البيع الآجل في بقالات عدن بالريال السعودي    حكومة تتسول الديزل... والبلد حبلى بالثروات!    احتراق باص نقل جماعي بين حضرموت ومارب    عنجهية العليمي آن لها ان توقف    إقالة رشاد العليمي وبن مبارك مطلب شعبي جنوبي    إستشهاد جندي جنوبي برصاص قناص إرهابي بأبين    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    تربوي: بعد ثلاثة عقود من العمل أبلغوني بتصفير راتبي ان لم استكمل النقص في ملفي الوظيفي    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    نجاة قيادي في المقاومة الوطنية من محاولة اغتيال بتعز    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    جمعية التاريخ والتراث بكلية التربية تقيم رحلة علمية إلى مدينة شبام التاريخية    النصر يودع آسيا عبر بوابة كاواساكي الياباني    اختتام البطولة النسائية المفتوحة للآيكيدو بالسعودية    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    نتائج المقاتلين العرب في بطولة "ون" في شهر نيسان/أبريل    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    13 دولة تنضم إلى روسيا والصين في مشروع بناء المحطة العلمية القمرية الدولية    هل سيقدم ابناء تهامة كباش فداء..؟    هزة ارضية تضرب ريمة واخرى في خليج عدن    الهند تقرر إغلاق مجالها الجوي أمام باكستان    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    مباحثات سعودية روسية بشان اليمن والسفارة تعلن اصابة بحارة روس بغارة امريكية وتكشف وضعهم الصحي    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    غريم الشعب اليمني    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن في أحضان غير آمنة
نشر في المصدر يوم 16 - 11 - 2009

مع أن دخول المملكة العربية السعودية كطرف ثالث في الحرب السادسة الدائرة بمحافظة صعدة، قد كشف الستار عن الأطراف الحقيقيين لهذه الحرب، لكنه أسدل ستاراً آخر –لعله أكثر سمكاً- على دوافع وحيثيات جرجرة السعودية إلى أتون المعركة، وعلى ما يمكن أن تتمخض عنه هذه الحرب الإقليمية من نتائج قد تتعدى تأثيراتها أطرافها الأساسيين.

وبمعنى آخر فإن دخول الجارة السعودية إلى خط المواجهة قد أدى إلى مزيد من خلط الأوراق من قبل جميع الأطراف وباتجاه كل الأطراف أيضاً.

وبصرف النظر عن اتهامات كل طرف للآخر في تسجيل نقطة التحرش الأولى، فإن جميع الأطراف "الحوثي، السعودية، إيران، السلطة" قد ساهموا بشكل أو بآخر في الدفع باتجاه أقلمة الحرب السادسة، وذلك لسبب بسيط جداً هو أن كل الحروب الستة كانت تدار بمحركات خارجية متوافقة (إلى حد كبير) مع رغبة داخلية جامحة في أداء هذه الوظيفة الباهظة، ولو لم تتأقلم الحرب السادسة لتأقلمت الحرب السابعة أو الثامنة!

ومن هنا كان لا بد من أن تصير هذه الحرب إلى أحضان إقليمية، ولم يكن أمام أطرافها الأربعة سوى رسم هذه النهاية المبتدأة، والظهور العلني، واللعب "ع المكشوف" لتحقيق ما لم يستطيعوا تحقيقه عبر المواربة الماضية والغموض السابق.

وتتعزز صوابية هذا الرأي إذا ما نظرنا إلى المصالح الدافعة نحو الأقلمة لدى الأطراف الرباعية، وكذلك المكاسب الناتجة عنها –حسب اعتقادهم- بالرغم من سلبياتها الفادحة على المنطقة برمتها!

وقد ارتأينا هنا تناول حيثيات ودوافع كل طرف على حده.

الحوثي:من التحرش إلى الحوار

وفيما يرى البعض أن الحوثيين هم السبب في توسيع رقعة الاشتباكات لتشمل الحدود السعودية في محاولة منهم للهروب إلى الأمام بحثاً عن خلاص مشرّف،والحوثيون أيضاً لا ينكرون قرارهم ببدء مواجهاتهم مع الحرس السعودي، التي أوعزوها إلى الممارسات السعودية وأنها" سمحت للجيش اليمني باستخدام أراضيها في جبل دخان لضربنا، وعندما دحرنا القوات اليمنية أعدنا تلك المناطق لحرس الحدود السعودي واتفقنا معهم على عدم تكرار ذلك مرة أخرى."

