دوما تكون المتاجرة بالدم واللعب على الدم وسفك الدم هدراً لكل القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية والوطنية. ولا يختلف السفك في أي بقعة من أرض الوطن عن أخرى. لا ميزة لدم عن دم ولا حق في هدر هذا الدم أو ذاك. دم المواطن لا نزاع على حرمته إلا مع أولئك الذين ينتهكون حرمته ويصوغون لأنفسهم مبررات يتسع عويلها كلما أرادت العويل الذي تنتظر به حصد مكاسب شخصياً لا أفهمها ولا أستطيع استيعابها في ظلال أحداث عديدة ووقائع بغيضة تخلط الحق بالباطل وتسفك الدم بلا حساب. كل القتل مدان وبغيض وخاصة قتل من لا يحمل سلاحا ولا يجد غير الخوف يلتحف به في مواجهة عنف وعبث التسلح. وفي معارك كهذه لا توجد صقور ولا يوجد أبطال.. بل هناك مواطنون يقتلون بعبث عام لا يفصل ولا يستوضح الرؤية وهناك رصاص غادر يستغل الصورة والمشهد لمزيد من دناءته الأخلاقية والسياسية حيث لا هدف ولا غاية تبرر له فعل ذلك. ومن غرائب الأحداث الدامية أنها تكشف زيف وجوه كثيرة تخندقت، وإذا لم تتخندق معها وتحمل فكرتها وغايتها وتنساق وراءها مجرورا فأنت وأنت وأنت.. أنت هذه كلها قذف واتهام ونفث أدخنة. صياغة مفهوم الدم والاضطهاد بطرق عوجاء لن تفيد ولن تزيد المشكلة إلا رفعا لدرجة اشتعالها وتسعيرها الذي لم ولن يكون وقوده إلا المواطن البسيط وأطفال ونساء تزوغ عقولهم قبل لحظة القتل الغادر. أي خطاب لا يتعامل مع الوقائع ويبتغي قلب حقائقه ليس إلا خطاب مليء بفيروسات وبائية. أدرك تماما أن ثمة شبكة إرهابية تدعي المفهومية متأهبة على مدار الساعة للقدح ولإشعال نيرانها في كلام لا يوافق هواها.. سواء ما يتعلق بتعز أو دماج أو سواها.. لكن الحق أحق أن يتبع والقتل بغيض أينما كان والقاتل مذموم مهما كان أو من كان. وإذا استطعنا أن نتفق على هذه القاعدة واستطعنا الخروج من أسر اعتقاد امتلاك العين السليمة الوحيدة فسنتمكن من إيقاف نزيف الدم والأخلاق وتشوهات ادعاء الأفضلية والمظلومية المبنية على أوهام مدد البعض سيقانها في أدغال التاريخ. وكلنا سواء.. فقد كشفت الأحداث أننا نتعامل بنفس العقلية والاختلاف فقط في القدرة على الاستحواذ والسيطرة. والواقع يقول أننا عند الخصومة لا نراعي إلاً ولا ذمة.. بل ونبرر لأنفسنا ما نفعل. سلوك متخلف.. بغيض.. عقيم.. هكذا هو السلوك الذي يحول القضية العامة إلى قضية ذاتية ويريد أن يدور العالم في فلكه وحده. وكل العزاء والتقديس لمن قتل وهو مظلوم ولمن قتل وهو في حالة دفاع عن النفس ولمن مصابه في ذلك يشق نفسه وروحه وأعضائه. ولا رحم الله قاتلا ظاهراً أو مستتراً. فاول البعض بدأ في تشكيل أحزاب سياسية عبر حفل إشهار يعلن فيه عن تأسيس الحزب الذي لا تدري متى شكلت لجنة تحضيرية له وماهي أدبياته وما برامجه ومتى انتخبت قيادته التي لا يظهر منها غير رئيس الحزب.! يظهر أن عجائبنا لا تنوي التوقف، والكتاب من عنوانه والعنوان هزيل و(يشتي حشيش والحشيش من الجبل والجبل يشتي مطر والمطر من الله).