حسناً فعل العزيز/ عبده الجندي رئيس قطاع الإعلام باللجنة العليا للانتخابات ، عندما أوضح بأن نشر الصحف الرسمية مقابلة رئيس التجمع اليمني للإصلاح الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر ،لا يخرق الحيادية التي أكدت عليها اللجنة العليا، ، ولا يخالف ضوابط الدعاية الانتخابية ،وما فعلته الصحف هو عمل مهني بحت على اعتبار أن الشيخ /الأحمر ليس مسئولاً حكومياً، ولا قيادياً في الحزب الحاكم ، ويرأس مجلس النواب المنتخب من الشعب ، كما يرأس حزب الإصلاح قائد أحزاب اللقاء(المشترك)، الذي يخوض حملة مرشحه للرئاسة فيصل بن شملان بحماس ملتهب نسي في غمرته موقف الشيخ /عبدالله من مرشح الرئاسة ، حيث تم الزج باسمه في مهرجانات مرشح (المشترك) ، خصوصاً من قبل ابنه /حميد/ القيادي في الإصلاح ، مع أن للشيخ رأياً آخر ، حجبته صحف (المشترك)، فاستدعى إيضاحه.. فالمعروف عن الشيخ/ عبدالله الأحمر أنه ثاقب النظر وفي طليعة الثوار والاحرار، ومن يروجون بأنه اختار مرشحه للرئاسة بسبب ضغوطات ، يضعون أنفسهم في موقع القوة، ويضعونه في موضع الضعف مع أن العكس هو الصحيح. - ولعل ورود اسم الشيخ/ الأحمر ، في مهرجان المشترك أمس من خلال مقولة منسوبة إليه بأن (اليمن هي تعز) تؤكد استخدام اسم الشيخ في مهرجان دعائي لشخص غير مرشح الشيخ/ الأحمر الذي أكده أكثر من مرة، ناهيك عن العزف على نغمة شحة المياه في تعز، مع أنها جزء من أزمة تشمل كل اليمن، بغرض استمالة ناخبين وبأسلوب يفتقد للنزاهة والموضوعية والحكمة، مع علمهم أن المشكلة المائية تهدد جميع مدن ومناطق اليمن بما في ذلك حوض صنعاء ، المهدد بالنضوب ، خلال السنوات القليلة القادمة ، وهناك تقارير علمية حذرت من الجفاف على مستوى الشرق الأوسط ،وأوصت اليمن كما أوصت غيرها من البلدان، بضرورة البحث عن حلول عاجلة تلافياً لأية أزمة محتملة، والحكومة تعمل لإيجاد الحلول والبدائل ، إلا أن ما يعنينا هو استثارة البسطاء بالبحث عن أوجاع مناطقية تهدد الوحدة الوطنية ، مثل النفط في مأرب وشبوة وحضرموت والمياه في تعز ، والسمك في عدن والحديدة ، وربما يتهمون خصومهم غداً بأنهم تسببوا في أزمة للبخور في عدن ، والفل في لحج وللشجر والحجر في إب ، وشحة الأمطار في المهرة والجوف. - ومع ذلك ، فنستبعد أن ينسب الولد إلى أبيه الشيخ تلك المقولة التي تختصر اليمن كله في تعز، لما عرف عن الشيخ من اتساع في الرؤية وحكمة في القول ، تجنبه تفضيل منطقة على أخرى ، فما بالك باختزال اليمن في منطقة .. وربما أنه قال لولده حميد بأن تعز عمق الوحدة اليمنية ، لا تقبل التجزئة والتشطير ، كما أنها تلفظ وترفض الأفكار المناطقية والقروية ، وكانت حاضنة لكل ثوار اليمن من مختلف مناطقهم وانتماءاتهم ، .. فالتبس عليه الأمر. - يعلم الجميع أن كل الانتماءات الضيقة (مذهبية ، أسرية، حزبية ، وإيدلوجية) ذابت داخل هذه المدينة المثقفة، ، وليس لأبنائها من لافتة يرفعونها سوى اليمن .. بل إن