ويظهر التناقض الحوثي في اعتبارهم بأنها "حرباً سعودية على اليمن، وأنها كانت مدبرة ومخططاً لها، وهي نتاج طبيعي لتدخلات كثيرة وكبيرة زادت بشكل ملحوظ يوماً بعد يوم خلال هذه الحرب"

وبالنظر إلى آخر تصريحات القائد الميداني الذي اتهم فيها النظام السعودي بمساعدة النظام اليمني في الثلاثة الحروب الأولى سياسياً وإعلامياً ومادياً إلى أن جاءت الحرب الرابعة والخامسة فتحول الدعم عسكرياً، وهنا يتضح جلياً مدى الرغبة الحوثية في الانتقام من القوات السعودية، والتي يفترض أن يكون الانتقام من الحرب الرابعة أو الخامسة، وكأنه يمنّ على السعودية بصبره عليهم منذ الحرب الرابعة، بل أن الحوثي في ثاني أيام الحرب السادسة وجه اتهامات صريحة للسعودية بمشاركة طيرانها في القصف الجوي عليهم.

وهنا يقفز تساؤلاً كبيراً عن سبب هذا الصبر الحوثي،بل ورسائله الناعمة الموجهة للسعودية، ومحاولة طمأنتهم، وإظهار التعاون المتبادل فيما بنيهم لمكافحة المخاطر الحدودية "تهريب المخدرات والسلاح والبشر" ودعوته مؤخراً السعودية للحوار، وهل هو دليل على عدم حرص الحوثيين على التحرش بالقوات السعودية، أم أنه أمر سابق لقرارات الخارج مثلاً؟!

وإذا ما صدقت المصادر الرسمية للسلطة في تكبيد الحوثيين الكثير من الخسائر البشرية والمادية بشكل يومي منذ اندلاع الحرب السادسة في أغسطس الماضي ، فإن التحرش الحوثي بالسعودية كان آخر الأوراق التي استخدمها في لفت الاهتمام الخارجي بضرورة السعي إلى إيقافها خاصة بعد اتهامه للقوات السعودية باستخدامها بمادة "الفوسفور الأبيض" في استدعاء غير مباشر ل"غولدستون" آخر.

غير أن هذه الخطوة لم تكن آخر الأوراق بيد الحوثيين كما يبدو، بل إنها كانت بمثابة ورقة إثبات وجود للحوثيين، عنوانها "نحن هنا وما زلنا قادرين على مجابهة أكثر من دولة" وبالقدر الذي استطاع فيه الحوثيون جرّ السعودية للحرب، فقد نجحوا أيضاً بإحراج النظام اليمني مرتين، أولها فضح فشله وعجزه عن إلحاق الهزيمة بما يسميهم "شرذمة متمردين" وثانياً أثبتوا تفريط النظام بالسيادة اليمنية، بل ومساعدة الخارج في انتهاكها، والأخطر من ذلك ما انطوت عليه الدعوة الموجهة للسلطة من قبل الناطق الرسمي للحوثيين بأن عليها أن تنسى الخلافات الداخلية وتنضم إليهم لصد ما أسماه ب"العدوان الخارجي" والذود عن سيادة وكرامة الوطن، في إشارة واضحة من الحوثي إلى محاولاته في كسب جانباً من التعاطف الشعبي الداخلي، لاسيما أولئك الذين لا زالوا مشبعين بتعبئات عدائية ماضوية، يضاف إليهم ضحايا الخروج النهائي من المغتربين اليمنيين أثناء حرب الخليج، وأيضاً الذين مازالوا يلاقون الصد المتكرر من دخول المملكة، للبحث عن فرصة عمل، ناهيك عن الغاضبين من حادثة إحراق عدد من اليمنيين بخميس مشيط، بالإضافة إلى الرافضين لمضامين اتفاقية جدة والتي يعدونها انتقاصاً لتاريخ وكرامة الوطن.

وفيما تتهم السلطة المسلحين الحوثيين باستهداف السعودية للحصول على دعم إعلامي وحضور إقليمي يستفيدون منه في مصالحهم، وأن تحركهم في منطقة سعودية يعيش فيها خليط مذهبي يضم شيعة وإسماعيليين يهدف إلى استغلال ذلك لتوليد صراع داخلي في المملكة.

إلا أن نقطة التحوّل التي فجرت الموقف وفقاً لما كشفه موقع الاشتراكي نت، هي اعتقال الحوثيين ضابطاً رفيع المستوى في الاستخبارات السعودية، يدعى معجب بن سعيد الزهراني في منطقة الحصامة الحدودية، وتعمّدهم التكتّم على الخبر في محاولة منهم لاستخدامه ورقةً تفاوضية مع الحكومتين اليمنية والسعودية.

