يا أهل اليمن احذروا إنكم تبتلون في حبكم لوطنكم وتمتحنون في تضحياتكم من أجل وحدته وتختبرون في قدرتكم على بنائه وتطويره. إنكم تفتنون لأن هناك من يسعى لأن تكون آراؤكم متباعدة ومتنافرة فلا توجد بينها أي قواسم مشتركة وأن لا تنجحوا في إدارة الاختلاف بينكم وأن لا تتعايشوا بسلام على أرض وطنكم. وقد ينجح هؤلاء لأن البعض منكم يقدمون مصالحهم الخاصة على مصلحة اليمن لأن سعيهم لحمايتها قد تجاوز كل الحدود، لأن ولاءهم لأحزابهم وشللهم وقبائلهم وأسرهم ومناطقهم وقراهم أكبر بكثير من ولائهم لليمن، فهم فاتنون ومفتونون ويسعون لإشعال نار الفتن والفتون وهم لا يترددون حتى في إفتان أنفسهم. إذا خاصموا فجروا وإذا تحاوروا كذبوا وإذا عاهدوا نكثوا، إنهم لا يترددون في التشهير ببعضهم البعض حتى لو ترتب على ذلك إهدار المال وإعاقة التنمية وتشويه العقول وعرقلة التعليم وإغلاق المستشفيات وحتى لو ترتب على ذلك تشويه وطنكم. لقد تركوا كتاب الله وراء ظهورهم واتخذوه مهجوراً واتبعوا ما يفتي به قادتهم وما تقودهم إليه أهواؤهم، لقد سقطوا بالفتنة كما سقط بها من استبدل كتاب الله بسحر الملكين ببابل هاروت وماروت، إنهم تركوا ما ينفعهم إلى ما يضرهم. فقد أصيبوا بعمى الأبصار والبصائر، فأصبحوا لا يميزون بين الإسلام والمذهبية ولا بين الوحدة والانفصال ولا بين الفساد والنزاهة ولا بين السلطة والوطن ولا بين الديمقراطية والشمولية ولا بين الحب والكراهية ولا بين الثبات على الحق والاستجابة لنزغات الشيطان ولا بين الماضي والمستقبل ولا بين النافع والضار ولا بين التعاون على البر والتقوى والتعاون على الإثم والعدوان. إنهم يتعاونون مع الشيطان لتحقيق مصالحهم. أو ليس هو الذي يفتن الناس بخداعه وغروره وتزيينه للباطل؟ ومع ذلك فإنهم يتبعون خطواته فيرمون بأخطائهم على الوحدة كما فعل عندما حمل آدم مسؤولية وقوعه في النار على الرغم من أن آدم لا علاقة له بذلك من قريب أو بعيد. انهم يكيدون للوحدة كما كاد هو لآدم على الرغم من أنه لن يستفيد من ذلك. انهم يزكون أنفسهم ولا يحاسبونها فلا يعترفون بأخطائهم كما فعل ابليس عندما قال فبما أغويتني لأغوينهم أجمعين. وفد كان عليهم أن يتعلموا من قول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك. لو فعلوا ذلك لاستبدلوا القوة بالإقناع في تعاملهم مع قواعدهم وأنصارهم والقوى السياسية الأخرى والتخويف بالبرامج في تعاملهم مع مواطنيهم. لو فعلوا ذلك لتوقفوا عن قتل النفس بدم بارد ولا ستنكروا ذلك ولعزلوا من يمارس ذلك. أولم يحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهرج أي القتل والحروب. يا أهل اليمن احذروا أن تفتنوا بهم لأنكم ستكونون مثلهم وستقعون في الفتنة. إنها أشد من القتل تقود إلى الظلم والإفساد في الأرض وإهلاك الحرث والنسل وإخراج الناس من بيوتهم ومن أوطانهم والفحشاء والفقر. احرصوا أن لا تقعوا فيها لأنها الزيغ. إنها تنقض الثوابت وتزين المتشابهات. إنها تعمل على الهدم وليس على البناء. إنها تشيع الخوف وتهدد السلم الاجتماعي. إنها تكرس التخلف ولا تصنع التقدم. إنها تنشر الأحزان وتجفف منابع السعادة والفرح. انها تروج للكذب وتحارب الصدق. احرصوا ان لا تقعوا فيها لأنها تشجع على تحريف الكلم عن مواضعه. إنها تزيد مودة الأجنبي وتزرع كراهية الإخوان والأقارب. انها تلوث الأنفس وتسد منابع التطهر. إنها تغلب الأهواء على الحق. إنها تشجع الفسوق وتحقر التقوى إنها تمجد البغي وتستهزئ بالإحسان، إنها تتنكر للواقع وتتجاهله لصالح الشعارات والخيالات والأوهام إنها تضعف الوحدة وتشجع على الفرقة حتى بين المنتمين للحزب الواحد والتيار الواحد والمنطقة الواحدة والأسرة الواحدة بل إنها تفرق بين الأب وابنه وبين الزوجة وزوجها. إنها تخلق الشك وتزيل الثقة. احرصوا أن لا تقعوا