بصرف النظر عن تواضع أداء الاقتصاد اليمني خلال الفترة الممتدة بين 2001- 2013م لأسباب تتصل بمحدودية الموارد الاقتصادية المتاحة وزيادة إنفاق الدولة الغير مجدي في جوانب متعددة غير مفيدة سوا لجيوب الفاسدين والنافذين من ابنا هذا البلد أو حروبها المختلفة ابتداءً من حرب صيف 1994 وحرب صعده ولأكثر من ستة حروب مرورا في حروبها المتتالية في المحافظات الجنوبية والشمالية والشرقية ضد ما يسمى بعناصر تنظيم القاعدة وأنصار الشريعة الى ثورة الشباب والمواجهات التي بدأت منذ فبراير مطلع العام 2011 وحتى اليوم والذي على ضوئه قد أدى الى تغيير المشهد السياسي في اليمن . وهذه الأحداث كلها قد أثرت وبشكل مباشر وغير مباشر على نمو وتطوير الاقتصاد اليمني بل أدت هذه المواجهات الى الركود والجمود الاقتصادي والى توقف خطوط الإنتاج والى تفاقم البطالة والفقر وما زاد الطين بله أواخر العام الجاري 2013 من طرد وترحيل لعشرات الآلاف من المهاجرين اليمنيين من المملكة العربية السعودية وإذا كانت الإيرادات السياحية تمثل أهمية خاصة للاقتصاد اليمني فان هذا القطاع لازال حتى اليوم متأخراً نتيجة العمليات الإرهابية وما تلاها من إحداث تقطع واختطاف لبعض السياح منذ العقود الماضية وحتى اليوم والذي على أثره أن أغلقت العديد من المنشآت السياحية والفنادق والمطاعم السياحية ومكاتب ووكالات السفر والذي ترتب على إثره أن تم تسريح الآلاف العاملين من هذا القطاع والى إلحاق الخسائر في قطاع النقل الجوي والبري والبحري وخصوصا في قطاع النقل الجوي ( شركات الطيران ) التي حققت خسائر وصلت الى أكثر من 60% منذ مطلع العام 2011م ورغم ذلك فان خسائر هذا القطاع لا يمثل شيئاً أمام حجم خسائر قطاع المقاولات والبناء وأمام قطاعي الصناعة والزراعة والاتصالات والتي يصعب احتسابها بصوره دقيقة في ظل غياب وضعف المعلومات والإحصاءات للجهات المعنية في القطاع الخاص والمؤسسات الرسمية اليمنية ومراكز الإعلام والأبحاث والمعلومات المتخصصة . فعلى سبيل المثال فقط أن الخسائر الغير مباشرة لقطاع النقل الجوي تتمثل في انكماش الطلب الخارجي لقطاع السياحة في اليمن باختيار هولا السياح القادمين من وجهات سياحية أخرى ومتعددة غير اليمن جراء تدهور الوضع الأمني وازدياد توسع العمليات الإرهابية وكثرة الاختطافات والتقطع للسياح وعمليات القرصنة البحرية والجوية المستمرة وأيضاً العمليات العسكرية المتبادلة بين القوات الحكومية وبعض المتمردين كما أن القوات الحكومية تخوض عمليات ومعارك ضارية مع ما يسمى بتنظيم القاعدة والتنظيمات التابعة لها في أنحا متفرقة من البلاد وهناك حروب أخرى اشتدت ضراوتها منذ العام 2011 وحتى العام الجاري 2013م وهذا الأمر قد أدى الى التوقف والترقب والحذر من قبل السياح القادمين الى اليمن من مختلف الوجهات السياحية في العالم . كما أن التوسع والسيطرة من قبل تنظيم القاعدة والحراك الجنوبي المسلح في جنوب والحوثيين والسلفيين في الشمال بالإضافة الى هيمنة القبائل وتنظيم القاعدة في محاولة منهم للسيطرة على بعض المناطق في المحافظات الشمالية والشرقية ولو بصورة مؤقتة واعتدائهم على أبراج الكهرباء وتفجير أنابيب وخزانات النفط والغاز وهجماتهم المستمرة وقتالهم ضد القوات الحكومية بشراسة قد أدى هو الأخر الى هجرة وتوقف كثير من الاستثمارات المحلية والأجنبية والحذر من الأقدام على أي نشاطات تجارية أو استثمارية خلال هذه الفترة بسبب انعدام الأمن والأمان والاستقرار الاقتصادي وضعف القوة الشرائية للمواطنين اليمنيين وغياب دور الدولة في النظام والقانون، وهذا بالطبع قد شكل هبوطا حادا في مستويات الإنفاق الاستثماري الحالي بشكل اكبر وأعمق من ذي قبل . ويمكن القول أن ما حدث ويحدث اليوم من تدخلات إقليمية في الشأن الداخلي اليمني في تغذية العنف والتمرد ومن مواجهات وفساد بأنواعه ومن اختلالات ومن تدمير للاقتصاد اليمني سوف يخلق رد فعل معاكس من قبل اليمنيين ضد هذه القوى الحاقدة على اليمن وشعبه، كما أن يحدث اليوم من عنف وفساد منظم لنهب موارد الدولة وتمرد وتقطع بأنواعه الى الاعتداء على المرافق والمنشآت الحيوية العامة والخاصة بصورة تكاد أن تكون شبه يومية هو في الأساس شذوذ اجتماعي مرفوض من كل أفراد المجتمع اليمني بكل شرائحهم فالمواطنين اليمنيين بكل مستوياتهم ومذاهبهم وميولاتهم وانتماءاتهم يعيشون اليوم وبالأمس أخوه وأشقاء يدا واحده وجسدا واحدا ملتزمون بالتعاليم الإسلامية السمحاء وبالأعراف وبالعادات والتقاليد العربية والإسلامية الأصيلة فهذه القضايا كلها في اعتقادي لا يمكن حلها إلا من خلال استقلال اليمن وقواها السياسية والمشائخية من التبعية الخارجية وقيام الدولة بحسم المعركة لصالحها سياسيا وعسكريا واقتصاديا واجتماعيا وانتشال الاقتصاد الوطني من حالة الركود والجمود الى حالة الانتعاش والنمو المستدام للإنتاج والتصدير فالحكومات اليمنية المتعاقبة حتى اليوم كما نعرف جميعاً كانت تركز فقط على تعزيز جهودها في الجانب الأمني والعسكري ولم تفلح فيه حتى اللحظة لأنها لم تهتم كثيرا وتولي جل اهتمامها في قضية التنمية والنمو المستدام والإنتاج لصالح مواطنيها باتجاه تطبيق سياسات واستراتيجيات اقتصادية ناجحة بعيدة ومتوسطة وقريبة المدى بصوره صحيحة وسليمة غير منقوصة بحيث تتجاوب سريعا مع مقتضيات ومتطلبات الأوضاع الراهنة التي نعيشها اليوم والمستقبل المتطور لكل اليمنيين وإلا فان الجمود والركود والفقر العوز والوهن سيكون هو الأعمق والأطول عمرا في اليمن .