جاءت مبادرة رئيس الجمهورية الهادفة إلى تطوير النظام السياسي والديمقراطي والتوسع في الحكم المحلي، نابعة من حرص فخامته على الوفاء بوعوده الانتخابية، التي قطعها على نفسه في برنامجه الانتخابي الذي حظي بثقة الجماهير وصوتت لصالحه في صناديق الاقتراع يوم 20 سبتمبر من العام الماضي. ومن المؤكد أن الأخ الرئيس بهذه الخطوة يقدم المثل والقدوة الصالحة في الالتزام بالعهود والوعود وذلك عبر ترجمة الأقوال إلى أفعال وهو ما بزرت شواهده في محددات تلك المبادرة التي استوعبت بشكل دقيق مصفوفة الإصلاحات الشاملة التي تضمنها البرنامج الانتخابي لفخامته بشأن تطوير النظام السياسي وتعزيز بناء دولة المؤسسات وتوسيع المشاركة الشعبية وتطوير السلطة المحلية وغيرها من الأجندة التي أصبحت مطلباً وطنياً عاماً تمليه معطيات الحاضر والمستقبل. وإذا كانت هذه المبادرة الرئاسية تستمد حيويتها من واقع التقدير والاحترام لفكر ورأي المواطن فإنها تكتسي فاعليتها من كونها جاءت متقدمة على كل الأطروحات والرؤى ومستوعبة لحقائق التغيير ومتطلباته. ومع كل ذلك فإن التعديلات الدستورية التي اقترحتها تلك المبادرة ستطرح على الشعب وهو صاحب الكلمة الفاصلة وما ستقرره الجماهير هو الذي سيكون ولا شيء غيره. وعليه فإذا كان فخامة الرئىس علي عبدالله صالح قد قدم رؤيته لتطوير النظام السياسي والديمقراطي، التي هي رؤية المؤتمر الشعبي العام، تنفيذا لبرنامجه الانتخابي، وتأكيداً منه على أن البرامج الانتخابية ليست مجرد لافتات وشعارات تطلق في الهواء - بل - هي منهاج عمل لمهام لا بد من الإيفاء بها، فإن على قيادات المشترك التي يتركز اهتمامها على رفض كل شيء يأتي من غيرها، ومن دون وعي أو إدراك لدوافع هذا الرفض وأسبابه ومبرراته، أن تعي أن مكابرتها وتمترسها وراء المواقف المتصلبة، التي لا تتولد سوى عن عقليات متحجرة وغير قابلة للاستيعاب والتطور، إنما تنعكس عليها وتضاعف من عزلتها. وليس هذا وحسب، بل أن على تلك القيادات الحزبية المتخشبة أن تستوعب -أيضاً - أن ما تطرحه من تصورات أو مقترحات هو غير ملزم لا للقيادة السياسية ولا للمؤتمر الشعبي العام إلاّ في ما يتفق مع جوهر البرنامج الانتخابي الذي صوتت له الجماهير. وبالتالي فإذا ما أرادت قيادات المشترك تقديم أية رؤى أو تصورات فعليها أن تطرحها على الشعب باعتباره صاحب القول الفصل في القبول بها أو رفضها بدلاً من ذلك الصراخ والعويل والمزايدات والمناكفات التي لا تعود عليها سوى بالمزيد من الانتكاسات والمضاعفات السلبية. وما دامت الممارسة الديمقراطية تمنحها الفرصة في أن تتقدم للشعب ببرنامج سياسي، وأن تناضل من أجل أن يحظى هذا البرنامج بقبول المواطنين من خلال صناديق الاقتراع، فما المانع لها من أن تسلك هذا الطريق الصائب.. وتنأى بنفسها عن كل الشبهات؟!. ومن ذلك ركوب موجة التحريض وتأجيج مشاعر الناس وترديد الأكاذيب وتزييف الحقائق والتشجيع على إثارة الفوضى والعنف والأساليب الغوغائية والإساءة للوحدة الوطنية وتعكير صفو السلم الاجتماعي، خاصة وقد أصبحت مثل هذه المحاولات عارية ومكشوفة ويعلم الجميع أنها تستهدف في المقام الأول تحقيق مكاسب سياسية وانتخابية، انطلاقاً من إعاقة تنفيذ البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية، وتعطيل مسيرة التنمية والاستثمار، ومروراً بخلط الأوراق إزاء ما يتصل بإعطاء غطاء لتلك المشاريع والأجندة الخاصة المدعومة من الخارج، والتي تستهدف اليمن ووحدته الوطنية وأمنه واستقراره. والمؤسف أن بعض قيادات أحزاب المشترك تساورها الأوهام والظنون أن ركوبهم هذه الموجة سوف يحقق لهم نوعاً من إثبات الوجود أو الوصول إلى بعض المكاسب السياسية وربما الانتخابية.. وهي قطعاً حسابات خاطئة، فانغماسهم في إطار تلك الأجندة والمشاريع المشبوهة سيجعلهم في مواجهة مع الشعب، الذي لن يفرط في وحدته وأمنه واستقراره وسكينته العامة، وسيتصدى بكل قوة لكل تلك المشاريع والأجندة الخاصة وسيسقطها كما أسقط من قبلها كل المؤامرات المعادية له. وعلى العقلاء في أحزاب المشترك وقف هذا الانجرار العبثي والتحكم في مسارات إتخاذ القرار داخل أحزابهم بدلاً من تركها في أيادي قيادات متنفذة ومتطرفة تسيطر عليها الأنانية المفرطة على نحو أصبحت فيه عاجزة وغير قادرة على استيعاب حقائق الواقع ومتغيرات العصر حيث تجاوزها الزمن لتزداد كل يوم عزلة عن الشعب. والأهم من ذلك أن يفهم أولئك العقلاء أن تلك القيادات المحنطة لا حاضر لها ولا مستقبل.. فقد ماتت يوم أن تقوقعت في غرفها المغلقة.