التفكير خارج سياق أننا جميعاً أبناء هذا الوطن والاقتناع بأن ليس لنا وطن غيره ويجب أن نؤمن أننا شركاء فيه وليس بمقدور أي طرف- أو قوى- أن يُقصي أو يُلغي الآخر ويفرض إرادته مستقوياً بعصبوية حزبية أو قبلية أو مناطقية أو طائفية أو مذهبية تعتمد التكتيكات التآمرية والعنفية والإرهابية.. فمثل هذا النهج أثبت فشله في الماضي ولم نجن منه إلاَّ كوارث الصراعات والحروب والأزمات والدمار والخراب والفوضى التي سئم منها اليمنيون ولو أصرت الأطراف على الاستمرار فيها فإنها بكل تأكيد هذه المرة لن تكون كسابقاتها وسيكون في مقدمة الخاسرين من تسبب بها ودفع اليمنيين إلى أتون لهيبها الذي سيأتي على الأخضر واليابس..لهذا لا خيار إلا التلاقي والتفاهم والحوار على أساس البحث عن قواسم مشتركة تتقاطع عندها ليس فقط القوى والأطراف المتصارعة بل اليمنيين جميعاً وهي موجودة ومجسدة في مخرجات الحوار الوطني وأية صعوبات وتحديات وأخطار سياسية واقتصادية أو أمنية يمكننا الانتصار عليها وتجاوزها لو حكمنا عقولنا وتركنا الماضي خلف ظهورنا واقتنعنا أننا أبناء الحاضر ونظرنا إلى المستقبل ببصيرة نافذة تستشرف آفاقه الرحبة وفضاءاته الواسعة الواعدة بالعطاءات الخيرة وبالنماء والتطور والتقدم لهذا الوطن والشعب الذي لم يعد قادراً على احتمال المزيد من الأوجاع والآلام والمآسي الناجمة عن إصرار البعض اختزال الوطن فيهم وفي مصالحهم الأنانية الضيقة الشخصية والحزبية المعبر عنها في إصرارهم على بقاء أجندة مشاريعهم الصغيرة متوهمين أن بإمكانهم إبقاء اليمنيين في مربع الارتهان لها.. صحيح أن هناك معضلات كبيرة وموروث اجتماعي سياسي اقتصادي عسكري وأمني ثقيل, لكن قضاياه ومشاكله ليست مستعصية على الحلول إذا ما توفرت الإرادة وغلبت الحكمة ووضعت مصلحة اليمن العليا وحاضره وغد أجياله نصب أعين المتصارعين بصفة خاصة واليمنيين بصفة عامة.. وهنا يكفي لتراجع تلك القوى حساباتها وتصوب مساراتها بالنظر إلى ما جرى ويجري من سفك للدماء ودمار وخراب فاق كل تصور يستوعبه أي عقل سليم في أكثر من بلد عربي وهو ما ينبغي الاتعاظ به لتستبدل الحماقة بشجاعة واعية تتمثل في الاعتراف بالأخطاء والخطايا ونقربصدق بفضيلة العودة إلى الحقيقة التي تجبرنا للجلوس معاً على طاولة الحوار ووضع كل الأوراق على طاولته ومناقشتها بصدق وجدية بغية الوصول إلى حل يضع حداً نهائياً لكل الأسباب والعوامل التي وضعتنا في دوامة الأزمات والاحتراب وهذا بكل تأكيد يتطلب الخروج من دائرة الرهان على منطق القوة والاستقواء الذي بات واضحاً وجلياً أنه لن يكون هناك طرف كاسب بل الكل خاسر.. ويبقى المكسب الحقيقي هو الانتصار لليمن وأبنائه جميعاً من خلال التوجه نحو التسامح والمحبة والسلام والوئام.. فإلى هنا وكفى أزمات وحروب عبثية.!.