((الشارع)) صحيفة من رحم المهنية استقبلها تاريخ الصحافة في يمن الوحدة والتعددية، وكنت واحداً ممن تلقفوا هذا المولود باعجاب وحسبت نفسي صديقاً لأسرتها وان لم تجمعني بها لقاءات تعارف وحوار في مجلس مقيل وجلسة نقاش.. انتظر موعدها الاسبوعي، كما انتظر بقية المواعيد مع (الوسط) و(الناس) وغيرهن من الصحافة الأهلية والحزبية.. ومع (الشارع) كان لي هذا الاسبوع وقفة اعجاب امام قلم له تميزه وخصوصيته بين الاقلام العربية الأكثر جمالاً ورشاقة. انه القلم المتوهج من بين اصابع المبدع فكري قاسم، وقد أشار الى موضوع انساني نبيل اختتمه بقوله « للمسؤولين بدرجة من اراد ان يعرف كم هو آدمي .. من عدمه، عليه فقط ان يأخذ الهاتف ويعمل الوه بحثاً عن احد مدرسيه الأوائل عن مدير مدرسته ويقول له بس - الوه.. كيف صحتك يا استاذ؟ ماعرفتنيش؟ انا فلان.. شكراً لك ويمكن ان يزيد هذه العبارة حتى ولو كذب. - طيب استاذي تحتاج شيئاً.. انا مستعد ولينم بعد ذلك مرتاح الضمير.. هذا لمن عندهم ضمير من أصله» اشارة لها دلالاتها وتقبلها، تدعو لفضيلة ( من علمني حرفاً)، واذا ماكان الزميل فكري قد توجه بحديثه الى من في موقع المسؤولية، فما فهمته هو ان يقصد النقد غير المباشر لمن تجاهل -إن لم يكن قد تعالى -على مدرسه أو من تتلمذ على يده، وقد صار في موقع الاقتدار، لأن يرد اليه شيئاً من الجميل، كما يهدف الى احياء قيمة اخلاقية تنقي ماتلوث بغبار وشائبات وفيروسات تعقدات وماديات وتداخلات شؤون الحياة.. وتعيد الاعتبار لمن كاد ان يكون رسولاً. لقد بدأ الكاتب بنفسه وذكر بعض من يدين لهم بالفضل ممن تتلمذ على اياديهم.. ولهذا أحذو حذوه، ولن نترك الأمر للمسؤولين أو لمن بمقدوره ان يفعل شيئاً من أجل مساعدة أو مد يد العون لمن أخذ بيده للامساك بقلم او كتاب. تذكرت من اختار والدي ان اتتلمذ على اياديهم كالقاضي زيد الأكوع والقاضي لطف الآنسي في ذمار والشيخ يحيى بن ابراهيم في مدينة ضوارن آنس، والشيخ محمد حزام المقرمي في تربة ذبحان فقرأت الفاتحة على روح من توفى، ولم أجد رقما هاتفياً لمن لازال على قيد الحياة، كما جمعت كل من تتلمذت عليهم في مدينة تعز في شخص المرحوم عبدالرؤوف نجم الدين- يمني من اصل فلسطيني- وواصلت روحه الطاهرة بالفاتحة، وتمنيت لو ان البلاد ترزق بمديري مدارس بمستوى كفاءته وحزمه وحرصه واخلاصه للمهنة وشرفها وامانتها. إنَّ اساتذتنا ومشايخنا في الحياة، ليسوا فقط من تتلمذنا عليهم أو تعلمنا منهم كيف نتعلم ونتعامل مع العلم والبحث بل هم أيضاً من تعهدوا بذوراً طيبة في أرواحنا بالرعاية، واخذوا بأيادينا لننميها ونؤمن بها. وندافع عنها. من هؤلاء على سبيل المثال الاستاذ عمر الجاوي، ذلكم العظيم - وسعته رحمة الله وشمله غفرانه- هو من ادين له برعاية وتعهد بذرة الايمان بالوحدة اليمنية التي وضعها والدي في روحي.. وهو من جعل منها ركيزة من ركائز ايماني بالمبادئ والقيم التي تستحق التضحية وان بالروح، لأن قداستها تساوي قداسة روح الانسان وبالمناسبة اقول: كل التحايا والإجلال للمناضل والمربي الوحدوي.. عمر الجاوي من تعلمت منه مالم اتعلمه من شيخ أو كتاب.