الذين حاولوا بالأمس القريب إشعال الفتيل المناطقي وإذكاء الروح القروية تحولوا إلى أغراب ، ينظر إليهم ناسها باحتقار وازدراء ، وأحياناً بشفقة ورحمة، كأنهم مصابون بالسل والجرب. - تعز ، عصية على كل فكر هدّام ، يستهدف النيل من الوحدة الوطنية ، أو يحاول مجرد التفكير هدم بنيان اليمن بحجة إعادة البناء من جديد، وكأن اليمن حقل لتجارب الواهمين والفاشلين ، فيما هي تنحاز منذ أن ثارت على الإمامة والاستعمار للأمن والاستقرار ، والطمأنينة والتنمية والتسامح. وبالعودة إلى ضوابط الدعاية الانتخابية ، فليس من شك أن انتخابات 2006م الحالية حققت فيها اللجنة العليا للانتخابات نقلة نوعية، خاصة في السيطرة على الإعلام الرسمي ، في مواجهة إعلام حزبي فالت العيار ، ومفتقد لأبجديات الصحافة وأخلاقياتها علاوة على (كاسيتات) هابطة تسيء للذوق العام،ولفنانين يمنيين وعرب كبار ،باستخدام ألحانهم ،وتحوير كلمات أغانيهم لتتحول إلى خطاب حزبي موغل في الإسفاف .. أضف اليها منابر تجبر المصلين على القسم لانتخاب مرشحهم متبوعة بالدعوات بنصره، وكأنهم في معركة حربية. والمؤكد أن اللجنة ، تفردت بسيطرتها على الإعلام الرسمي على مستوى المنطقة، ويتجلى ذلك بمقارنة المعترك الانتخابي الراهن في اليمن، بما شهدته مصر في سبتمبر من العام الماضي، في انتخاباتها الرئاسية، حيث يجد المراقب أن الصحف القاهرية الكبرى (الأهرام، أخبار اليوم ، الجمهورية)، لم تفسح للمرشحين ما أفسحته الصحف اليمنية الرسمية ، بل انها ظلت طيلة فترة الدعاية الانتخابية وإلى يوم الاقتراع تتحدث عن رئيس الدولة بكل اعتزاز وفخر، ومنجزاته دونما حرج ، وهم يفعلون ذلك منطلقين من إرث صحافي عريق لايرى بأساً في ذلك ، أما عندنا فنقرأ ونسمع من يطالب حتى بحذف اسم رئيس الجمهورية من الأخبار التي تتطلبها وظيفته، مع أننا قد وجهنا كتاب الرأي ومحرري التقارير والتحقيقات بتجنب ذلك، استناداً إلى المقولة الإعلامية (الرأي منحاز والخبر محايد). وعموماً فنحسب أن توجيهات اللجنة العليا بهذا الخصوص ، وتأكيدات أستاذنا الجليل حسن اللوزي وزير الإعلام بضرورة التقيد بها ، تجعلنا أكثر إيماناً وثقة بأن مسيرة العمل الديمقراطي في بلادنا تسير في طريق الأمان، وأن ما تقوم به من التزام هو في صالح الديمقراطية ، وصالح الشعب، وصالح اليمن، راجين من إخواننا في صحافة الأحزاب الالتزام بالمعايير المهنية ، قبل أن يتهموا غيرهم بالانحياز .. مع إيماننا أن كل مرشح للرئاسة أو للمحليات، قدم نفسه للانتخابات مرتكنٌ على ثقة بالنفس ومتكئٌ على رصيده في خدمة الناس، وطموحاته فيما سيقدمه لهم .. وبينهم من يقول الحقيقة ، وفيهم من يدلس ، ومعهم من يشارك في التزييف .. لكننا نؤكد لجميع المرشحين أن الحقائق الناصعة لاتحجبها عين الشمس ، بل تزيدها ظهوراً ولمعاناً .. والألماس لايخفت بريقه مع مرور الزمن .. ولايحتاج إلى تلميع. * رئيس مجلس ادارة مؤسسة الجمهورية للصحافة والطباعة- رئيس التحرير