ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، التي نجد فيها أطرافاً سياسية وحزبية، تقوم بضخ المعلومات الكاذبة والزائفة عبر بعض وسائل الإعلام، والقنوات الفضائية، بغية تضليل الرأي العام الداخلي والخارجي باعتبار أن مسألة كهذه باتت من خصائص أحزاب اللقاء المشترك، التي دأبت منذ أمد بعيد على حبك الأكاذيب وتحريض الآخرين ضد النظام السياسي. وقد اكتشف أبناء شعبنا منذ أن نشبت الأزمة الأخيرة أن تلك الأحزاب، قد أسقطت كلياً، معيار المصداقية من قاموسها، كما أسقطت ثوابت التعبير عن الرأي من مفرداتها، إلى درجة صار فيها قطع الطريق والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وتخريب وتدمير المنشآت من أشكال التعبير عن الرأي بالنسبة لها. ومن المؤسف حقاً أن ينطلي مثل هذا الزيف وقلب الحقائق على بعض الأطراف الدولية كالممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، التي ربما وقعت دون قصد في فخ ذلك التضليل الممنهج، في حديثها عن الأوضاع في اليمن، وتحديداً عن الأحداث المؤسفة أمس الأول بمدينة تعز. فمن المفارقات الغريبة والعجيبة أن هناك من عمل وبسبق إصرار وترصد على قلب وقائع هذه الأحداث رأساً على عقب بحيث صار الضحية جانياً والآثم ضحية، وهو ما برزت ملامحه في تغطية بعض القنوات الفضائية فمنها من حبكت الأكاذيب ولفقتها، فيما قامت الأخرى بنشرها وتعميمها والترويج لها، ليتساوى الفريقان في التجني على الحقيقة ولي عنقها بشكل يثير أكثر من تساؤل حول القاسم المشترك، الذي جعل من هذه القنوات تتكئ في معلوماتها على مصادر معروفة بأنها من تقوم بتغذية الفتن والفوضى في اليمن. ومع ثقتنا في ما يتمتع به مجتمعنا من وعي وحس وقدرة على التمييز بين الحقيقة والزيف، نود الإشارة هنا إلى أن الاستهداف الإعلامي ليس بعيداً عن الاستهداف الأمني والسياسي الذي تتعرض له اليمن من الداخل والخارج فمن سعى باستماتة إلى تحريف وقائع الأحداث المؤسفة التي جرت في تعز، والتي كان سببها الرئيسي قيام بعض العناصر المسلحة والفوضوية التابعة لأحزاب اللقاء المشترك بمحاولة اقتحام مبنى محافظة تعز ومبنى القصر الجمهوري وفرع البنك المركزي وعدد من المنشآت الحكومية والممتلكات الخاصة وهو نفس السيناريو الذي تم تنفيذه من عناصر مشابهة في مدينة الحديدة، ما أدى إلى تلك النتيجة المؤلمة التي راح ضحيتها العديد من المواطنين والجنود والمهاجمين الذين لا يمكن وصفهم بمتظاهرين يعبرون عن آرائهم لأن ما جرى قد جرى في مناطق بعيدة كل البعد عن ساحات الاعتصام، ويندرج في إطار الجريمة المنظمة كاملة الأركان. إذْ أنّ من قام بكل ذلك التزييف والتضليل لم يتجرد فقط من المهنية الإعلامية وأخلاقيات وأمانة ومواثيق الشرف الإعلامي، بل أنه بتلك التجاوزات الفاضحة والمخزية، صار يلعب دور المحرض على الفوضى والعنف وإشاعة الفتن بين أبناء اليمن، تحت يافطة الحرية الإعلامية. ومع ذلك نقول أن ما بني على باطل هو باطل، ولا يصح إلاّ الصحيح، ونربأ بالأصدقاء أن يبنوا مواقفهم تجاه الأحداث في اليمن من زاوية ما تروج له بعض الأحزاب من مغالطات وأكاذيب وما تبثه بعض القنوات الفضائية من معلومات مخادعة يجري تحويرها حسب مشيئة المخرج وليس الحقيقة والمهنية الإعلامية المنزهة من الأغراض والأهداف والنوايا المشبوهة. ونذّكر من دأبوا على هذا النهج بالمقولة الشائعة: تستطيع أن تخدع بعض الناس لبعض الوقت ولكنك لن تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت، باعتبار أن حبل الكذب قصير.