غالبية ساحقة من السكان يريدون إصلاحات في نظام الحكم في بلدهم الذي تعتبره المملكة جزيرة تابعة لها ، فهل بقي للعمق القومي السعودي شيئا ممكن أن تتكئ عليه ؟وهذه الخطوة ( تجييش شعبي لحماية الحدود ) هي حسب تقديري تكشف وبكل وضوح الحالة المتدنية للأمن السعودي وتقديراته للأمور والذعر الكامن في صدورمن يحكمونه لأنهم بهذا تخلوا عن مؤسساتهم الرسمية الوطنية التي بذلوا لها مليارات من الدولارات ودب الشك في قدرات المملكة على ضبط الأمور الداخلية لا سيما بعد احتقان شعبي في البلاد تمثل فيه الشرقية الفتيل المشتعل المهدد للإنفجار للبحث عن حرية وعدالة و حقوق متساوية لمواطنين لايتمتعون بمواطنة متساوية محرومون من الوظيفة إلا في البلدية والاعمال الإجتماعية ممنوعون من التعبير عن حرياتهم وما يؤمنون به إلا في غرفهم المغلقة والمخبأة . ما حاجة المملكة إلى جيش شعبي لحماية الحدود وما هو المبرر الحقيقي لهذه الخطوة الخاطئة التي لم نرى لها مبررا حتى الأن ؟إن الكلام عن مواجهة المد الإثنا عشري قديم وغير منطقي وقد تكرر كثيراوتم استهلاكه لأنه لا مبرر للعمل العسكري في عالم يعترف بالحريات فكل فكروثقافة وأمة تسعى إلى مد نفوذها ولو إلى المريخ فهل هذا كلام في السياسة أم كلام في التعصب والحماقة ؟ وهل النظام السعودي هو أيضا لا يتحرك في إطار مد نفوذه السياسي والفكري فالكل يتحرك في هذا العالم بوسائله وإمكانياته وعلى النظام السعودي أن يكون قادرا للدخول إلى هذا العالم المتجدد وأن يكون واثقا مما يقوم به لأن هذا الخطاب الأهوج يمثل حالة الإفلاس لمواجهة الأزمات الحقيقية على الأرض . على النظام السعودي أن يرتب أوراقه من جديد وأن يعيد النظر مجددا في كل علاقاته وأمواله التي يبذلها لا أن يستمر في الطريق الخطأ ويهرب إلى الأمام فقراءة الواقع والتقدير الجيد ستؤدي في النهاية إلى التقدير الجيد للامور ما لم فإن السعودية دخلت خط الصراعات الداخلية المذهبية والفكرية والسياسية وستحرك المياه الساخنة الكثير من القضايا الجامدة ما بين سطورالشعب السعودي بأكمله الذي هو كغيره يريد التغيير والحرية والديمقراطية