فهل سينجح الحوثيون فيما يسعون إليه، أم أن دورهم لا يتعدى تنفيذ أوامر خارجية أو مخططات داخلية؟! وهل هناك سيناريوهات متزاوجة فيما بينها على مستوى الحوثيين والسلطة والسعودية وإيران وتجار السلاح والمخدرات؟! أم أن كل طرف يعمل على شاكلته والميدان هو من سيقرر مصير الجميع؟!

السلطة..ثكلى أم نائحة

قبل ساعات من دخول القوات السعودية إلى غمار المواجهة أعلن مصدر عسكري "أن المعركة الحقيقية مع الحوثيين لم تبدأ بعد" مما يؤكد على اطلاع السلطة مسبقاً بانضمام السعودية كطرف ثالث للحرب، هذا إن لم يكن بطلب وإلحاح من السلطة نفسها التي لا تعرف غير الفشل في كل حروبها السابقة، باستثناء نجاحها في رمي كرة المواجهة في مرمى السعودية، لتخفف عنها جزءً من الأعباء العسكرية التي أثقلت كاهلها على مدى ست سنوات ماضية.

ولعل السلطة لا تجيد غير أداء هذه المهمة المتمثلة في تصدير أزماتها المتلاحقة إلى الخارج، مهما تكن العواقب وخيمة.

المفاجأة التي فجرّها رئيس الجمهورية مؤخراً باعترافه أن كل الحروب السابقة عبارة عن "بروفة" ومجرد تمرينات وتدريبات تأهيلية لما تبقى من أفراد الجيش، مؤكداً بأن الحرب الحقيقية لم تبدأ إلا بدخول القوات السعودية غمار المواجهة ضد الحوثيين!

وينظر البعض إلى هذا الاعتراف من ثلاث زوايا مختلفة هي:

أولاً: اعتراف الرئيس بالعجز والفشل في مواجهة الحوثيين، ما لم تسانده القوات الخارجية.

ثانياً: أن السلطة كانت تحارب بالوكالة عن الخارج، وحين تحضر الثكلى فلا معنى لبروفات "النائحة".

ثالثاً: إن السلطة أتقنت اللعب مع الجميع ضد الكل، وتعاملت مع الحوثي كونه مصدر رزق يجب المحافظة عليه، وليس شرطاً أن يكون تحت السيطرة ما دام أنه يستجيب للحرب متى شاءت السلطة ويخضع لإيقافها حينما تريد.

بل يذهب البعض إلى أبعد من ذلك وهو وجود التنسيق غير المباشر بين السلطة والحوثي، يقضي بتحريض الحوثي على التحرش بالقوات السعودية، مقابل تأمين الجبهات الخلفية للقتال، ويدلل هؤلاء على ذلك بجملة من الأحداث التي وقعت قبل وبعد التحرش الحوثي، منها موافقة السلطة على الحوار مع الحوثي قبل التحرش بأيام، وتفويضها لوساطة محلية تقودها "مراجع دينية"، قد يكون من نتائجها انسحاب الجيش التكتيكي من مديرية رازح "مطلع الأسبوع الماضي" وسيطرة الحوثيين عليها بأقل التكاليف، أعقبها بأيام من مواجهتهم للسعودية سيطرتهم على مديرية قطابر بالكامل واستيلائهم على كافة العتاد والمؤن والمواقع العسكرية في المنطقة.

كما يستدل هؤلاء على صوابية رأيهم بالهدوء النسبي الحاصل في بعض جبهات القتال الخلفية كمدينة صعدة وحرف سفيان مؤخراً. وثمة من يرى أن السلطة تواجه أزمة ثقة لدى الخارج، الذي يتهمها بالتواطؤ مع الحوثيين بغرض الكسب المادي، وهنا لم يكن بيدها غير الرد العملي بإقحام المملكة في المواجهة، مع الحفاظ على مقومات صمود الحركة الحوثية.

لكن الاحتمال الأرجح أن السلطة مستفيدة من دخول السعودية في الحرب حتى يتسنى لها إقناع قادة السعودية بضرورة الحفاظ على الأوضاع القائمة، وأحقيتها بالاستمرار في إدارة البلاد كشرط لاستقرار أوضاع الخليج، ومن ثم استثمار المواجهات السعودية الحوثية في إقناع السعودية برفع يدها عن دعم الحراك الجنوبي، التي تتهمها (بشكل غير معلنة) باستخدمه كورقة ضغط على السلطة لحسم حروب صعدة السابقة.

