يمننا الغالي بكل امتداداته الجغرافية.. أرض واعدة بالخير والنماء والوفرة والعطاء لكننا نحن الذين لم نحسن استثمار كل موارده وخيراته وضعنا في تفاصيل غير ذات معنى وغير ذات جدوى.. شعبنا الأصيل الكريم المكافح المثابر المحب للخير لكن قواه ونخبه هي التي لم تُحسن توظيف سماته ومزاياه في اتجاه الخير وراوحنا عند المشكلات التي أثيرت دون أن نعمل على الخروج من مطباتها الكثيرة.. كلنا محبون للخير.. وكلنا قلوب عامرة بالخير, والحب والإنسانية, لكن الذي ينقصنا أننا لا نعرف كيف نُعبر عن هذه الصفات النبيلة.. وخبراتنا في الحياة في أن كيف نبتعد عن بعضنا, وأن لا نتعلم كيف نتازل لبعضنا, ولا في كيف نرتق الشقوق, وكيف نصنع معاً طريق توافق تجمعنا في الخير, ونبتعد عن «العناد» وفي إصرار البعض انه يمتلك كل الحقيقة, وانه يمتلك إرادة الخير, فيما غيره يبتعد عن هذه المزايا والسجايا.. ولذا تتسع الهوة مع أننا نعي تماماً أن البعض ونقول البعض تدفعهم الأنانية للابتعاد وإلى «التمترس» وإلى الانكفاء على الذات, وعلى الذات وعلى دواخل أنفسنا.. ومثل هؤلاء هم قلة وهم استثناء.. ولكن في الغالب العام نحن شعب طيب عاطفي.. شعب ينسى كل صراعاته وبسرعة يتقبل الآخر, ويتصالح فيه «مختلفوه».. وبسرعة يقبل أن يكبر على جراحه.. ولو أننا أحصينا صراعاتنا لذهلنا, ولكانت موروثاتها ديناميت ينسف كل جهد خير وكل اتفاق.. وكل التقاء.. نحن اليوم.. واللحظة الراهنة نحتاج لان نعمل بصدق اكبر وبجهد اكبر لنرمم تواصلنا ونزيل ركام المشاكل.. ونلتقي من أجل يمن جديد يمن معافى من كل المتاعب.. يمن يجتاز مخاطره المحدقة من أجل أجيالنا القادمة ومن أجل مستقبلنا.. * المشاكل ليست وليدة اليوم.. والمشاكل لن تتوقف لأنها هي واحدة من تفاصيل الحياة, ومن ملامح المفاهيم.. لكن يبقى أن نضع لها جدولة، وأن نبدأ بإيجاد حلول ومخارج لها تتم بالتوافق.. ويمكن بل من الضروري أن يبنى على مخرجات الحوار الوطني الذي يعتبر أول وأكبر وأوسع مصالحة وطنية..وأهم مشروع وطني قام على الشفافية وعلى المكاشفة.. وقام على الاعتراف المتبادل بوجود مشكلات, وتم التوافق على إيجاد خارطة طريق مناسبة وملائمة ليخرج بالبلاد والعباد مما هم فيه «واقعين».. العالم كله مبهور بنا.. ومندهش من مقدرتنا على صياغة ونسيج الفرح في عمق الحزن والخطر..ومقدرتنا على أن نُحول الدمعة والأنة والآهة إلى تغريدة عصفور وصوت شجن وفرح.. لنلتف في الخير.. لنصطف في ثقافة العطاء والانجاز والقبول بالآخر والتعايش معاً.