كثير من الأدبيات التي حاولت تعريف الحوار ترى انه وجد مع وجود الانسانية، وانه قانون للعلاقات الاجتماعية ووسيلة للتفاهم والتضامن والتعاون بعيداً عن الصراع والتناحر والتعسف، وكما أن الحوار ضرورة حضارية فإنه يعد حتمية للنضوج لدى المجتمع «وقد ظهرت حاجة المجتمعات القصوى والملحة إلى الحوار البناء لمعالجة أزماتها ومشكلاتها المختلفة واستشراف مستقبلها وآفاق تطورها حيث تتعدد القضايا والمشكلات التي تعترض المجتمعات والتي لا يتم حلها الا عند ائتلاف قوى هذا المجتمع أو ذاك في حوار جاد باتجاه الوصول إلى الحلول المعقولة وكثيراً ما تختلف الآراء حول اسلوب الحل وطريقته وهنا يأتي دور الحوار الذي يتيح لكل مشارك إبداء رأيه في جو من الحرية والتعاون بحيث تسير الحوارات والمداولات في مسارها الايجابي للوصول إلى الحل المطلوب».. مجتمعنا اليمني على عتبات حوار وطني شامل وغير معهود.. ففي منتصف الشهر القادم يأتلف اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني وهو حوار غير معهود أو مسبوق من حيث الإعداد والتحضير له ومداه الزمني ومن حيث المشاركون فيه والذين سيمثلون المجتمع اليمني بشتى قواه السياسية والاجتماعية وفئاته ومن حيث القضايا والمشكلات التي سيبحثها والمرتبطة بحاضر ومستقبل اليمن ومن حيث ما يعول عليه الشعب اليمني من آمال وما يترتب عليه من نتائج تخرج باليمن إلى فضاءات أرحب تتجلى في تحقيق احلامه في الدولة المدنية الديمقراطية وفي تقدمه السريع، وحلول لقضاياه ومشكلاته.. يبحث المؤتمر الوطني وفق ما تضمنته الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية «الاصلاح الدستوري ومعالجة هيكل الدولة والنظام السياسي وعملية صياغة الدستور وانشاء لجنة لصياغة الدستور الجديد، ويقف الحوار أمام القضية الجنوبية بما يفضي الى حل وطني لها، والنظر في القضايا المختلفة ذات البعد الوطني ومن ضمنها اسباب التوتر في صعدة، واتخاذ خطوات للمضي قدماً نحو بناء نظام ديمقراطي كامل بما في ذلك اصلاح الخدمة المدنية والقضاء والادارة المحلية واتخاذ خطوات ترمي إلى تحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية والتدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الانسان والقانون الانساني مستقبلاً ويبحث المؤتمر في اتخاذ الوسائل القانونية وغيرها من الوسائل التي من شأنها تعزيز حماية الفئات الضعيفة وحقوقها بما في ذلك الأطفال والنهوض بالمرأة إلى جانب الإسهام في تحديد أولويات برامج التعمير والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة لتوفير فرص عمل وخدمات اقتصادية واجتماعية وثقافية أفضل للجميع». اليمن الجديد يتسع لجميع أهله مثلما يتسع لشتى أفكارهم وآرائهم.. اهل لا خصوم.. علينا أن تتسع صدورنا وعقولنا لبعضنا البعض ويتعين أن تكون حواراتنا عن علم وفهم من أجل الوصول إلى الحلول السليمة دون خصومة أو غوغائية وأن نتمتع بالمرونة العقلية في حوارنا ويحترم كل منا رأي الآخر، وعدم التعصب لرأيه..وفي المقال القادم نواصل الحوار..