ويدعم هذا الرأي تزامن المواجهات الحوثية السعودية مع الهجمة الرسمية الشرسة تجاه أحزاب اللقاء المشترك والتهديد بحلها من قبل اللجنة الأمنية العليا- وليس لجنة شؤون الأحزاب- في محاولة حثيثة من قبل السلطة بربط التحرش الحوثي تجاه السعودية بالمشترك بصفته غطاءً سياسياً داعماً للحوثيين.

السعودية بين لهيب النار الفارسية شمالاً وجنوباً

أعلنت المملكة العربية السعودية تمسكها بأحقيتها الكاملة في حماية سيادتها ومنع تسلل الحوثيين إلى الأراضي السعودية، وردع الاعتداء على دوريات حرس الحدود وقتل وجرح عدد منهم.

وهذه التبريرات السعودية مسنودة بتأكيدات رئاسية يمنية، حسب ما أكده وزير خارجية المملكة العربية السعودية الامير سعود الفيصل "أن أول من احتج على تسلل مسلحون من العناصر التخريبية الحوثية إلى داخل الاراضى السعودية كان الرئيس اليمني علي عبدالله صالح".

وربط البعض بين إعلان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، أول من أمس، أن “الحرب الفعلية لم تبدأ سوى منذ يومين”، والتدخّل السعودي المباشر، مشيرين إلى وجود توجّه سعودي يمني مشترك لتضييق الخناق على الحوثيين، تمهيداً للقضاء عليهم.

ويبدو أن السعودية لم تعد تقوى على تحمّل لهيب “النار الفارسية التي تحاصرها من جهتين: جهة الشمال (العراق) والآن جهة الجنوب (اليمن).

ويعدّ التدخل العسكري السعودي تغيّراً في سياسة المملكة المتّبعة في التعامل مع الحوثيين، إذ يرى البعض، “أن السعوديين بطبيعتهم يبتعدون عن التورط المباشر، ويستخدمون وكلاء لتنفيذ حروبهم”. وبالتالي، فإن التورط العسكري يشير إلى أن السعودية، التي تنظر إلى المتمردين على أنهم وكلاء لإيران، باتت تستشعر خطراً داهماً على حدودها الشرقية ذات الأغلبية الشيعية.

واعتبر محللون أن العمليات السعودية ضد المتمردين الحوثيين على الحدود مع اليمن، تشكل تحذيراً من جانب المملكة لإيران, وحث الرئيس اليمني لترتيب بيته الداخلي.

و كشف خبراء أمنيون ل"فرانس برس" أن الرياض قدمت المساعدة للقوات اليمنية في حربها على المتمردين الحوثيين التي بدأت آخر جولاتها في 11 آب (أغسطس) تحت إسم عملية "الأرض المحروقة". إلا أن الأمر أظهر قلق السعوديين إزاء ضعف حكومة الرئيس اليمني وما قد ينتج عن ذلك من فرص يستفيد منها خصومه بما في ذلك الانفصاليين الجنوبيين، وتنظيم القاعدة.

وأشار غريغوري غوز, المتخصص في الشؤون الأمنية الخليجية في جامعة فرمونت الأمريكية, إلى أن الرياض "عانت من عدم الاستقرار على حدودها مع اليمن لفترة طويلة", مضيفا "أن السعوديين يبعثون برسالة مفادها أنهم باتوا يعتبرون (ما يحصل على الحدود) جزءاً من جهود إيران لتعزيز نفوذها في المنطقة".



في حين اعتبر كريس بوتشيك، من معهد كارنيغي للسلام العالمي في واشنطن أن "اليمن يشكل مصدر القلق الأول بالنسبة للسعودية", مؤكدا أن "الوضع المتدهور بسرعة في اليمن على مستوى الأمن والاستقرار يهدد السعودية أولاً وأساساً، وكلما طالت الحرب في صعدة كلما ازدادت المخاطر".

وع ذلك يؤكد مراقبون التهور الكبير للقوات السعودية في قصفها العسكري، إلى درجة اتهام الحوثي لها بأنها تهدف إلى تجريب أسلحتها الحديثة في هذه الحرب، بل اتهمها باستخدام "الفوسفور الأبيض" وهو ما نفته السعودية بشدة.

