دخل الجيش السوري الجمعة منطقة منبج الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديموقراطية في شمال سوريا، بعد طلب الأكراد المساعدة لمواجهة التهديدات التركية، وبالتزامن مع تطورات دبلوماسية متسارعة لصالح دمشق. ولطالما أثار مصير منبج في محافظة حلب توتراً بين أنقرة التي هددت باقتحامها، وواشنطن الداعمة لقوات سوريا الديموقراطية، قبل أن يعلن الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي قراره سحب قواته من سوريا. وقال أربعة مسؤولين أمريكيين إن قادة أمريكيين يخططون لانسحاب القوات الأمريكية من سوريا يوصون بالسماح للمقاتلين الأكراد الذين يحاربون تنظيم الدولة الإسلامية بالاحتفاظ بالأسلحة التي قدمتها لهم الولاياتالمتحدة في خطوة من المرجح أن تثير غضب تركيا حليفة واشنطن في حلف شمال الأطلسي. وأعلن الجيش السوري الجمعة دخول وحداته إلى منطقة منبج، بعد وقت قصير من توجيه وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية، دعوة إلى دمشق للانتشار في المنطقة لحمايتها من التهديدات التركية. وأورد الجيش السوري في بيان تلاه متحدث عسكري ونقله الإعلام الرسمي السوري "استجابة لنداء الأهالي في منطقة منبج، تعلن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة عن دخول وحدات من الجيش العربي السوري إلى منبج ورفع علم الجمهورية العربية السورية فيها". وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن عن "انتشار أكثر من 300 عنصر من قوات النظام والقوات الموالية لها على خطوط التماس بين مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية والقوات التركية مع الفصائل السورية الموالية لها". وقال إنهم فرضوا "ما يشبه طوقاً عازلاً بين الطرفين على تخوم منطقة منبج من جهتي الغرب والشمال". وكانت قيادة الوحدات الكردية قد دعت الجمعة دمشق "إلى إرسال قواتها المسلحة" من أجل "حماية منطقة منبج أمام التهديدات التركية". وصعّدت تركيا، التي تصنف الوحدات الكردية ب"الإرهابية"، مؤخراً تهديداتها بشن هجوم جديد ضد مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية، بدءاً من مدينة منبج وصولاً إلى مناطق أخرى في شمال شرق البلاد. وسارعت أنقرة الى الردّ على التطورات الاخيرة بأن الوحدات الكردية التي "تسيطر على المنطقة بقوّة السلاح ليس لها الحق أو السلطة بأن تتكلم باسم السكان المحليين أو أن توجه دعوة لأيّ طرف كان"، محذرة كل الأطراف من مغبّة القيام "بأي عمل استفزازي". وبعد إعلان الجيش السوري الجمعة، شاهد مراسل وكالة الأنباء الفرنسية فصائل موالية لأنقرة ترسل المزيد من القوافل العسكرية إلى محيط منبج، فضلاً عن انتشار مدرعات تركية في المنطقة. وكانت أنقرة أرسلت خلال الأيام الماضية تعزيزات عسكرية إلى المنطقة الحدودية مع سوريا، ودخلت قواتها أيضاً إلى مواقع قريبة من خطوط التماس قرب منبج. وعززت الفصائل الموالية لها تواجدها. وبدوره أعتبر المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف أن "توسيع منطقة سيطرة القوات الحكومية السورية هو بالتأكيد توجه إيجابي". وقال إنّه سيتم بحث المسألة السبت خلال زيارة يجريها وزيرا الخارجية والدفاع التركيان إلى موسكو ستسمح ب"تنسيق التحرّك" بين روسيا، حليفة دمشق الرئيسية، وتركيا. وأوضحت نائبة الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في منبج نورا الحامد المفاوضات مع دمشق بشأن منبج "تمت برعاية روسية"، مشيرة إلى أن "قوات النظام لن تدخل مدينة منبج نفسها، بل ستنتشر عند خطوط التماس" مع القوات التركية والفصائل. وتصاعد نفوذ الأكراد في سوريا منذ العام 2012 بعد عقود من التهميش وتسيطر قوات سوريا الديموقراطية التي ينضوون فيها على نحو 30 في المئة من مساحة البلاد، تتضمن حقول غاز ونفط مهمة. وتأتي هذه التطورات بعد أكثر من أسبوع على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره سحب قواته الداعمة للمقاتلين الأكراد من سوريا، بعد تحقيقه، وفق قوله، هدف إلحاق "الهزيمة" بتنظيم الدولة الإسلامية. وأثارت تهديدات تركية سابقة توتراً بين واشنطنوأنقرة إلى أن تم التوصل إلى خارطة طريق انسحبت بموجبها الوحدات الكردية من منبج في يوليو الماضي وبدأ التحالف الدولي بقيادة واشنطن تسيير دوريات فيها. وبقيت المدينة ومحيطها تحت سيطرة فصائل منضوية في إطار قوات سوريا الديموقراطية. لكن تركيا تصر على أن المقاتلين الأكراد لا يزالون موجودين.ولم يتضح ما إذا كانت قوات التحالف ستبقى في منبج بعد انتشار الجيش السوري. وأعلن الجيش الأميركي الجمعة أن قوات النظام السوري لم تنتشر في منبج وقال اللفتنانت كولونيل ايرل براون المتحدث باسم القيادة الوسطى الاميركية "رغم المعلومات غير الصحيحة عن التغيرات التي طرأت على القوات العسكرية في مدينة منبج (التحالف)، ليس هناك أي مؤشر إلى صحة ذلك". وتأتي التحركات العسكرية الأخيرة بعد تطورات دبلوماسية على أكثر من مستوى لصالح دمشق، آخرها إعادة الإمارات الخميس افتتاح سفارتها فيها بعد سبع سنوات من إغلاقها، ثم إعلان البحرين ليلاً "استمرار العمل" في سفارتها. وكانت دول خليجية، بينها الإمارات، طلبت من سفرائها مغادرة سوريا في فبراير 2012 وقدمت دعماً للمعارضة السياسية والمقاتلة. كما علقت جامعة الدول العربية عضوية دمشق فيها في نوفمبر 2011. وتستضيف تونس مارس المقبل دورة جديدة للقمة العربية التي لم يتضح بعد ما إذا كانت ستتم دعوة سوريا إليها.