فيها لأنها تؤدي إلى الإثم، إنها تذكي الحسد وتحارب الإيثار إنها تكشف العورات وتظهر القبائح وتستر المحاسن إنها تقدم السفهاء وتؤخر الحكماء، إنها تعلي من شأن الجهل وتحط من شأن العلم، إنها تؤذي الجميع ولا تفيد أحداً، إنها تسبب الترهل والعجز والفشل وتحارب الإنجاز والنجاح والإبداع إنها تمنع من التوبة والاعتراف بالخطأ والتعلم منها وتكرس الانغماس فيها وتكرارها مراراً، إنها تورث الأحقاد وتعمل على تفاقم المشاكل بدلاً من حلها أولاً بأول إنها تعمق القسوة وتزيل الرحمة إنها تنشر التشاؤم وتقلص التفاؤل. وحتى لا تقعوا فيها فإن عليكم التمسك بكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والذي يهدي للتي هي أقوم.. اعرضوا عملية أي فتوى أو دعوى أو شعار، أولم يقل صلى الله عليه وسلم تركت فيكم ما ان تمسكتم به فلن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وكذلك تمسكوا فيما صح عنه صلى الله عليه وسلم وقدموا قوله على قول أي بشر آخر مهما كان. وحتى لا تقعوا فيها حافظوا على وحدة اليمن بكل ما تستطيعون وعضوا عليها بالنواجذ وضعوها في حدقات أعينكم، لا تقبلوا فيها أي نقاش او تجريح ولا تقبلوا تحميلها الأخطاء من أي طرف كان، اعزلوا كل من يتعرض لها سياسياً وقاطعوه اقتصادياً وهمشوه اجتماعياً وشهروا به ثقافياً. وحتى لا تقعوا فيها احتقروا الفساد والمفسدين وقبل ذلك فإن عليكم ان تنتزعوا الفساد بكل أشكاله وأنواعه من داخلكم، إنه كل عمل يكون ضره أكبر من نفعه بغض النظر عن المستفيد أو المتضرر، مارسوا الأعمال الصالحة وشجعوا عليها، وليبدأ كل شخص بنفسه أولاً إنها كل عمل تكون فوائده أكبر من أضراره بغض النظر عن كل من المستفيد والمتضرر. في حال الاختلاف احتكموا إلى العدل انه يعني التراضي على الحقوق والواجبات والربط بينها، إنه الوسيلة الوحيدة للتعاون على البر والتقوى، انه يوجد القواسم المشتركة المستدامة، انه أفضل طريقة لإدارة الاختلافات سلميا، إنه الأسلوب الأمثل للتعايش، وليبدأ كل شخص بنفسه بتوخي العدل في تعامله مع الآخرين. ولمعالجة ما حدث من شروخ في اللحمة الوطنية فإن عليكم ممارسة ثقافة الإحسان، أي أن يحرص كل واحد منكم على أن يدفع بالتي هي أحسن أي ان يقابل السيئة بالحسنة والحسنة بحسنة أحسن منها، أي التعامل مع الد الاعداء مثل التعامل مع الاصدقاء الحميمين. حاربوا ثقافة الكذب من خلال تحري الصدق في كل الاحوال، الصدق في القول والعمل والاعتقاد والعبادة والسياسة والشعور والنقد والمدح والنوايا والحوار والاتفاق والعهد والبيع والشراء، وليبدأ كل شخص منكم بنفسه، كونوا صادقين مع أنفسكم ومع الآخرين، ارفضوا الكذب وافضحوا الكذابين ولا تكنوا لهم أي احترام ولا تقدموا لهم أي تبرير. حاربوا ثقافة الكراهية من خلال إشاعة ثقافة الحب لديكم، حبوا أنفسكم واسركم وأصدقاءكم وابناء وطنكم وإخوانكم في الدين وإخوانكم في الانسانية، حب لأخيك كما تحب لنفسك، ارفضوا ثقافة الكراهية مهما كان مصدرها، قاوموا كل إغراءاتها مهما كان حجمها. حاسبوا أنفسكم واعترفوا بأخطائكم، اقبلوا تحمل نتائج الأخطاء فتحمل ذلك في البداية اقل بكثير من تحمله بعد فوات الأوان، إن الاعتراف بالأخطاء ضرورة لأن عدم ذلك يعني استمرارها وتضاعف تكاليفها. أحسنوا الظن بالآخرين حتى لو كانوا مخطئين من وجهة نظركم حتى يحسنوا الظن بكم، بهذه الطريقة يتخلص الجميع من الأوهام التي تعكر العلاقات الاجتماعية والسياسية. تفاءلوا بالخير تجدوه، قاوموا ثقافة التشاؤم وانشروا ثقافة التفاؤل والأمل في المجتمع. فثقافة التشاؤم أفضل محضن للفتن في حين أن ثقافة التفاؤل أكفأ معمل لتعقيم المجتمع منها. بذلكم ستنجحون في ابتلائكم وامتحانكم واختباركم وستنجون بإذن الله من الوقوع في الفتن، فهل أنتم فاعلون.. أدعو الله أن يوفقنا جميعا لذلك.