وويفسر بعض المتابعين للإفراط السعودي في استخدام القوة بأنه ينطلق من إبراز هيبة السعودية أمام جيرانها، مما يفهم منه رسالة لشيعة الداخل والخارج أيضاً.

وفي إشارة واضحة إلى إطالة أمد الحرب من الجانب السعودي ،وبالرغم من تأكيداتهم أن المملكة قد أَمَنت حدودها بشكل كامل ضد توغل المتمردين، قال مساعد وزير الدفاع والطيران السعودي الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز لقناة (العربية) الإخبارية أن "المملكة لن توقف ضرباتها الجوية ضد المتمردين الحوثيين قبل تراجعهم عشرات الكيلومترات داخل حدود اليمن."

الأمر الذي حدا بالحوثيين لاتهام السعودية بالسعي لانشاء منطقة عازلة إلى جانب الجدار العازل التي كانت السعودية تنوي انشاؤه على طول الحدود اليمنية السعودية التي تبلغ (1500) كيلو متر.

الخطورة تكمن في تمكين بلادنا للسعودية من الساحل الشمالي لليمن على البحر الاحمر بهدف فرضها حصارا على الحوثيين للحيلولة دون وصول أسلحة إليهم ، وفي رواية منعهم من الفرار عبر البحر، لكن الحوثيون استغلوا هذه الحادثة في التشهير بوطنية السلطة وتفريطها بأرض الوطن براً وبحراً في ظل ما أسموه بالارتهان للخارج.

إيران..الحج السياسي

تحذيرات وزير الخارجية الايرانية للسعودية مؤخراً من مغبة دخولها الحرب ينم عن نوع من الغباء السياسي وانعدام الحصافة والدبلوماسية ، ناهيك عن أن مثل هذا التصرف يؤكد بلا شك إدانة إيران في إشعال فتيل الأزمة القديمة الجديدة، إلا ان البعض يعتبر هذا التصريح دليلاً على العلاقة المزدوجة التي تتمتع بها إيران حيال السلطة اليمنية والحوثيين معاً، رغم رفض الأولى لأي وصاية إيرانية على مواطنيها الشيعة، وتأكيدها أن الحرب على المتمردين الحوثيين الزيديين فى شمال البلاد شأن داخلى.

وفيما يربط بعض المحللين بين احتدام المواجهات السعودية الحوثية وبين كشف اليمن لسفينة الأسلحة الإيرانية للحوثيين، التي سرعان ما اختفت في مثلث "برمودا السلطة"وقبلها قيام السلطة بإغلاق المستشفى الإيراني في العاصمة صنعاء،

أعقبه إيقاف بث قناة “العالم” الإيرانية على القمرين الاصطناعيين “عرب سات” و“نايل سات”، بعدما أثارت حنق السلطات اليمنية والسعودية باتّباعها تغطية “منحازة” للمتمردين، وإن كانت جهود المملكة أكبر في هذا الإيقاف الذي دفع بإيران إلى القيام برد فعل موازي والذي كان عبر الأداة الحوثية .

ويذهب البعض إلى أن إيران تنوي من وراء زج الحوثيين في مواجهة السعودية إلى إشغالها عما ينوي الإيرانيون فعله في موسم الحج "السياسي" من تظاهرات ما تسمى ب"البراءة".

وبحسب محللين فإن هذه المجازفة الايرانية تأتي كرد فعل تجاه السعودية المتهمة بدعم منشقين إيرانيين من أصول عربية في منطقة الأهواز.



بقاء السلطة مقابل الأرض

أيا تكن ألأسباب الحقيقية وراء هذه المواجهات الحوثية السعودية، التي قد لا تكون بالضرورة نتيجة تخطيط مسبق، لكنه من المؤكد سعي كثير من الأطراف الإقليمية والدولية إلى توظيف مثل هكذا حدث، كلا حسب ما تقتضيه مصالحها،التي لا يستبعد أن تؤدي إلى إعادة رسم خارطة جديدة للمنطقة، بعد حشد المبررات الكافية لتسليم اليمن أراضيها للخارج وفق مبدأ "العمالة الوطنية".
كما بات من شبه المؤكد أن تسارع أحداث الحرب قد يقود في النهاية إلى حوار غير وطني برعاية خارجية تفرض على الجميع قبولها، وهذا ما كان ومازال اللقاء المشترك يحذر منه، ويدعو إلى حوار وطني داخلي حقيقي شامل لا يستثني أحداً، قبل أن يستثنينا الآخرون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.